الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ضابط تركي يكشف لـ«الرؤية».. كيف احتضن أردوغان داعش ووفر له الملاذ والتمويل

أكد الخبير التركي المتخصص في شؤون الإرهاب، أحمد يايلا، أن نظام الرئيس التركي رجب أردوغان يخدع العالم بادعاءات مكافحة الإرهاب، بينما الحقيقة هي أن هذا النظام يحتضن الإرهاب ويوفر له ملاذاً آمناً بل وتربح من ورائه، وأن على الشعب التركي أن يسعى لتغيير هذا النظام كما فعل الشعب السوداني مع البشير.

وقال الخبير التركي الذي، كان ضابطاً كبيراً في جهاز مكافحة الإرهاب بتركيا لمدة 20 عاماً، في تصريحات لـ«الرؤية» من واشنطن، إن الرئيس أردوغان هو من سمح بمرور آلاف الإرهابيين إلى أوروبا ومكّن تنظيم داعش من الحصول على أموال لدعم عملياته، وهو ما تسبب في عمليات قتل كثيرة في أنحاء عدة من العالم ويكرر الجريمة ذاتها في ليبيا حالياً.

دعم لوجيستي

وأوضح أنه اعتباراً من أواخر عام 2013 وأوائل 2014، أصبحت المدن الحدودية التركية المحاور اللوجستية الرئيسية للمقاتلين الأجانب الذين يسعون إلى دخول سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.

وأضاف يايلا أن المقاتلين الأجانب من جميع أنحاء العالم سافروا أولاً إلى تركيا ثم إلى العراق وسوريا، لتشكيل العمود الفقري والقوة الضاربة للتنظيم الإرهابي، في عام 2013 وحده اجتاز حوالي 30 ألف مقاتل الأراضي التركية، وأقاموا ما يسمى بالطريق الجهادي السريع، حيث أصبحت البلاد ممراً للمقاتلين الذين يسعون للانضمام إلى داعش.

وتابع «بحلول أغسطس 2015، شددت تركيا في نهاية المطاف الإجراءات على حدودها ووافقت على المشاركة في مهام التحالف الدولي لقتال داعش، ولكن بحلول ذلك الوقت، كانت حصة الأسد من المقاتلين الأجانب قد وصلت بالفعل إلى العراق وسوريا».

علاج مقاتلي داعش

وقال الخبير التركي، الذي يحاضر حالياً في برنامج مكافحة الإرهاب بجامعة جورج تاون الأمريكية، إن هناك العديد من الأمثلة على الدعم التركي لإرهابيي داعش، بمن في ذلك جرحى التنظيم الذين كان يتم علاجهم مجاناً في المستشفيات في جميع أنحاء جنوب شرق تركيا. وكان من بين الذين تلقوا الرعاية أحد كبار مساعدي أبوبكر البغدادي زعيم التنظيم، الذي عولج في مستشفى خاص في سانليورفا في أغسطس 2014.

وأكد يايلا أن نظام أردوغان كان يصدر المواد المتفجرة لداعش عبر شركات تركية، وسمح للتنظيم الإرهابي بتحويل الأموال إلى كافة أعضاء التنظيم حول العالم عبر أنظمته البنكية وشركات تحويل أموال تركية كانت لها مكاتب تحت ولاية داعش في الرقة، مشيراً إلى أن التنظيم الإرهابي أيضاً استخدم أراضي تركيا مثل غازي عنتاب في تجارة الرقيق.

وبحسب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التركي، فإن «الخالدي» للصرافة كانت هي الجسر لتحويل الأموال بين الرقة بسوريا وغازي عنتاب التركية، حيث تورطت أنقرة في تحويل أموال داعش من العراق عبر الرقة بسوريا إلى غازي عنتاب في تركيا لدعم تنظيم داعش.

تحويل الاموال

وكانت «الخالدي» أهم مكتب للتحويلات المالية في المنطقة تستخدم لنقل الأموال لتمويل المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وكانت مئات الآلاف من الدولارات تمر يومياً عبر فرع المكتب في سانليورفا بتركيا.

وظلت «الخالدي» تعمل في هذا النشاط وبعلم الحكومة التركية، حتى سبتمبر 2019، حتى أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية تقريراً يضع الشركة ضمن قائمة العقوبات الأمريكية بسبب تمويل الإرهاب.

وتابع الخبير في الشأن التركي الذي يعد شاهداً من داخل النظام أن تركيا لم تكن صادقة بشأن التحقيق مع أعضاء داعش وملاحقتهم واعتقالهم، مشيراً إلى أن إحصائيات السجون هي أفضل دليل على نهج تركيا المتساهل مع تنظيم داعش الإرهابي وعناصره.

اعتقال الدواعش

وفقاً لوزارة العدل التركية، تم احتجاز 1354 إرهابياً بينهم أتراك ينتمون لداعش في السجون التركية حتى فبراير 2018 مقارنة بأكثر من 10 آلاف عضو من حزب العمال الكردستاني - وأكثر من 50 ألف شخص مرتبط بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، وهو ما يشير إلى النهج المتشدد من قبل النظام التركي في التعامل مع حزب العمال الكردستاني والمتهمين بالتورط في محاولة الانقلاب مقابل تساهل في التعامل مع المنتمين لداعش.

وأشار الضابط التركي السابق ألى أن نظام أردوغان مكن التنظيم الإرهابي من بيع النفط وبالتالي وفر له مورداً مهماً للاستمرار، وأن أدلة موثقة تؤكد تورط مسؤولين أتراك، بمن في ذلك صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في شراء نفط داعش من خلال شركات تم تأسيسها تحت واجهات مزيفة - وهي إجراءات ساعدت بلا شك في ملء خزائن الإرهابيين والمساهمة بشكل مباشر في طول عمر هذا التنظيم.

شراء النفط المهرب

وأضاف أن بيع نفط داعش المهرب كان يتم باستمرار عبر نقاط على طول الحدود التركية طوال عام 2014 وحتى عام 2015، وتواصل الأمر بوتيرة أقل حتى أوائل 2018، كما أن هناك تقارير تشير إلى موافقة أردوغان على تجنيد مقاتلي داعش السابقين في أنقرة للمشاركة في المعركة المستمرة ضد الأكراد، بالإضافة إلى الدور الحالي الذي تلعبه تركيا في إرسال الإرهابيين السابقين للقتال في ليبيا.

وقال يايلا إن الرئيس التركي أردوغان والمتآمرين معه أيديهم ملطخة بالدماء بسبب دعم الإرهاب استناداً إلى أدلة كثيرة موثقة جيداً لا جدال فيها ولا يمكن إنكارها، مشدداً على أن أردوغان كان وما زال أكبر داعم للإرهاب، ولذا يجب محاكمته.

جرائم حرب

واعتبر الضابط السابق في مكافحة الإرهاب بتركيا، أن هذه الجرائم يجب أن يعاقب عليها أردوغان أمام المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن الرئيس التركي يخدع العالم بمزاعم مكافحة الإرهاب.

وعن آلية تحقيق ذلك، قال الخبير التركي، في اتصاله مع «الرؤية» من واشنطن إن أردوغان حالياً في السلطة ويتمتع بوضع قوي ولكنه لن يخلد في السلطة إلى الأبد، وأن على الشعب التركي أن يسعى لتغييره لأن وجوده في الحكم يزيد من خطورة أفعاله.

دور الشعب

وأوضح أن البداية يجب أن تكون من الشعب الذي يجب عليه أن يأخذ العبرة من الشعب السوداني الذي أزاح البشير والذي عرف بدعمه للجماعات الإرهابية، والآن الحديث يدور حول إمكانية محاكمته أمام الجنائية الدولية مع اختلاف السياق بين البلدين.

وأضاف الباحث التركي أن أردوغان تمكن من السيطرة على الإعلام في البلاد بشكل تام ويصدر للرأي العام الداخلي صورة مغايرة للواقع وخطورة هذه التنظيمات ما جعل جزءاً من الشعب التركي يتقبل التنظيمات الإرهابية ويرى أنها ليست خطراً، وهذا ما يؤكده استطلاع للرأي أجراه مركز «بيو» الأمريكي للأبحاث، حيث كشف أن أكثر من 9% من الأتراك يدعمون تنظيم داعش ولا يرونه تنظيماً إرهابياً.

وخدم أحمد يايلا 20 عامًا في قسم مكافحة الإرهاب والعمليات في الشرطة الوطنية التركية، وعمل كرئيس لمكافحة الإرهاب في سانليورفا، تركيا بين عامي 2010 و2013. حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من الولايات المتحدة ويعمل محاضر في العديد من الجامعات الامريكية بعد أن تقاعد من عمله وغادر تركيا الى الولايات المتحدة.