الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«لا يمكننا الاسترخاء».. الأوروبيون يواجهون الحياة بعد الإغلاق

من إسبانيا إلى الدنمارك، وحتى أولئك الذي تعايشوا مع وباء فيروس كورونا، بات الجميع يدرك أن العالم تغير بشكل كبير، وذلك بعد أشهر من المعاناة والخسارة، وفق تقرير لصحيفة «الغارديان».

«لا أحد يود التطرق إلى ما حدث؛ فالجميع يريدون استعادة حياتهم مرة أخرى، كما كانت قبل الوباء، لكن الأمور تتغير»، بهذه الكلمات بدأت صوفي فورنايرو التي تمتلك مكتبة في العاصمة الفرنسية باريس حديثها إلى الصحيفة البريطانية.

وأضافت الصحيفة البريطانية، «قد يعود عملاؤها، وهناك المزيد منهم بأعجوبة. الربيع هنا؛ الشمس بالخارج. لا أحد يريد أن يتطرق إلى ما حدث؛ فالجميع يريدون استعادة حياتهم مرة أخرى، كما كانت من قبل. «لكن الأمور تتغير»، تقول صوفي فورنايرو.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بينما تخرج بلدان القارة العجوز، بحذر، خطوة بخطوة وبإيقاعات مختلفة تماماً، من عمليات إغلاق بسبب فيروس كورونا، وحتى أولئك الذين تمكنوا من عمل شيء في أثناء الاحتجاز، يرى الجميع أن العالم لم يعد كما كان، وقد لا يكون لبعض الوقت.

عندما أغلقت فرنسا في 16 مارس الماضي، كانت فورنايرو واحدة من كثيرين ظنوا أن المكتبات كان من الممكن أن تظل مفتوحة بأمان.

وقالت فورنايرو إن «الكتب يمكن أن تساعد في أوقات مثل هذه. فبوسعها تقديم إجابات وتوفير السلام. ويمكنها انتشالك من الحياة اليومية وبعيداً عن اللحظة. يمكنها نقلك إلى عوالم أخرى. إنها مناهضة للخوف. ولكن ليس لدى كل شخص منها في البيت، فبعد إغلاق المكتبات بدأت في خدمة توصيل الكتب سيراً على الأقدام».

وأضافت أن «بائع كتب جيد لا يختلف عن طبيب. الكتاب له وظيفة علاجية».

ففي غضون 55 يوماً من إغلاق فرنسا، سلّمت فورنايرو 2000 حزمة من الكتب، إلى زبائن أوفياء حريصين على إبقائها في مجال العمل.

كان الأمر مرهقاً ولكنه أنقذ عملها. ومنذ إعادة فتح المتاجر غير الأساسية في فرنسا في 11 مايو، جلب لها ذلك عدداً من الزبائن أكبر مما كانت عليه من قبل، على نحو غير متوقع على الإطلاق.

أزمة قادمة

هل ستدوم؟ من المؤسف أنها ليست على يقين من هذا. بطبيعة الحال تقول فورنايرو: «لا يريد أحد أن يعترف بعد بمدى ضخامة الأزمة الاقتصادية المقبلة. وقد يبدو كل شيء على ما يرام الآن. ولكن هذه ليست سوى البداية».

على بعد أكثر من 500 ميل في برلين، يشعر أليسيو أرميني، يعمل مُشغّل موسيقى «دي جي» في ملهى ليلي، بالقلق إزاء المستقبل أيضاً من ألا يجد عملاً قبل انتهاء الأزمة، وذلك بعد إغلاق الملاهي الليلية في 13 مارس الماضي، بعدما حددت السلطات الألمانية ملهيَين بوصفهما بؤرتين ساخنتين لفيروس كورونا (كوفيد-19).

وأضاف أن «على السياسيين أن يمنحونا فرصة في المستقبل القريب. أو سيحصلون على حفلات صاخبة غير قانونية في الغابات».

وعلى بُعد 1000 ميل في إسبانيا، يأمل القس خوان غويرولا (42 عاماً) أن يتمكن الجميع من التعلم مما حدث. وذلك في ظل تخفيف القيود المفروضة على إسبانيا.

دروس للجميع

وفي ذروة واحدة من أكثر حالات الإغلاق صرامة في أوروبا، قال غويرولا «أعتقد أن الأشهر القليلة الماضية قدمت دروساً للجميع، بغض النظر عن معتقداتهم. لقد أظهر ذلك أنه يجب عليك أن تعيش الحياة يوماً بعد يوم. أنت لا تعرف أبداً كيف يمكن أن تسير الأمور؟».

وفي جزيرة فين الدنماركية، جاء قرار الإغلاق سريعاً للغاية في 12 مارس الماضي، حتى أن كلير أستلي، وهي معلمة في المدرسة الابتدائية، لم يكن لديها الوقت حتى لتوديع صفوفها. وعاد آخر اثنين من تلاميذها الأسبوع الماضي، إيذاناً بانتهاء رحلة طويلة والعودة إلى حياة طبيعية جديدة.

وكانت عودة التلميذين بعد عزل والديهما لهما في المنزل، وذلك بعد 5 أسابيع كاملة من عودة أغلب زملائهم في الصف من بين أول تلاميذ أوروبا الذين يعودون إلى المدرسة في 15 أبريل الماضي.

ولكن في حين عادت المدرسة الآن، فإن نظامها الذي يستغرق نصف يوم يُشكل واحداً من العديد من التغييرات.

منهكة - وما زالت مقلقة - هو ما كانت عليه الأسابيع والأشهر القليلة الماضية بالنسبة لإنزو لاتوكا، وكان من بين 32 من أصغر رؤساء البلديات في إيطاليا، كما أنه في منصبه لـ7 أشهر فقط عندما ضرب الوباء تشيزينا، المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة في إقليم إميليا رومانيا الذي تضرر بشدة من الوباء، والآن بات قلقاً من حدوث موجة ثانية محتملة من العدوى.

وفي منطقة شهدت أكثر من 4000 وفاة - ثاني أعلى حصيلة في إيطاليا - خاض العاملون بالمجال الطبي المعركة الحقيقية، وفق ما قال لاتوكا. وفي ذروة الوباء، كانت مدينته وحدها تسجل ما بين 40 و50 حالة في اليوم.

ولكن عمله لم يكن سهلاً. وفي أثناء عملية الحبس في المنازل «كان البقاء بالقرب من المواطنين والإجابة عن أسئلتهم - حتى ولو كانت مشكلتهم بسيطة، مثل أين يمكنني اصطحاب كلبي لقضاء حاجته؟ - كان هذا في غاية الأهمية».

وفي الفترة التي سبقت 4 مايو الماضي، عندما بدأ تخفيف القيود، كان على لاتوكا إيجاد أقنعة وجه للجميع. وبعد 18 مايو، عندما بدأت الحانات والمطاعم والمتاجر في إعادة فتح أبوابها، قال إن الناس يتصرفون بحذر.