الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

بعد 34 عاماً.. أطفال الأردن في انتظار تصديق البرلمان على قانون حقوقهم

بعد 34 عاماً.. أطفال الأردن في انتظار تصديق البرلمان على قانون حقوقهم

مجلس النواب الأردني (رويترز)

الصبح: خطوة نحو الأمام.. وكلش: طال انتظاره

عبده: التزام دولي.. وعوض يحذر من تجميد التطبيق

تتطلع منظمات المجتمع المدني الأردني الخاصة بحقوق الطفل، إلى تصديق البرلمان على قانون حقوق الطفل الذي أرسلت الحكومة مسودته إلى مجلس النواب، خصوصاً بعد تعطل دام لأكثر من 30 عاماً نادت خلالها الأصوات الحقوقية بضرورة وجود تشريع وطني يحمي حقوق الأطفال، ويقدم لهم الرعاية اللازمة في كل مناحي الحياة، وبما يتماشى مع الالتزامات الدولية المترتبة على انضمام الدولة للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.وينظر حقوقيون ومراقبون إلى إرسال مسودة القانون للبرلمان الأسبوع الماضي، على أنها خطوة إيجابية ودليل على وجود الإرادة السياسية لإنفاذ هذا القانون الذي طال انتظاره، رغم وجود بعض الملاحظات التي سيناقشها البرلمان بين أعضائه ثم مع منظمات المجتمع المدني في وقت لاحق قبل إصداره، بحسب حقوقيين أردنيين تحدثوا لـ«الرؤية».ويرى الحقوقي الأردني، رياض الصبح، أن مسودة القانون بها إشكالية تتعلق بإظهار مدى جدية الدولة من حيث رعاية حقوق الطفل، والقضية غير خلافية وتحظى بإجماع عالمي، إذ وقعت كل دول العالم على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، باستثناء دولة واحدة، والأردن لديه تحفظان على الاتفاقية الدولية: «التبني» و«حرية الدين» لدى الأطفال.

توفير البنية التحتية

وقال الصبح في تصريحات خاصة، إن فكرة وضع قانون وطني يتعلق بحقوق الطفل بدأت في التسعينيات، واستغرقت نحو ربع قرن لنصل إلى المسودة الحالية، متابعاً: «من غير المعقول أن تستغرق قضية كهذه كل هذا الوقت، والحكومة عادة تتذرع بالإمكانات الاقتصادية». وتابع: «بالقياس بقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الأردني، فالحكومة تتذرع بالكلفة، وهناك أشياء كثيرة قد لا تحتاج إلى كلفة وعندنا مسائل مكفولة للطفل الأردني حتى بعدم وجود هذا القانون»، لافتاً إلى أن أداء الحكومة لا يتسم بالالتزام الجاد في تطبيق بعض القوانين، ومنها قانون حقوق الأطفال ذوي الإعاقة.واستطرد: «تقرير المجلس الأعلى لحقوق ذوي الإعاقة (مؤسسة وطنية) أفاد بأن نحو 80% من الأطفال المعاقين لم يلتحقوا بالمدرسة، رغم أن نسبة الأمية قليلة في الأردن، لكن التحاق هذه الفئة قليل جداً بسبب ضعف البنية التحتية في المدارس، فهي غير مؤهلة لدمج الأطفال ذوي الإعاقة، وهذه إشكالية تحدث في تطبيق القوانين». وأشار إلى أن القانون الجديد لن يضيف جديداً في مسألة التعليم، إذا لم تتوفر البنية التحتية اللازمة للتطبيق، والأشخاص ذوي الإعاقة لن يجدوا أثراً له، ولدينا سابقة بخصوص منع عمالة الأطفال، التي لم تتحقق مع الأسف.وأكد أن مجرد وجود نية لإقرار مثل هذا القانون خطوة نحو الأمام، متابعاً: «القانون لا يزال مسودة، ولا نعرف شكله النهائي، وسننتظر النتيجة بعد العرض على مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، ونراقب الخطوات الجدية التي ستتخذها الحكومة من وضع البنى التحتية اللازمة لهذا الموضوع».

إشكالية مادية

وقالت مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية بالأردن ليندا كلش، إن أول مسودة خاصة بحقوق الطفل الأردني كانت سنة 1988، وللأسف الشديد بعد إرسالها لمجلس النواب في 2004 لم يصوت عليها، وظلت حبيسة الأدراج إلى أن سحبها مجلس الوزراء في عام 2008، وأعيد الكلام في قانون الطفل ونقاشه عدة مرات ولم يصدر حتى الآن، لكن مجلس الوزراء وافق على المسودة الجديدة، وننتظر ما ستسفر عنه مناقشتها في مجلس النواب.وأضافت كلش، في تصريحات خاصة، أن كل هذا التأخير بسبب أمور تخص خزينة الدولة، لأن مثل هذا القانون يلزم الحكومة بتوفير الرعاية الصحية الكاملة للأطفال، والتعليم الإلزامي الذي تكفله الدولة، رغم وجود دراسة سابقة أكدت أن كلفة تطبيق القانون ستكون في حدود 71 مليون دينار أردني سنوياً، وهو رقم ليس كبيراً في سبيل توفير الصحة وإدراج الأطفال في رياض الأطفال بصورة إلزامية بالمجان.وتابعت: «نأمل أن يصادق مجلسا النواب والأعيان على القانون، حتى يرى النور، طالما هناك إرادة سياسية لتطبيقه، لافتة إلى أن القانون جاء مطابقاً لاتفاقية حقوق الطفل الدولية، حيث نص على حقوق مثل الترفيه، والحق في الصحة، وغيرها من الأمور، ونسب الطفل خارج الزواج واستخراج الشهادات الرسمية له». وأشارت كلش، إلى أن الإشكالية الكبيرة هي ضمانات تطبيق القوانين، والممارسات العملية للحكومة، لافتة إلى أن المسودة تتضمن تأجيل الالتزامات المترتبة على إقرار القانون على خزينة الدولة إلى 10 سنوات، وهو أمر غريب، فقانون ظل مطلباً ملحاً لنحو 34 عاماً يتم تأخيره 10 سنوات أخرى. واستطردت: «رغم كل المآخذ، مهم جداً أن تكون هناك إرادة سياسية لوضع إطار قانوني خاص بحماية ورعاية وصون حقوق الأطفال».

المصلحة الفضلى للطفل

من ناحيتها، قالت الإعلامية والحقوقية الأردنية عبيدة عبده، إن مسودة القانون التي استلمها مجلس النواب للمناقشة والتصويت على الموافقة فيما بعد وضمن مراحل دستورية معمول بها داخل الدولة أخذت مخاضاً طويلاً منذ سنوات، وكان الهدف الرئيسي أن يكون متكيفاً مع معايير حقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الأردن في 2006، وارتأت الدولة الأردنية ضرورة وجود قانون بالتعاون والتشبيك مع منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الوطنية، خصوصاً أن أي اتفاقية دولية تنضم إليها دولة تصبح ملزمة بالنسبة للمنظومة التشريعية المحلية. وأضافت عبده، في تصريحات خاصة، أن الغاية الأساسية من المسودة تحقيق المصلحة الفضلى للأطفال الأردنيين وغير الأردنيين المقيمين على أرض الدولة، من الرفاهية والكرامة الإنسانية والخدمات الصحية والمعنويات النفسية السوية والسليمة، وهو الهدف الأساسي في حال نفاذ القانون، بالإضافة إلى معالجة التسرب من التعليم، ومشكلة التأخر في العلاج اللازم والخدمات الطبية لأطفال الأردن، ومنح عناية خاصة للأطفال ذوي الإعاقة في كل شؤون حياتهم، وتقديم الحماية الكافية لفاقدي السند الأسري، ومنع التمييز بحقهم ليعيشوا بكرامة.وتابعت بقولها، إن قانون حقوق الطفل في حال نفاذه يمكن تطبيقه مع ضرورة وجود الوفرة المالية اللازمة للحكومة ووزاراتها المعنية، والمؤسسات الوطنية، بالتشبيك مع المجتمع المدني، فالعائق المادي عطل إصدار القانون لسنوات، ونحن نرى أن الحل سهل جداً بالتعاون والتنسيق مع الجهات المانحة والمجتمع المدني، وتوفير الخدمات في كل الأمور ذات الصلة بالطفولة، خاصة الأطفال ذوي الإعاقة الذين يحتاجون كلفة مالية مضاعفة.وأشارت إلى ضرورة تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني لتوفير الإمكانات المالية اللازمة لتطبيق القانون، لتقديم خدمات الرعاية والعناية للأطفال، مشيدة بحرص المسودة المطروحة على منع الضرب نهائيا للأطفال، بعد أن كانت تسمح بها المادة 62 من قانون العقوبات.

إقرأ أيضاً..أمريكا بين المطرقة والسندان..هل تعود لـ«نووي إيران» أم تحافظ على الحلفاء؟

نقاط إيجابية

وقال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالأردن أحمد عوض، إن تأخر صدور مثل هذا القانون طوال السنوات الماضية سببه عدم وجود قناعة لدى أجهزة الدولة بضرورة إصدار مظلة واحدة تتضمن حقوق الطفل، مع أن التشريعات الأردنية ذات العلاقة تتضمن كثيراً من هذه الحقوق. وأضاف عوض، أن هناك تخوفاً ساد لسنوات من الأصوات المحافظة والتي تحفظت على مسألتي التبني وحرية اختيار الدين، على أساس أنها أفكار مخالفة للشريعة والنمط الاجتماعي السائد، لكن تراجع صورة الأردن خلال العامين الماضيين بشكل لافت في ملف حقوق الإنسان دفع الحكومة لإحياء القانون المنشود لحقوق الطفل في محاولة لتعديل الخلل الحقوقي سالف الذكر.ورغم أن المسودة التي أعلنتها الحكومة لا تلبي كل مطالبات الجماعات الحقوقية، فإن هناك بعض النقاط الإيجابية، يلخصها عوض في فكرة تطبيق القانون على جميع الأطفال المقيمين على أراضي الدولة، وتقديم المساعدة القانونية، وتعزيز حقوق الأطفال ذوي الإعاقة، رغم عدم تطرقه لمسألة حرية الاعتقاد والتبني.وتوقع أن يكون الانتهاء من مناقشة وإقرار القانون في النصف الثاني من العام الجاري، لأن الدورة البرلمانية على وشك الانتهاء، لافتاً إلى أن المنظمات المعنية بحقوق الطفل لن تكتفي بما جاء في القانون، لكن الإيجابي بالنسبة لنا كمجتمع مدني أن هناك اختراقاً في الملف، ووجود إرادة سياسية لإصدار القانون.وشدد على ضرورة تطبيق القانون فور صدوره، بعد الوصول إلى أفضل صيغة متماشية أو متوافقة مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والتزامات الأردن الدولية، محذراً من تجميد التطبيق أو إهماله كما هو الحال مع السلطة التنفيذية غير القادرة على تطبيق قانون العمل الذي ينص على العديد من الحقوق للعمال، خاصة أن التزامات الدولة المالية لتطبيق القانون بين الـ70 والـ80 مليون دينار «نحو 110 ملايين دولار» واستعداد الجهات المانحة لتقديم هذه الأموال أو جزء منها لقطاعي الصحة والتعليم.