الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

خاص | الحرب الأوكرانية.. سوريا ساحة مواجهة بين روسيا وأمريكا

خاص |  الحرب الأوكرانية.. سوريا ساحة مواجهة بين روسيا وأمريكا

الطائرات الروسية التي تنطلق من سوريا في شرق البحر الأبيض المتوسط اعترضت 3 طائرات استطلاع أمريكية فبراير الماضي

سوريا الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد على أراضيها الجيشان الروسي والأمريكي

روسيا تتهم المخابرات الأمريكية بتشكيل خلايا لمهاجمة قواعدها في حميميم واللاذقية

كشفت الحرب الروسية الأوكرانية أن الحشد العسكري بين روسيا وحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة ليس فقط على جانبي الحدود الروسية الأوكرانية، بل امتد لجبهات قريبة مثل الحدود البيلاروسية مع أوكرانيا، وحدود دول الجناح الشرقي في حلف الناتو، مثل بولندا وليتوانيا وإستونيا ولاتفيا مع روسيا، لكن ما لم يتوقعه الكثيرون أن تتحول سوريا إلى ساحة للمواجهة بين أدوات وطائرات الولايات المتحدة وروسيا ليس فقط داخل الأراضي السورية، بل في الساحل السوري والمياه والأجواء السورية، بعد أن كشفت وزارة الدفاع الأمريكية أن الطائرات الروسية التي تنطلق من سوريا في شرق البحر الأبيض المتوسط اعترضت 3 طائرات استطلاع أمريكية في شهر فبراير الماضي قبل اندلاع الحرب بأيام قليلة، وكانت الطائرات الروسية قريبة للغاية من الطائرات الأمريكية، وهو ما شكل تهديداً خطيراً، وفق شبكة «سي إن إن»، الأمر الذي دفع وزارة الدفاع الأمريكية لإبلاغ روسيا رسمياً بالمسارات الجوية التي تسير فيها الطائرات الأمريكية.وتنذر هذه الحوادث واقتراب الجانبين عسكرياً من بعضهما البعض بعواقب وخيمة حسب بيان لوزارة الدفاع الأمريكية، الذي قال إن الطائرات الأمريكية الثلاث وهي من طراز «إيه بي 8» لم تتعرض لأذى، لكن الخطير في الأمر ما كشفه المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، الكابتن مايك كافكا، والذي قال إن اعتراض الطائرات الروسية لنظيرتها الأمريكية جرى شرق المتوسط في المياه الدولية وليس أمام المياه الإقليمية السورية، وهو ما يعني وجود تعقب لنشاط كل طرف من الجانب الآخر.

تربص على الأراضي السورية

يتزامن مع الشكوى والاعتراضات الأمريكية على سلوك الطائرات الروسية في شرق المتوسط، تحذير وشكوى مماثلة من الجانب الروسي بعد أن أعلنت روسيا أن لديها المعلومات الكاملة والأدلة الموثقة عن نية أجهزة المخابرات الأمريكية في سوريا العمل مع مجموعات مسلحة متطرفة للقيام بعمليات عسكرية ضد القوات الروسية في سوريا، وفق ما نقلته وكالة تاس الروسية. وأن الجيش الروسي في سوريا لديه المعلومات عن خطة أمريكية لتعبئة خلايا نائمة لمتطرفين للقيام بهجمات عسكرية ضد الجيش الروسي في سوريا، وأن القوات الروسية في سوريا تتخذ إجراءات مناسبة للتعامل مع أي حوادث محتملة من هذا النوع، وأن أبرز المناطق التي تعمل المخابرات الأمريكية على استهداف الجيش الروسي فيها هي العاصمة دمشق وريفها، بالإضافة لمنطقة اللاذقية والساحل السوري، وفق ما قاله نائب وزير الخارجية الروسي، أوليغ سير ومولوتوف، فهل يؤشر التوتر في أوكرانيا إلى احتمال اندلاع نزاع عسكري روسي أمريكي في الأراضي السورية؟ وما هي عناصر القوة لدى الجانبين الروسي والأمريكي في الجبهة السورية؟

إقرأ أيضاً.. خاص | «اللدغة القاتلة».. هل تكرر الحرب الأوكرانية سيناريو برلين؟

جبهة أمريكية روسية

سوريا هي الدولة الوحيدة في العالم التي يتواجد فيها الجيشان الروسي والأمريكي، ورغم الوجود الروسي القديم في ميناء اللاذقية، إلا أنه في 30 سبتمبر 2015 حصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من مجلس الدوما على تفويض بالإجماع لنشر القوات الروسية في سوريا، والتي شهدت نقل الكثير من الأسلحة الروسية الفتاكة الى سوريا لقتال المجموعات المسلحة التي كانت قريبة جداً من دمشق في ذلك الوقت، وبدأت روسيا منذ ذلك الوقت في نشر طائرات هجوم أرضي من نوع سوخوي-25، و المقاتلات الاعتراضية من نوع سوخوي-24، والقاذفات متوسطة من نوع سوخوي سو-34، و سوخوي سو-30 متعددة الأدوار، بالإضافة إلى مروحيات متعددة منها مروحية مي-24 هايند الهجومية في مطار باسل الأسد الدولي قرب اللاذقية، والتي تقوم بحماية أنظمة الدفاع الجوي إس إيه-22، وطائرات مسيرة تشبه طائرة إم كيو بردتور الأمريكية، كما تضم الترسانة العسكرية الروسية في سوريا دبابات من طراز تي-90، وقاذفات بي إم-30 سميرتش التي تنتشر قرب اللاذقية لحماية الساحل السوري والقاعدة البحرية الروسية هناك. وفق عدد من وكالات الأنباء الروسية. وفي نهاية نفس عام 2015 أرسلت الولايات المتحدة نحو 2000 جندي أمريكي إلى سوريا لمحاربة تنظيم داعش، لكن في 19 ديسمبر 2018 بدأ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في تقليص عدد القوات الأمريكية في سوريا، والتي تنتشر بشكل خاص الآن في مناطق شمال وشمال شرق سوريا في المناطق التي تسيطر عليها قوات محلية يطلق عليها «قوات سوريا الديمقراطية» وغالبيتها من الأكراد السوريين، وتنتشر القوات الأمريكية في عدة محافظات أبرزها محافظة الحسكة بالقرب من الحدود العراقية التركية، كما تنتشر في قاعدة التنف الشهيرة عند مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، وفي منطقة الشدادي الواقعة بين محافظتي الرقة ودير الزور، كما يتواجد الأمريكيون في موقع مدينة كوباني، والتي شهدت موقعة تاريخية بين داعش والقوات الكردية عام 2015. بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

الحشد البحري

لا يقتصر الحشد الروسي والأمريكي على البر السوري، بل تتزاحم القطع البحرية الروسية والأمريكية في إقليم شرق المتوسط حول الأراضي والمياه السورية، ففي الوقت الذي تشكل فيه سوريا القاعدة العسكرية الثابتة لروسيا، قامت الولايات المتحدة بتعزيز وجودها في الآونة الأخيرة عند مخرج البحر الأسود في شرق المتوسط، ولهذا عندما اندلع التوتر في أوكرانيا بدأت روسيا في تنشيط قواعدها العسكرية في الساحل السوري، واستضافت الموانئ السورية القطع العسكرية الروسية العملاقة، حيث أرسلت روسيا 6 سفن إنزال كبيرة من أسطول الشمال وأسطول بحر البلطيق، التي وصلت إلى المركز اللوجيستي للبحرية الروسية في طرطوس في الأسبوع الأول من شهر فبراير الماضي، وتضم سفن بيوتر مورغونوف وغيورغي بوبيدونوسيتس وأولينيغورسكي غورنياك و كوروليف و مينسك و كالينينغراد، تحت إشراف القائد العام للقوات البحرية، الأميرال نيكولاي إيفمينوف، وفق بيان المكتب الصحفي لوزارة الدفاع الروسية.

على الجانب الآخر عززت الولايات المتحدة وجودها البحري في شرق المتوسط باتفاقية عسكرية في 15 أكتوبر الماضي لتوسيع الوجود الأمريكي في 4 قواعد عسكرية جديدة في الجزر اليونانية، وخاصة في خليج سودا بجزيرة كريت، وفي شمال شرق سوريا توجد قاعدة إنجرليك التركية التابعة لحلف الناتو، وهي من أكبر قواعد الناتو في المنطقة، وتشكل مع القواعد الأمريكية في اليونان، وخاصة جزيرتي لاريسا وكريت، أدوات قوية في يد الولايات المتحدة.

إقرأ أيضاً..بوتشا.. مدينة جديدة تتصدر مشهد الصراع الروسي الأوكراني

قوات على الأرض

لا يملك فقط طرفا الصراع الروسي الأمريكي قوات جوية وقواعد عسكرية في سوريا، بل لديهما قوات برية محلية على الأرض، ففي الوقت الذي تدعم فيه الحكومة السورية وقوات حزب الله والعناصر التابعة لإيران الجيش الروسي في سوريا، يبقى للولايات المتحدة حلفاؤها على الأرض، سواء من العرب أو الأكراد في شرق وشمال شرق سوريا في المدن والبلدات التي تقع شرق نهر الفرات.

انتقال سوريا الى أوكرانيا

ليس هذا كل شيء فالحكومة السورية بكل داعميها تعمل على دعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا لهذا أعلنت سوريا دعمها للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وأبدت استعدادها للاعتراف بجمهوريتي لوجانسك ودونيتسك، لكن الأخطر ما قالته قناة روسيا الأولى بأن مقاتلي الفصائل المسلحة في إدلب نقلوا عناصر لهم لقتال الروس في أوكرانيا، على الجانب الآخر وجه الرئيس بوتين بتسهيل وصول المقاتلين السوريين الذين يشعرون بالامتنان لروسيا لمساعدتهم ضد المجموعات المسلحة ويريدون رد الجميل لها في أوكرانيا

جددت الحرب الروسية الأوكرانية الاهتمام بالساحة السورية باعتبارها من أهم الجبهات التي تقف فيها روسيا والولايات المتحدة وجهاً لوجه، وإجراء روسيا للمناورات البحرية هذا الأسبوع في شرق المتوسط وبالقرب من قواعدها البحرية في سوريا يؤكد ضرورة وجود خطوط ساخنة بين واشنطن وموسكو حتى لا تندلع مواجهة مباشرة بين الطرفين هنا في سوريا.