الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

هل تقضي الاحتجاجات الأمريكية على عقود من العنصرية؟

بعد مرور أكثر من أسبوعين على الاحتجاجات المتأججة في جميع أنحاء الولايات المتحدة رفضاً لمقتل الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد على يدي شرطي أبيض، هل يمكن أن تقضي هذه الحركة على عقود من العنصرية، والتي تمتد إلى ما هو أبعد من عنف الشرطة؟ بحسب تقرير لصحيفة «الغارديان».

وتساءلت الصحيفة البريطانية هل من الممكن توجيه الاستجابة الاستثنائية لمقتل فلويد من أجل تحقيق تغيير سياسي دائم بالولايات المتحدة؟

ويرى الفيلسوف والناقد الاجتماعي الأمريكي نعوم تشومسكي أن هناك حاجة إلى مزيد من التوجه الاستراتيجي، متسائلاً عما إذا كانت الحركات الشعبية ستسعى إلى التعامل مع الإرث الوحشي الذي خلّفه 400 عام من العنصرية المغرضة، والذي يمتد إلى ما هو أبعد من عنف الشرطة؟

وأشارت «الغارديان» إلى أن الاحتجاجات التي أعقبت مقتل فلويد في مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية تسير بالفعل إلى المجهول.

فقد ثارت حشود هائلة من الناس، كانت أغلبيتها الساحقة سلمية وشديدة التنوع، في مدن بمختلف أنحاء البلاد؛ وقوبلت الحركة المناهضة لوحشية الشرطة بوحشية من جانب الأخيرة، كما استجاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بواحدة من أكثر الصور عنفاً والتي لا تُنسى في العصر الحديث.

ولقد لاحظ تشومسكي أن «ردة الفعل الشعبية إزاء جريمة قتل فلويد البشعة كانت مدهشة في نطاقها الوطني، وفي التزامها الشديد وفي تضامنها بين الأعراق». مشيراً إلى أن «الورم الخبيث الذي أصاب البيت الأبيض قد انكشف بكل ما فيه من قبح».

ولكن مع استمرار المظاهرات في أسبوعها الثالث، وبدون خسارة واضحة للزخم. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ وأين تذهب كل الطاقة التي أطلقتها الاحتجاجات؟ وماذا سيحدث لتمويل الشرطة عندما يخفت الهتاف؟ وعندما يأتي اليوم - كما يُفترض في نهاية المطاف - فما الذي قد يتبقى في الشوارع الفارغة؟

وقال تشومسكي لصحيفة الغارديان: «إن المسيرات تكتيكية». ولم يظهر الكثير عن استراتيجية، أو حتى عن أهداف محددة، إلى ما هو أبعد من الإصلاح الرئيس لممارسات الشرطة ومسؤولياتها.

وشبّه تشومسكي الاحتجاجات الحالية بحركة «احتلوا وول ستريت» التي خرجت في عام 2011 وركزت على التفاوت المفرط الذي يسمم المجتمع في ظل نظام الليبرالية الجديدة، والتي اندثرت مع الوقت. واعتقلت الشرطة آنذاك مئات المحتجين.

وأشار إلى أنه لا يمكن لأحد أن يشكك في نجاح الحركة في تغيير طبيعة المناقشة السياسية والاجتماعية الوطنية.

إلا أن نيليني ستامب مديرة التخطيط في حزب الأسر العاملة (حزب سياسي ثانوي في الولايات المتحدة) والتي كانت منخرطة في حركة «احتلوا وول ستريت» والآن هي من بين منظمي احتجاجات جورج فلويد في نيويورك، لها رأي مغاير.

وبالرغم من أنها تتفق مع أن الحركة لم تغيّر أمريكا بشكل مباشر، فإنها تختلف مع تشومسكي في أن موجة الاحتجاجات الحالية فشلت في بلورة طريقة محددة للمضي قدماً. وقالت «أعتقد أن المطالب كانت واضحة إلى حد كبير: إلغاء تمويل الشرطة، وإعادة تصور السلامة العامة، ونحن نفوز ببطء».

لا شك أن المحتجين اليوم يستطيعون الإشارة إلى أول تغيير فعلي على المستوى المحلي. فقد وافق مجلس المدينة في مينيابوليس، حيث قُتل فلويد (46 عاماً) في 25 مايو الماضي، على حل قسم الشرطة والبدء من جديد.

وقد تحرك مشرّعو مدينة نيويورك لحظر استخدام طرق الخنق من النوع الذي قتل الأمريكي من أصل أفريقي إيريك غارنر في عام 2014.

واستقال رئيس شرطة بورتلاند وسط دعوات تطالب بالإصلاح الجريء، وكشف الديمقراطيون الذين يسيطرون على مجلس النواب عن الخطة الأكثر طموحاً لإصلاح عملية إنفاذ القانون في سنوات.

كما أُعيد تسمية شارع على مقربة من البيت الأبيض حيث يوجد دونالد ترامب، ليصبح «ساحة حياة السود مهمة».

وقالت دانا فيشر، أستاذة علم الاجتماع المتخصصة في حركات الاحتجاج في جامعة ماريلاند إنه «لكي تحافظ على النشاط في الشوارع فإنك تحتاج إلى القليل من النجاحات».

وأضافت «لنتأمل هنا حركة الحقوق المدنية - كانت عملية طويلة وشاقة ومؤلمة - ولكنها كانت مدعومة بهذه النجاحات الصغيرة على طول الطريق».

وتعتقد فيشر أن الاحتجاجات التي اجتاحت أكثر من 750 مدينة وبلدة في مختلف أنحاء أمريكا تتيح فرصة ذهبية لتحقيق تغيير جذري عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل.

وتقول «نحن نشهد فرصاً مذهلة للناس لتوجيه ما يجري في الشوارع إلى النشاط السياسي، وخاصة مع اقتراب مثل هذه الانتخابات الحاسمة».