الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

«تعديل دستوري».. فرص وتحديات ترشح قائد الجيش للرئاسة اللبنانية

«تعديل دستوري».. فرص وتحديات ترشح قائد الجيش للرئاسة اللبنانية

أحاديث في الشارع اللبناني للبحث عن مرشح توافقي للابتعاد عن شبح التعطيل

أسفرت الانتخابات النيابية اللبنانية عن عدم وجود كتلة أغلبية واضحة، ما دفع المراقبين للتحذير من أن الدولة اللبنانية ستدخل دوامة التعطيل، ما يعرقل انتخابات الرئاسة المقبلة المقرر إجراؤها في وقت لاحق من العام الجاري، خاصة أنه لا يوجد مرشح توافقي يجمع عليه الفرقاء اللبنانيون كافة. وأوضح تقرير حديث أنه من المرجح أن يضطر الجميع إلى البحث عن مرشح توافقي للابتعاد عن شبح التعطيل، ولو أن ذلك يتضمن مشكلات عدة، حيث سيكون من الصعوبة بمكان الإجماع على مرشح توافقي، باستثناء قائد الجيش العماد جوزيف عون.واعتبر التقرير أنه في حال تمكّن شخصٌ، ليست له صبغة معيّنة من المرور عبر اتفاق مختلف الفرقاء السياسيين، فسوف يواجه المشكلة الأبرز وهي تمسك المسيحيين الموارنة بأن يكون الرئيس منهم، وقائد الجيش هو الشخص الوحيد الذي يتمتع، بموجب المؤسسة العسكرية التي يقودها، بدرجة المصداقية الكافية ليشكّل استثناءً لتلك القاعدة.إلا أنه من غير الواضح إذا كان حزب الله سيوافق على اختيار قائد الجيش رئيساً للبلاد، نظراً لأن الجيش أدّى دوراً حاسماً في منع انتشار مسلّحي حزب الله وحركة أمل في محيط منطقة عين الرمانة أكتوبر الماضي.

وتطرق التقرير إلى وصف المشهد اللبناني قبيل الانتخابات الرئاسية «الكارثة الاجتماعية والاقتصادية اللبنانية، التي تبلغ مستويات خارجة عن السيطرة، فقد انهار سعر صرف العملة الوطنية (الليرة) خلال الأسبوع الماضي إلى نحو 36000 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وبالكاد تستطيع معامل الطاقة تأمين ساعة واحدة يومياً من التيار الكهربائي للمنازل والشركات والمؤسسات الحكومية، فيما يجري تقنين المياه في بيروت وجبل لبنان بسبب انقطاع الكهرباء»، كما يتخطى ثمن الحصول على التيار الكهربائي من مولّدات الأحياء شهرياً قيمة الراتب الذي يتقاضاه عدد كبير من اللبنانيين، نظراً إلى الارتفاع الشديد في أسعار الوقود، حيث يتم شراؤه وفقاً للأسعار العالمية، التي تتجاوز إمكانيات عدد كبير من اللبنانيين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، خاصة أن أشهُر الصيف الحارّة على الأبواب.

منافسة بين جعجع وباسيل

واعتبر التقرير أنه نظراً لكل تلك الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فإن قدرة القوى السياسية على الانشغال بانتخابات الرئاسة، وتجاهل الانهيار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع اللبناني ربما تكون محدودة، فقدرة حزب الله على أن يفرض على حلفائه، تقديم تنازلات، يقوّضها عدم رغبة الحزب في اتخاذ مواقف مناوئة لشركائه السياسيين، ولكن حزب الله ليس مستعداً أيضاً لإبقاء البلاد رهينةً من أجل إيصال رئيس «التيار الوطني الحر» المتحالف مع حزب الله، جبران باسيل إلى الرئاسة، كما فعل مع حميّه الرئيس الحالي ميشال عون.وتوقع التقرير أن يشهد لبنان سجالاً وسباقاً نحو الرئاسة ما بين سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية، الذي يرى أنه نال عدداً أكبر من أصوات المسيحيين من باسيل، بينما سيرد الأخير بأنه يحظى بتأييد أكبر كتلة نيابية، ما يجعله المرشح الماروني الأقوى.

وأكد التقرير أن أياً من المرشحين، جعجع وباسيل، لن يحصل على أكثرية الثلثين المطلوبة لانتخابه في الدورة الأولى من الاقتراع، وعندها تُجرى دورة ثانية يجب أن يحصل أحدهما خلالها على أكثرية مطلقة من الأصوات، أي 65 صوتاً أو أكثر، للفوز بالرئاسة، وفي الوقت الراهن، لا يبدو جعجع أو باسيل سيتمكن من نيل هذا العدد من الأصوات، لا سيما أنهما يواجهان معارضة، حتى من بعض حلفائهما. ويبدو المشهد اللبناني في المستقبل غامضاً، فلا أكثرية فعلية في البرلمان الحالي، ولا ضمانات بتشكيل حكومة في الفترة الفاصلة بين الانتخابات النيابية، والانتخابات الرئاسية، ما يعني أن البلاد قد تصل إلى الانتخابات الرئاسية مع حكومة تصريف الأعمال الحالية، ويفتح الباب أمام فراغ موقع الرئاسة، ما سيؤدّي إلى هبوب عاصفة كبرى من الفوضى، كما أنه في ظل الشلل الذي أصاب مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، فإن الآمال تتراجع بشأن التوصل إلى تفاهم إقليمي بشأن لبنان، وسيؤدي ذلك إلى زيادة الاستقطاب الحالي، ويُفاقِم صعوبة التوصل إلى إجماع حول مرشح توافقي للرئاسة.

عقبات أمام جوزيف عون

وفي وسط تلك التشابكات، يبرز اسم قائد الجيش جوزيف عون، باعتباره الشخصية الوحيدة القادرة على سد تلك الفجوة، لكن كي يتمكن من الترشح للرئاسة، سيكون على مجلس النواب أن يقوم بتعديل الدستور الذي ينص على أن موظفي الفئة الأولى لا يحق لهم الترشح للرئاسة إلا بعد انقضاء سنتين على انقطاعهم عن الوظيفة، وقد جرى الالتفاف على هذا البند ببراعة في مناسبات عدّة، آخرها انتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية عام 2008. إلا أن ذلك السيناريو، يجب أن يوافق عليه جعجع وباسيل وحزب الله، ما يؤشّر إلى أن التوافق، إذا تمّ، فلن يحدث على الأرجح إلا بعد فترة طويلة يدرك خلالها الرجلان تدريجياً أن حظوظهما في الوصول للرئاسة معدومة.