السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

كورونا يحبس الإيطاليين في بيوتهم.. ومخاوف من وباء نفسي «خارج عن السيطرة»

كورونا يحبس الإيطاليين في بيوتهم.. ومخاوف من وباء نفسي «خارج عن السيطرة»

أشخاص بالقرب من كنسية في إيطاليا. (أ ف ب)

يتعدى الأثر الذي يُخلّفه فيروس كورونا المتحور في إيطاليا الجوانب الصحية العضوية إلى الجانب النفسي كذلك.

وحذَّر خبراء الصحة العقلية في مقاطعتي لومبارديا وفينيتو في الشمال الإيطالي من ورود حالات إصابة بالجزع والتوتر بمعدلات مرتفعة للغاية.

ويخضع حالياً زهاء ٥٠ ألف إيطالي للعزل الإجباري في شمال غرب البلاد.

ورصد خبراء وأطباء نفسيون مؤشرات مثيرة للقلق في سلوك العامة منذ دخول تلك القرارات حيز التنفيذ.

واعتبرت الخبيرة النفسية روسيللا كانديلا في حديث لصحيفة «ذا لوكال» الإيطالية الصادرة بالإنجليزية، أن من مؤشرات حالة الهلع التي تسود في المقاطعات المعزولة، الأرفف الخالية في المتاجر والناجمة عن التزاحم المحموم على الشراء خشية نفاد السلع الحيوية.

وأردفت كانديلا بقولها إن «البعض يتأقلمون نفسياً بيُسر، ولكن هناك من يتصرفون وكأنهم تحت قصف العدو في الحرب العالمية الثانية».

ورصدت «الرؤية» نفاد الكمامات الطبية ومطهرات الأيدي من الصيدليات، ليس فقط في الشمال المنكوب وحده، بل في معظم مناطق العاصمة الإيطالية روما.

ولا يقتصر الأثر النفسي على حالات الذعر والهلع، بل هناك تحذير من الانزلاق البطيء نحو درجات محدودة إلى متوسطة من الاكتئاب بسبب إلغاء الأنشطة اليومية كالمدارس والجامعات، والأسبوعية كقداس الأحد بالنسبة للملايين.

ويُعرف عن الإيطاليين تمسكهم الشديد بحضور القداسات الأسبوعية وممارسة الشعائر، وأحدث غياب هذا البعد من حياتهم بشكل مفاجئ فراغاً يصعب ملؤه كما قال لـ«الرؤية» سائق الأجرة فرانكو بلليني.

ويعني الوضع الراهن أن مئات الآلاف من الأسر يستيقظ أفرادها كل يوم دون أن يجدوا ما يفعلونه سوى مشاهدة التغطيات الإخبارية التي لا تنقطع على مدار الساعة في المحطات التلفزيونية لتطورات العدوى بالفيروس وأحدث الإحصاءات الرسمية المتعلقة بالوفيات.

وقالت أليساندرا براغا المعالجة النفسية في بريسكيا وهي مدينة واقعة في مقاطعة لومبارديا المنكوبة في بث عبر سكايب مع قناة «راي ٤» الإخبارية: «البقاء في المنزل ومتابعة تغطيات تلفزيونية كهذه التي أتحدث فيها الآن وسيلة مؤكدة للإصابة بالهلع. أنصح الجميع بإغلاق التلفزيون الآن والخروج في الهواء الطلق.. هذا قد يتحول إلى وباء نفسي، والانفعالات النفسية يصعب للغاية السيطرة عليها.. يجب الوقاية منها قبل أن تتمكن من الإنسان».

وفي مقابلة أخرى عبر سكايب، قال غابرييل زاناردي الأخصائي النفسي في مدينة ميلانو: «ليس سهلاً مقاومة الشعور بالخوف عندما يواجه الإنسان شيئاً غير ملموس وغير مرئي كفيروس. والطريقة التي يتأقلم بها العقل البشري مع ذلك هي إعطاء وجه للفيروس، وغالباً للأسف ما يكون هذا الوجه صيني الملامح»، في إشارة للأصل النفسي للعنصرية المتنامية تجاه الصينيين في إيطاليا وعبر العالم.

وعلى المستوى السياسي، تُعد المناطق المنكوبة معاقل لليمين المتطرف التابع لوزير الداخلية الإيطالي السابق ماتيو سالفيني وحزبه «ليغا»، ولعل هذا يُفسر مبادرة الكثير من أصحاب المطاعم والمتاجر الصينية بإغلاقها من تلقاء أنفسهم بمجرد شيوع أنباء ورود الفيروس من الصين.

وقالت ماريللا اينوك مديرة مستشفى بامبينو غيسو في روما لصحيفة «لا ستامبا الإيطالية»: «الفوبيا المرتبطة بالفيروس لم تعد تخضع للمنطق ولا للعلم، لقد أصبحت إيطاليا دولة مخيفة».

واستشهدت بالهجمات التي تعرض لها صينيون كثر في إيطاليا منذ انتشار الفيروس ومنها هجوم على سيدة صينية في مدينة تورينو تضمَّن صياحاً من المارة قالوا فيه: «عودي لبلدك وإلا قتلناكِ».

ومن الآليات التي يلجأ إليها العقل البشري للتكيف مع الظروف الصعبة «الفكاهة» وهو ما تحدثت عنه براغا التي روت كيف قالت لها إحدى مريضات التوتر النفسي إن «جميع أفراد الأسرة محبوسون في البيت ما يعني أننا حتى لو لم نمت بالفيروس سيقتل بعضنا بعضاً».