الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

ممرضات أوروبا يروين لـ«الرؤية» قصص الكفاح ضد كورونا من قلب المعركة

ممرضات أوروبا يروين لـ«الرؤية» قصص الكفاح ضد كورونا من قلب المعركة

من إسبانيا، فرنسا، إيطاليا وبريطانيا.. ممرضات أوروبا يحملن راية الصمود أمام الفيروس. (الرؤية)

شاهدنا لحظات انهيارهن من وجع موت مرضى كورونا الجديد، وقرأنا أخباراً كثيرة عن إصابة بعضهن بالوباء أثناء نوبات الدوام، وتابعنا صورهن وهنّ يَجهدن في الحصول على معدات للوقاية من المرض أثناء العمل في الصفوف الأمامية.

من إسبانيا إلى فرنسا وصولاً إلى إيطاليا، وبريطانيا، فتك وباء كوورنا بعشرات الآلاف، وسبب انهياراً للنظم الصحية في أوروبا، إلا أنه ووسط كل هذا الخراب والفوضى ظهرت الممرضات في المستشفيات وهن يحملن راية الصمود ويرفعن علامات التحدي.

«الرؤية» تواصلت مع 4 ممرضات من ميدان الحرب ضد كورونا في مستشفيات أوروبا، وجمعت شهاداتهن حول مختلف جوانب الحرب ضد الفيروس، من لحظات اليأس الحالكة ونقص الإمكانات إلى مشاهد موت الأحباب والأقارب من دون وداع.

الذهاب إلى المعركة

في إسبانيا التي قتل الوباء حتى الآن أكثر من 16 ألف شخص من سكانها، تقول الممرضة «مارتا آنتون» لـ«الرؤية» إن الذهاب يومياً إلى عملها في مستشفى مدريد، يشبه المضي نحو ساحة الحرب، مؤكدة أن الوباء الجديد غير نظرتها للحياة بشكل كلي، خصوصاً مع إصابة أفراد من أسرتها به، ما تزال حالة بعضهم غير مستقرة.



وحول الشريحة الأكثر إصابة بالفيروس في المستشفى الذي تعمل فيه، تقول مارتا، إن نسبة إصابة الرجال أكثر بكثير من النساء، دون معرفة السبب في ذلك بشكل دقيق.

وتضيف أنها تعمل حالياً في قسم أمراض النساء والتوليد، حيث تهتم بالنساء المصابات بالفيروس، مؤكدة أن أعمار الكثير من المريضات لديهم تتراوح بين 20 و40 عاماً، مع ملاحظة أن الحالات التي تستدعي تدخل قسم العناية المركزة تتعلق أساساً بالأشخاص فوق سن الـ65.

علاجات كورونا

وحول التدخل العلاجي، تقول مارتا إنهم يستخدمون عدة أنواع من الأدوية، فيما يعكف الأطباء حالياً على إجراء الكثير من الاختبارات السريرية للكشف عن فوائد محتملة لعقاقير جديدة.

وتشير إلى أنه يتم استعمال الأدوية المسكنة للألم وخافضات الحرارة أولاً، فيما يخضع المرضى الذين يصابون بالتهاب رئوي وأعراض حادة لعلاج بأدوية تتضمن «هيدروكلوركسين» المعروف لمرضى الملاريا، ودواء لوبينافير المستخدم لعلاج الإيدز والفيروسات القهقرية، إضافة إلى جرعات عالية من«الكورتيكوستيرويدات» والعلاج بنوع معين «الإنترفيرون».



ومن فرنسا، التي خسرت حتى الآن 13 ألف شخص من سكانها بسبب كورونا، تقول لـ«الرؤية» الممرضة في قسم الإنعاش في مجموعة مستشفيات باريس APHD، آني كلير راف إن العلاج في قسم العناية المركزة، يتم عبر ربط المرضى بأنابيب الإنعاش، وهو الوضع الذي يستمر بين عدة ساعات إلى 5 أيام ويصل أحياناً إلى 3 أسابيع حسب خطورة الحالة.



وتشير إلى أن القسم يجرب عدة وضعيات لتعزيز وصول الأوكسجين إلى رئتي المريض، بين الاستلقاء على البطن لـ16 ساعة، والاستلقاء على الظهر لنحو 8 ساعات.

وأشارت إلى أن بروتوكولات الرعاية الطبية تتغير في كثير من الأحيان حيث يرتبط تنفيذها بمخزون الأدوية والمعدات الطبية.

وتضيف أنهم يجربون عدة عقاقير للعلاج، فيما يستخدمون حالياً دواء «هيدروكلوروكين» وعقار «أزيثرومايسين»، إضافة إلى مضادات الفيروسات القهقرية والمضادات الحيوية.

صعوبات مشتركة

لا تختلف صعوبات الوضوع الحالي كثيراً بين الدول الأوروبية، حيث إنها نفسها في إيطاليا كما في إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، حسب شهادات الممرضات.

في إيطاليا التي قتل الفيروس حتى الآن 18 ألفاً و 800 شخص من سكانها، تشير ممرضة التخدير «مارتينا» التي تعمل في مستشفى بمدينة بيرغامو، إلى ارتفاع حدة خطورة الإصابة بالمرض، ونقص الطاقم الطبي المتخصص ومعدات الحماية الشخصية، إضافة إلى ساعات العمل الطويلة التي اختفت فيها عادات مثل «وقت الاستراحة» وكلمات مثل الإجازة، ونهاية الدوام وغيرها.

ومن باريس، تلفت «آني» إلى النقص الكبير في أجهزة التنفس، والذي أجبر فريقها على استخدام جهاز واحد لمريضين بالتناوب، كما أكدت تسجيل نقص كبير في أدوية تنويم المرضى.

وتشير في حديثها عن نقص الأدوية اللازمة، إلى تحويل مخزون الأدوية لدى الأطباء البيطريين لسد النقص الحاصل في بعض المستشفيات الفرنسية.



وتوضح لـ «الرؤية» الممرضة «برسيوز فرنانديز» العاملة في مستشفى بمدينة «كلوشيتسر» في المملكة المتحدة، أن أكبر مشكلة تُواجه الممرضات في بريطانيا حالياً هي قلة أعداد الطاقم الصحي العامل وعدم توفر معدات الوقاية الشخصية للجميع.

لحظات لا تنسى

ولكل ممرضة قصة حزن أوجعتها في زمن كورونا، حيث لا تفارق ذهن «مارتا» صورة عمها الذي يعاني بسبب الوباء الجديد، حتى وهي في عز انهماكها في علاج المريضات.

وتلفت الفرنسية «آني» إلى أن التداعيات النفسية للوباء تسبب آلاماً كثيرة داخل المستشفيات، ليس فقط للمرضى بل للطاقم الصحي المشرف عليهم، حيث إن رؤية أشخاص يموتون دون أن يستطيع الأحباء والأقارب وداعهم تُسبب ألماً لا يمكن للممرضات نسيانه.

وتشير إلى أن من أصعب اللحظات التي مرت بها مؤخراً، كانت لحظة وفاة مريض شاب (30 عاماً) لم تكن حالته بالخطيرة، إلا أن وضعيته تطورت بشكل سريع جداً ليتوفى فجأة بسكتة قلبية، مشيرة إلى أنهم لاحظوا أن بعض المرضى تتطور لديهم اعتلالات قلبية بسبب الفيروس.

وكانت لحظات نقل المرضى في طائرات الهليكوبتر والقطار السريع من باريس إلى الداخل الفرنسي لتخفيف الضغط عن مستشفيات العاصمة، من أكثر اللحظات صعوبة، لافتة إلى أنه ومع تزايد الحالات بمستوى كبير جداً، يبدو من الواضح «أننا لن نتمكن من معالجة الجميع».



أمنيات في ليل كورونا الحالك

وفي حديثهن مع «الرؤية»، حملت الممرضات الكثير من الأمل في المستقبل، حيث أعربت «برسيوز فرنانديز» عن أملها في أن يستمر زخم التقدير الكبير الذي حظي به الطاقم الصحي حول العالم خلال الأزمة الحالية من طرف الشعوب والحكومات.



ومن إيطاليا، أعربت مارتينا عن أملها في أن نرى عقب أزمة «كوفيدـ19» اهتماماً أكثر بتطوير نظام الرعاية الصحية العامة الإيطالي، وأن تظل حقوق العاملين في مجال الرعاية الصحية موضع تقدير، مضيفة «نحن لسنا أبطالاً، لكننا مهنيون عاملون، وكما هي الحال في الحرب، نحن بحاجة إلى الدفاع المناسب والأسلحة المناسبة للقتال».



بدورها، تمنت الممرضة الفرنسية آني أن تحمل الأيام القليلة القادمة أخباراً إيجابية أكثر وأن نرى نتائج الحجر المنزلي تسفر عن أرقام إصابات أقل، مؤكدة أن فرنسا سجلت انخفاضاً طفيفاً في الحالات الخطيرة خلال الأيام الأخيرة.