الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

أسبوعان على انتخابات لبنان.. الغموض يحيط بتشكيل الحكومة وانتخابات الرئاسة

أسبوعان على انتخابات لبنان.. الغموض يحيط بتشكيل الحكومة وانتخابات الرئاسة

لبنان

في أعقاب نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية، التي جرت في 15 مايو الجاري وهي الأولى بعد احتجاجات أكتوبر 2019 وانفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، بات المشهد السياسي اللبناني غامضاً، في ظل خسارة حزب الله وحلفائه للأغلبية، بخلاف عدم وجود أغلبية واضحة لأيّ طرف؛ وبعد نحو أسبوعين من الانتخابات، فإن الغموض ما زال سيد الموقف، ما قد يؤخر تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد الرئيس الحالي، ميشال عون، الذي تنتهي ولايته في أكتوبر 2022.

متغيرات هامة

يؤكد تقرير صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الانتخابات النيابية جرت في لبنان في ظل تغيرات مهمة على مدار السنوات الأخيرة، أولهما عدم مشاركة تيار المستقبل بقيادة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، ما خلف تداعيات مهمة، ساهمت في تغيير الحسابات الانتخابية، إذ تسابق مرشحون لملء الفراغ الذي تركه تيار المستقبل الذي كان يتمتع بالأكثرية التمثيلية بين سُنّة لبنان.

وثانيها، أن الانتخابات جاءت خلال الفترة الأخيرة من ولاية الرئيس عون، الذي انعكست سياساته بصورة سلبية على شعبية التيار «الوطني الحر» الذي أسسه عام 2005 ويقوده حالياً صهره جبران باسيل، والذي كان يملك أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب السابق.

وفرضت تلك العوامل، من الانهيار الاقتصادي وعدم مشاركة تيار المستقبل وانحسار شعبية التيار الوطني الحر ودخول مرشحي «الانتفاضة» على خط المنافسة، دينامياتٍ جديدةً على الانتخابات، إذ مثّلت اختباراً أولياً للقوى والشخصيات السياسية التي برزت بعد «انتفاضة 17 أكتوبر» ومدى قدرتها على إحداث اختراقات في جدار الطبقة السياسية الممسكة بمفاصل النظام السياسي اللبناني.

تشكيل الحكومة وانتخابات الرئاسة

يشكّل الموقف من حزب الله وسلاحه، تبايناً قوياً من تيارات مختلفة داخل لبنان، إلا أنها تتغير حيال قضايا خلافية أخرى، مثل انتخاب رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومة الجديدة، إذ توقع التقرير أن تكون حركة «أمل» أقرب إلى الحزب التقدمي الاشتراكي منها إلى التيار الوطني الحر، بينما تلمح القوات اللبنانية إلى رفض الانضمام إلى حكومة وحدة وطنية مع حزب الله، وبدوره يرى حزب «الكتائب» أن بقاءه خارج السلطة أفضل من دخولها في هذه المرحلة، كما لن يتحمّل نواب «الانتفاضة» شعبياً تبعات انضمامهم إلى حكومة يقودها أحد أركان الطبقة السياسية.

ووفقاً للمعطيات السابقة، فإن حزب الله وحلفاءه لا يتمتعون بالأكثرية الكافية لتشكيل حكومة، لا سيما بعد إعطاء الحزب التقدمي الاشتراكي حصةً وازنة بعد سقوط منافسيه التقليديين من الدروز خلال الانتخابات الأخيرة، وعلى رأسهم طلال أرسلان الذي فقد مقعده في دائرة جبل لبنان.

الواقع يؤكد أن المعسكرين الكبيرين منهمكان تماماً بانقساماتهما الداخلية، ولا يلتقيان على أجندة موحدة ولديهما مصالح متناقضة، فيما يبدو أن حزب الله أقدر على ضبط إيقاع معسكره، عكس التحالف المناهض له الذي خسر تيار المستقبل، في حين أن حزب «القوات اللبنانية» لا يزال غير قادر على القيام بالدور الوطني في قيادة المعارضة.

6 مؤشرات هامة

ويشير التقرير إلى وجود 6 مؤشرات يجب قراءتها عند التطرق للانتخابات النيابية في لبنان، أولها: أن حزب الله لا يزال يتمتع بتمثيل نيابي في جميع المحافظات، إلى جانب أن لديه حلفاء داخل كل الطوائف، عدا الطائفة الدرزية، إضافة إلى أن مرشحيه حصلوا على أصوات كثيرة في دوائرهم، وتمكّن من التأثير في نتائج الانتخابات داخل كافة المحافظات تقريباً، لا سيما خارج مناطق نفوذه في بيروت وعكار وجبيل، ومع أن النتائج كرّست نفوذ حزب الله في الطائفة الشيعية، إلا أنها جعلته أكثر حاجة إلى خصومه لتشكيل حكومة وتنفيذ سياسات وتمرير مشاريع قوانين في المجلس النيابي.

المؤشر الثاني يتمثل في خسارة أغلب المرشحين الموالين لسوريا، بداية من فيصل كرامي، وطلال أرسلان، ووئام وهاب، وأسعد حردان، وصولاً إلي الحزب القومي السوري الاجتماعي، وخسارة رموز في النظام المصرفي اللبناني مثل مروان خيرالدين وإيلي الفرزلي.

ويمثل المؤشر الثالث قطع الانتخابات الطريق حسابياً على أيّ احتمال لتولّي جبران باسيل رئاسة الجمهورية، خاصة أن المزاج المسيحي أصبح منقسماً بالمناصفة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لا سيما بعد خسارة الأول خسارةً كبيرةً في معاقل رئيسة مثل جزين والأشرفية وزحلة.

المؤشر الرابع خاص بالجبهة السنية والتي لاقت الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات استجابة داخل أوساطها عموماً، رغم فوز بعض النواب، فيما تم توزيع المقاعد السُّنّية الفارغة نتيجة عدم ترشح الحريري على مناصري تيار المستقبل، وحزب الله، والانتفاضة، ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، حيث وجد الناخب السُّنّي المؤيد لتيار المستقبل نفسه حائراً بين إرضاء رغبات سعد الحريري وأولوية التصويت ضد حزب الله.

ويتمحور المؤشر الخامس حول بزوغ نجم وليد جنبلاط باعتباره أبرز الفائزين، لا سيما وأن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يقوده حصل على 6 من مقاعد الدروز الثمانية (مقابل 2 للانتفاضة)، في حين خسر خصومه التقليديون في جبل لبنان، فضلاً عن أنه حصل على كتلة نيابية مكونة من 9 نواب قد تجعل دوره حاسماً في المشهد السياسي خلال السنوات المقبلة.

المؤشر السادس والأخير يتمثل في قدرة ممثلي الانتفاضة على الحصول على عدد من المقاعد تجاوز التوقعات المتشائمة، ما يدلّ على أن طريق التغيير في لبنان غير مسدود، ويمثل هؤلاء النواب الجدد ثقافة سياسية مختلفة، غير أن تلك الثقافة تظل رهن التمسك بها وعدم الانزلاق إلى نظام المحاصصة، ورغم ضعف التعويل عليهم في تقديم خدمات خلال المرحلة المقبلة فإنهم في المقابل يجب أن يقدّموا بديلاً سياسياً واجتماعياً، وأداءً برلمانياً مهنياً، لا سيما بعد أن خسر ممثلو الانتفاضة بعض المقاعد نتيجة انقساماتهم خلال تشكيل اللوائح الانتخابية، وتلك الخسارة قابلة للزيادة في حال لم يكن هناك تكتّل أو تحالف جدّي يجمعهم خلال المرحلة المقبلة، ربما تكون قدرة تلك المجموعة على التأثير محدودة، غير أنها قادرة إذا اتحدّت على أن تقدّم صورة معاكسة للصورة غير المسؤولة للطبقة الحاكمة.