الاحد - 12 مايو 2024
الاحد - 12 مايو 2024

أوروبا تنتظر شتاء صعباً.. انفجار تكاليف التدفئة والكهرباء

ينتظر ألمانيا شتاء صعب، مثلها مثل عدد من الدول الأوروبية الأخرى، فارتفاع التضخم فيها تجاوز علامة 4 % لأول مرة منذ نحو 28 عاماً، وهو ما أدى إلى انفجار في تكاليف التدفئة والكهرباء والبنزين. بحسب وسائل إعلام ألمانية.

وتحدثت مجلة «فوكوس» الألمانية عن أن الحياة أصبحت باهظة الثمن في البلاد، وأن الناس أصبحوا يشعرون الآن بحجم التضخم الذي بدأ ارتفاعه منذ سبتمبر الماضي، مؤكدة على أن أسعار الوقود بمحطات البنزين عند أعلى مستوى لها في تسع سنوات.

ووفقاً لموقع «أداس» المتخصص في السيارات الألمانية، بلغ متوسط سعر البنزين السوبر نحو 1.647 يورو للتر الواحد على مستوى ألمانيا بأكملها، والديزل 1.526 يورو، وأشارت المجلة إلى أن ارتفاع التضخم يؤدي إلى إضعاف القوة الشرائية للمستهلكين.

وقال الخبير الاقتصادي، يورج زيونر، في التقرير، إن أسباب ذلك ترجع إلى وجود تفاوت كبير بين العرض والطلب، وإن الاقتصاد العالمي يتعافى من صدمة كورونا 2020 بشكل أسرع مما كان متوقعاً في البداية. لكن بالمقابل فإن الاحتياج إلى الطاقة في جميع أنحاء العالم كبير، الأمر الذي أدى إلى الطلب القوي وارتفاع أسعار النفط الخام والغاز.

أخبار سلبية

وتطرق تقرير لمجلة «دير شبيغل» إلى أن الأخبار السيئة حول أزمة الطاقة تتكاثر في الساعات القليلة الماضية بشكل مخيف، حيث أعلنت شركة «إي أون» وهي شركة طاقة مقرها في دوسلدورف بألمانيا، أنها لن تقبل أي عملاء غاز جدد في الوقت الحالي بسبب ارتفاع الأسعار.

و هددت مجموعة الصلب الألمانية «سالز جيتر» بوقف الإنتاج في مواقعها، كما أعلنت شركة مواد البناء «هايدلبرج سيمنت» عن زيادات في الأسعار، وهو أمر غير معتاد تماماً بالنسبة لهذه الصناعة.

وتطرق التقرير إلى أنه وفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي، ارتفع زيت التدفئة بنسبة 76.5 % في سبتمبر مقارنة بالعام السابق، كما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء.

وضع عالمي

وأشار التقرير إلى أن الوضع خارج ألمانيا ليس أفضل، ففي بريطانيا ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة هائلة بلغت 250 % منذ بداية عام 2021، واضطر العديد من موردي الطاقة إلى التوقف عن التداول، وفي الصين، تعاني الشركات الألمانية أيضاً من أزمة طاقة، وتضاعفت أسعار الفحم في بعض الحالات 3 مرات منذ بداية العام، لذا توقفت بعض محطات توليد الطاقة عن العمل.

وأكد التقرير أنه في أجزاء كثيرة من ألمانيا، تأمر الحكومات الإقليمية مراراً وتكراراً بإغلاق الشركات أحياناً من يوم إلى آخر.

وقال رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، يورج فوتكي، إنه من المرجح أن تتفاقم المشاكل مع موسم التدفئة المقبل. وأضاف «نحن في ماراثون، ولا نجري بسرعة» وهو يعتقد أن التقنين سوف يستمر حتى مارس على الأقل.

أزمة المستهلكين

وتناول تقرير «دير شبيغل» تأثير هذا التضخم على المستهلكين الألمان، مؤكداً على أنهم يشعرون بالمشكلة بشكل مباشر الآن أكثر من الشركات.

ووفقاً لبوابة الإنترنت المقارنة للأسعار، «فيري فوكس»، فقد ارتفعت تكاليف الكهرباء في ألمانيا بنسبة 9.3% في أكتوبر مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق، وأنه يتعين على المستهلكين دفع 28% أكثر للتدفئة بالغاز، و 87% أكثر للنفط مقارنة بالعام الماضي.

ونوه التقرير ببدء انتشار تحذيرات من احتمال تجمد الفقراء في الشتاء؛ لأنهم لا يستطيعون دفع فواتير التدفئة. وفي دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وبعضها أفقر بكثير، فإن الوضع أكثر كآبة.

وتطرق التقرير إلى السبل الممكنة للخروج من هذه الأزمة، والتي تبدو محدودة للغاية، حيث يقترح ممثلو الحكومة الفيدرالية الألمانية حالياً ما يسمى بإعانات للمواطنين المحتاجين تجاه فاتورة التدفئة، وخفض أو إلغاء الرسوم الإضافية، إلا أن تلك الخطوة تبدو أقل واقعية في ظل البيروقراطية الألمانية الشهيرة.

وتطرق التقرير إلى أنه حتى ذلك الحين، من المرجح أن يكون أكبر أمل للمستهلكين هو أن خط أنابيب بحر البلطيق المثير للجدل «نورد ستريم 2» سيتم افتتاحه قريباً.

ونقل التقرير ما تنصح به الرابطة الفيدرالية لمراكز المستهلكين، بالنظر في تغيير محتمل في مزود الكهرباء والغاز، حيث يمكن للمستهلكين إنهاء عقدهم في غضون 14 يوماً، إذا أعلن المزود السابق عن زيادة الأسعار.

تأخر المعالجة

ونوه التقرير بتأخر معالجة ألمانيا عن بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى، التي تضررت أكثر من أزمة أسعار الطاقة، حيث اتخذت عدة دول بالفعل تدابير لحماية الأسر من فواتير الكهرباء والتدفئة المرتفعة، على سبيل المثال: تريد فرنسا أن تدفع 100 يورو للأسر الفقيرة، كما ترغب إيطاليا في استثمار 3 مليارات يورو لإعفاء المواطنين من فواتير الكهرباء والغاز، من خلال التخفيضات الضريبية، بينما تخطط إسبانيا أيضاً لإعفاءات ضريبية. وتريد بريطانيا دعم موردي الطاقة بالقروض.

وأشار التقرير إلى أن مفوضية الاتحاد الأوروبي ترغب الآن في جمع هذه المقترحات وغيرها للعمل على تدابير المعونة قصيرة الأجل.

تأثيرات كورونا

من جهة أخرى تناول تقرير لصحيفة «دي فيلت» ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتي شملت الخضروات بنسبة 9.2 %، بينما زادت كلفة منتجات الألبان والبيض بنسبة 5.5 %، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية مثل السيارات أو الأثاث بشكل كبير، كما زادت كلفة الخدمات 2.5 %، مع زيادة إيجارات الشقق بنسبة 1.4 %.

و أرجعت الصحيفة هذه الارتفاعات إلى تأثيرات خاصة ومؤقتة تشمل تأثيرات وباء كورونا، والإغلاق أو التخفيض المؤقت لضريبة القيمة المضافة في مكافحة أزمة كورونا في النصف الثاني من عام 2020.