السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

حسام زكي أمام مجلس الأمن: سوريا تعيش أزمة إنسانية كارثية

حسام زكي أمام مجلس الأمن: سوريا تعيش أزمة إنسانية كارثية

حسام زكي أمام مجلس الأمن

قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، إن الذكرى الحادية عشرة لاندلاع الأزمة السورية تتزامن مع اضطرابات عالمية خطيرة، تفرض تحديات إضافية على المجتمع الدولي وخطط استجابته للأزمات الإنسانية، ومن المتوقع ألا تكون الأزمة السورية بمنأى عن هذا المشهد القاتم، الذي يلقي بظلاله على حالة السلم والأمن الدولي.

وأضاف زكي في كلمته خلال جلسة الأمن حول الأزمة الإنسانية في سوريا، الخميس، أن الأمل ما زال يحدونا في أن تتغلب لغة الدبلوماسية على لغة السلاح والاقتتال، إلا أن مخاوفنا تتزايد كل يوم مع تزايد معدلات النزوح في الحرب الدائرة في أوكرانيا، على نحو يطرح أمام المجتمع الدولي مسؤوليات ضخمة، لا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع التحديات والأزمات الإنسانية التي تزايدت وتيرتها مع تصاعد وتيرة الصراعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم.

وتابع أن كل الأبعاد المتعلقة بالصراع السوري في تشكيل أزمة إنسانية كارثية طالت جميع أبناء الشعب السوري بغض النظر عن مناطق تواجدهم، وانعكست آثارها المفجعة على عدة أجيال منه، وتفاقمت حدتها في ظل تزايد معدلات اللجوء والنزوح وتردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وارتفاع معدلات الفقر، فضلاً عن تردي الأوضاع الصحية في ظل جائحة كوفيد، والدمار الذي لحق بالمؤسسات العلاجية والتي تخضع لعقوبات تجعلها عاجزة عن أداء أبسط مهامها الإنسانية.

وأوضح، أن التقديرات تشير إلى أن 90% من أبناء الشعب السوري يعيشون حالياً تحت خط الفقر، ويعاني نحو 12.5 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، وقد أدت سنوات الصراع إلى نزوح ولجوء أكثر من 12 مليون سوري، أي نصف سكان البلد تقريباً، وهي حالة فريدة – للأسف- في التاريخ المعاصر، وأصبح هناك أكثر من 14 مليون سوري في حاجة للمساعدة الإنسانية، إضافة إلى وجود عشرات الآلاف من المحتجزين والمختطفين والمفقودين.

وقال زكي، إن جامعة الدول العربية تدرك الآثار الخطيرة لهذه الأزمة على الاستقرار في المشرق العربي، بل وفي المنطقة العربية على اتساعها، وتتابع تداعياتها وآثارها المؤلمة التي تطال الدول المجاورة لسوريا، لا سيما الدول العربية المستضيفة للسوريين وفي مقدمتهم لبنان والأردن، اللتان تتحملان أعباء ضخمة في سبيل توفير الإغاثة والخدمات الأساسية للنازحين السوريين، رغم ما يشكله ذلك من ضغوط كبيرة على البنى التحتية والقطاعات الحيوية في تلك الدول خاصة قطاعي التعليم والصحة، فلبنان يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين السوريين نسبة إلى عدد سكانه، والأردن يستضيف ما يزيد على مليون سوري منذ بداية الصراع، وهو ما يضع عبئاً هائلاً على كاهل دولة ليست ذات موارد كبيرة.

وأشار إلى تطلع الجامعة العربية لأن يسهم «مؤتمر بروكسل السادس لدعم مستقبل سوريا والمنطقة» والمقرر عقده 10 مايو المقبل، في التخفيف من حدة هذه المأساة الإنسانية التي طال أمدها، وحشد الدعم اللازم لمساندة الدول المستضيفة للنازحين السوريين.

وأكد على أن دعم النازحين واللاجئين هو مسؤولية تشاركية بين المجتمع الدولي والدول المستضيفة، دونما تمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين كما بتنا نسمع مؤخراً بكل أسف، فاللاجئ والنازح من نزاع مسلح هو إنسان قبل أي اعتبار، انهارت ظروف حياته الطبيعية دون رغبة منه أو قدرة على مواجهة الواقع الصعب، فالاهتمام بهم والتضامن مع أحوالهم وتقديم يد المساعدة لهم إنما هو من صميم مسؤوليات المجتمع الدولي بكل مكوناته، ونأمل أن يضطلع كل طرف بما عليه في هذا الخصوص.

وأوضح أن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية اعتمد في 9 مارس قراره حول الأزمة السورية، وأهم ما جاء في القرار الذي يشكل أساس الموقف العربي من الشق الإنساني في الأزمة، أن هناك قلقاً عربياً كبيراً من تدهور الأوضاع الإنسانية، ومن العواقب الكارثية التي يمكن أن تترتب على استمرار العنف في مناطق متفرقة من سوريا على الرغم من ثبات خطوط التماس في شمال غرب وشمال شرق البلاد على مدى 20 شهراً، وهناك اهتمام بتثبيت الاستقرار والتصدي لظواهر انعدام الأمن والاغتيالات وتهريب المخدرات في الجنوب السوري، لتمكين اللاجئين من العودة الطوعية إلى وطنهم ووقف تفاقم الأوضاع في الجنوب، مشيراً إلى أنه يوجد قلق مشروع إزاء الأوضاع الإنسانية المتردية التي يشهدها مخيم الهول وتجمع الركبان، ولذلك فهناك مطالبة من الأطراف الدولية والسورية بتحمل مسؤولياتها والسماح بتأمين ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية من الداخل السوري، والتأكيد على أهمية عودة كل قاطني الركبان إلى مناطقهم، وتفكيكه وإخلائه بشكل تام.

وأضاف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أن هناك قلقاً مبرراً وحقيقياً إزاء أية ترتيبات جديدة على الأرض من شأنها أن تشكل تهديداً لوحدة الأراضي السورية، والرفض القاطع لكل المحاولات التي تهدف إلى فرض تغييرات ديموغرافية قد ترسخ لواقع جديد على الأرض السورية، وكذلك للاستباحة الجوية المستمرة للأجواء السورية من جانب إسرائيل.

وأوضح أن مجلس الجامعة، رحب باعتماد مجلس الأمن القرار 2585 (2021) بشأن تجديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية، وطالب الدول المانحة بسرعة الوفاء بتعهداتها التي أعلنت عنها في مؤتمرات المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا.

وأعرب زكي، عن تخوف الجامعة الحقيقي من انعكاسات وتداعيات الحرب في أوكرانيا على الأزمة السورية، سواء كان ذلك ميدانياً أو في تعامل مجلس الأمن معها، فما يواجهه النظام العالمي من تحديات خطيرة على خلفية الحرب يدفعنا إلى التأكيد مجدداً على أهمية ألا يتضاءل الاهتمام الدولي بالاحتياجات الإنسانية الملحة، أو ألا يتمكن المجلس من التعامل مع الشق الإنساني تحديداً لأسباب سياسية بحتة.

وأعرب، عن تطلع الجامعة العربية لاستمرار آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، وتجديدها في يوليو المقبل، وبحيث يبتعد بهذا الموضوع الإنساني عن التسييس بسبب الأوضاع الحالية. معتبراً تجديد قرار مجلس الأمن 2585 أمراً حيوياً بالنسبة لمصير ملايين المحتاجين من الشعب السوري.

وأكد، أن الأزمة الإنسانية في سوريا لن تجد طريقها إلى الحل سوى عبر تسوية سياسية شاملة تستند إلى التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري في تحديد مستقبله بحرية، لافتاً إلى أن الحل السياسي وحده يظل السبيل لإنهاء الصراع وخلق مناخ آمن ومحايد يضمن العودة الآمنة والكريمة والطوعية لملايين المشردين والنازحين واللاجئين، مجدداً في هذا الإطار دعم الجامعة العربية لجهود المبعوث الأممي جير بيدرسون، والتعهد بمواصلة التعاون معه.