الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كيف تُهدد الكمامة رمز الثقافة الغربية؟

كيف تُهدد الكمامة رمز الثقافة الغربية؟

حسب العديد من المفكرين الغربيين، يعد الكشف عن الوجه رمزاً من صميم الثقافة الغربية يشير إلى الشفافية وسهولة التعارف الاجتماعي ويحيل إلى قيم الحداثة، وفي سبيله خاضت العديد من الدول معارك قانونية شرسة بدأت مع عصابات الجريمة والجماعات المتطرفة وكان أحدثها قضية البرقع والنقاب الإسلامي.

إلاّ أنه وفي ظل تفشي وباء فيروس كورونا المستجد والتدابير الوقائية التي نجمت عنه بات هذا الرمز مهدداً أكثر من أي وقت مضى.

وفي تقرير لها حول الموضوع، سلطت صحيفة «الباييس» الإسبانية الضوء على التأثير المحتمل لـ«ثقافة» ارتداء الكمامات على نزعة الفردانية في الدول الغربية التي تجذرت على مدى قرون من الزمن.

وأشارت الصحيفة، حسب ترجمة موقع «كورييه إنترناسيونال» الفرنسي لتقريرها، إلى أن الكشف عن الوجه والابتعاد عن تغطيته ظل دائماً أمراً من صميم الحداثة الغربية، أدى إلى سن قوانين مثل الأوامر التي صدرت عام 1766 في إسبانيا لمنع ارتداء قبعات ذات حواف كبيرة كانت تميز المجرمين آنذاك، وكذلك قرارات عدد من الولايات الأمريكية عام 1950 بمنع ارتداء ملابس تغطي الوجه كانت تميز عصابات «كو كلوكس كلان» ذات السمعة السيئة.

وتلفت الصحيفة إلى النقاش الكبير الذي طغى على الساحة القانونية الغربية حول السماح بالبرقع الإسلامي وما أدى إليه من قوانين منعت حرية ارتدائه في بعض الدول.

وفي تحليله لارتباط المجتمعات الغربية بثقافة «الكشف عن الوجه»، يوضح عالم الأنثروبولوجيا كارليس فيكسا الأستاذ في جامعة بومبيو فابرا في برشلونة أنه «منذ العهد اليوناني، وخاصة في عصر التنوير، ركزت الثقافة الغربية على الفرد، وظل الوجه هو الأساس الأيديولوجي للهوية الفردية، مقابل تركيز ثقافات أخرى بشكل أكبر على الجماعة".

ويشير في هذا الصدد إلى اعتماد المجموعات المناهضة للنظام والأطر السائدة في الغرب مثل «بلاك بلوك» أو الكتل السوداء وحتى مجموعات «الأنونيموس» التي تنشط في مجال الاختراق الرقمي، على أقنعة تخفي الوجه تمييزاً لعناصرها وإعلاناً لثورتها.

وتنقل الصحيفة عن الباحثة الإسبانية إيفا بوريجويرو قولها إن «القناع يناقض ثقافتنا الغربية» مشيرة إلى أن هذا الأمر هو ما عقد مشكلة بعض الدول الأوروبية مع الحجاب الإسلامي، إلا أن الوضع بات مختلفاً الآن مع «الكمامات» إذ تتعلق القضية هنا بظرف صحي طارئ وليس مسألة عقدية.

بدوره، يشير عالم الأنثروبولوجيا كارليس فيكسا إلى تغييرات غريبة حملتها أزمة «كورونا» في هذا الإطار، موضحاً أن الوباء جاء في عز طغيان نزعة النرجسية والمركزية لدى الكثير من البشر نتيجة ازدهار ثقافة الاستعراض وصور «السلفي»، والتي جعلت من الوجه بؤرة الاهتمام الدائم.

ويضيف فيكسا أن «الفيروس» جاء ليحط من شأن هذه النزعة، معيداً المخاوف البشرية من الموت والفقد إلى الصدارة ومعززاً ثقافة الجماعة على الفردانية.