الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

تحليل إخباري | الإمارات وتركيا.. مصالح اقتصادية ومساعٍ لفتح آفاق واعدة

تحليل إخباري | الإمارات وتركيا.. مصالح اقتصادية ومساعٍ لفتح آفاق واعدة

ولي عهد أبوظبي يستقبل الرئيس التركي في حضور وفدي كلا البلدين. ( أ ف ب )

الإمارات تنطلق من قراءة مستقبلية صحيحة للمعادلات السياسية والاقتصادية

إرادة سياسية حقيقية لتحسين وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات

يوماً بعد يوم، يكتسب النهج والنموذج الإماراتي، في المنطقة العربية والشرق الأوسط وغرب آسيا وكل العالم، زخماً وقوة كبيرة، لأنه يقوم على أدوات وأهداف وطنية وعربية وإنسانية راسخة، تبدأ وتنتهي عند تعزيز السلام والاستقرار، وتهدئة التوترات، وتبريد الصراعات، وبناء الجسور، والتعاون والشراكة بين الدول والشعوب.

قراءة مستقبلية

كما ينطلق النموذج الإماراتي من قراءة مستقبلية صحيحة للتفاعلات والمعادلات السياسية والاقتصادية كافة، فالإمارات تؤمن بأن مساحات الاتفاق بين الشعوب كبيرة، ما يعزز العلاقات بين الدول والمجتمعات، على أساس من الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة. ويدعم هذه التوجه ما لدى الإمارات من الدبلوماسية الحيوية والمتنوعة، في مقدمتها الدبلوماسية الاقتصادية التي ثبت فاعليتها في بقاء واستمرار بل وتعظيم التقارب بين جميع الدول، ولهذا تحرص القيادة الإماراتية، على العمل من أجل تطوير وتعزيز العلاقات الإماراتية مع شعوب العالم كافة. وتجسد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإمارات، الاستنارة السياسية للقيادة الإماراتية، وقدرتها على استكشاف فرص التعاون والاستثمار والتجارة مع جميع الدول، بما يعزز من السلام والرخاء والازدهار لشعوب المنطقة كافة، خاصة أن كلاً من الإمارات وتركيا، تلعبان دوراً كبيراً في صياغة مجمل المعادلات السياسية والاقتصادية في المنطقة، فما هي الآفاق التي تنتظر العلاقات الإماراتية - التركية؟ وكيف يمكن البناء على زيارة الرئيس أردوغان للإمارات؟



بداية جديدة

وتأتي زيارة الرئيس التركي رداً على الزيارة الناجحة، التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتركيا في 24 نوفمبر الماضي، التي أعقبها زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو للإمارات، في شهر ديسمبر الماضي، وهو ما يؤكد أن العلاقة بين البلدين، في الوقت الراهن، تقوم على إرادة سياسية حقيقية لتحسين وتطوير العلاقة بين البلدين، ولهذا أخذت العلاقة بين الإمارات وتركيا منعطفاً إيجابياً منذ الزيارة التاريخية، بحسب وصف الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، للزيارة التي قام بها سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني الإماراتي لتركيا في 18 أغسطس الماضي، والتي مهدت لزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لتركيا، والتي جاءت في سياق إقليمي من التقارب التركي مع الدول العربية.

فقد جرت جولتان من المفاوضات الاستكشافية بين القاهرة وأنقرة، في شهري أبريل وسبتمبر 2021، كما قام وزير الخارجية التركي بزيارة للرياض في 10 مايو الماضي، بالإضافة إلى الاتصال الهاتفي بين الرئيس التركي وخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز في 18 يوليو الماضي.

الشريك التجاري الأكبر

وتنتظر العلاقات الإماراتية التركية آفاقاً واسعة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية كافة، في ظل ما يتمتع به اقتصاد البلدين من تنوع يسمح بتحقيق الاستفادة للبلدين الصديقين؛ فالإمارات تعد من أكثر دول العالم التي تعمل على تحقيق قيمة مضافة تقوم على مبدأ المكاسب للجميع في الاستثمار والتجارة، ولهذا تم تأسيس صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار المشترك بين البلدين، والذي سوف يركز على الاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات مثل الصحة والطاقة والغذاء.

فتركيا ترى في الإمارات سوقاً كبيراً للأغذية والصناعات الغذائية التركية، حيث تعمل نحو 2000 شركة تركية في مجال الغذاء في السوق الإماراتي، وفق ما قاله بكر باكدميرلي، وزير الزراعة والغابات التركي أثناء زيارته لمعرض «إكسبو دبي 2020»، والذي أكد فيه أن الإمارات هي الشريك التجاري الأول لتركيا في منطقة الخليج.

أرقام قياسية

وتشهد العلاقات الاقتصادية بين تركيا والإمارات، نمواً كبيراً في جميع القطاعات والمجالات، ووفق أرقام 2019 فقد بلغت صادرات الإمارات إلى تركيا 4.3 مليار دولار، فيما بلغت صادرات تركيا إلى الإمارات 3.5 مليار دولار، وبلغ حجم التجارة البينية بين الدولتين ذروته في عام 2017 بقيمة 14.7 مليار دولار، حيث يعمل على السوق التركي نحو 400 شركة إماراتية، تعمل بشكل رئيسي في شمال غرب تركيا ومنطقة بحر مرمرة، وتتركز أساساً في قطاعات مثل العقارات والمصارف والسياحة.

ويعمل مجلس الأعمال الإماراتي- التركي المشترك، الذي تأسس منذ عام 2005 على تعميق التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، وما يشير إلى وجود قاعدة صلبة وتاريخ حافل يؤسس لتعاون وآفاق مستقبلية واعدة للعلاقات الاقتصادية بين الإمارات وتركيا، هو حجم الأعمال والاستثمارات التي جرت خلال آخر 10 سنوات. وبحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في الإمارات، فقد بلغ حجم التجارة غير النفطية بينهما نحو 363 ملياراً و695 مليون درهم في الفترة من 2012 حتى 2021، منها 158 ملياراً و651 مليون درهم صادرات إماراتية لتركيا، ومنها 205 مليارات درهم واردات من الجانب التركي، بينما في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 2021، بلغت التجارة البينية بين البلدين 37 ملياراً و499 مليون درهم، ما يجعل تركيا سادس شريك تجاري للإمارات، بعد الصين والهند والسعودية وأمريكا والعراق، حيث بلغت صادرات الإمارات 11.411 مليار درهم، بينما استوردت من تركيا بـ26.08 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المنصرم. كل هذه الأرقام والإحصاءات، تؤكد أن زيارة الرئيس التركي أردوغان للإمارات تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والمصالح بين البلدين.