السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«تسونامي كورونا» يهوي بأمريكا اللاتينية في الفقر والعنف

حذَّر خبراء ومختصون من أن وباء كورونا قد يتسبب في فقر عشرات الملايين ومحو سنوات من التقدم الاجتماعي الذي حققته أمريكا اللاتينية، إضافة إلى تزايد المخاوف من أن تؤدي الآثار السلبية للفيروس على اقتصاديات بلدان هذه القارة إلى تأجيج العنف، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.

ومع تفشي كورونا عبر أمريكا اللاتينية في أواخر أبريل الماضي، أقرَّ آرثر فيرجيليو عمدة ماناوس، أكبر مدينة في غابات الأمازون المطيرة، بأن نعوش الموتى تكدست في خنادق موحلة، حيث بلغت حصيلة وفيات كورونا في البرازيل آنذاك 5500 حالة، وردَّ رئيس البلاد غايير بولسونارو بعدم اكتراث: «من الواضح أن هذا لن ينتهي على خير».

وبعد شهرين، تحوَّل كابوس فيرجليو إلى حقيقة. فقد ارتفع عدد وفيات كورونا في البرازيل إلى أكثر من 60 ألفاً - ثاني أعلى حصيلة في العالم بعد الولايات المتحدة - ويتوقع البعض الآن أن يتجاوز هذا العدد الولايات المتحدة، حيث توفي 130 ألف شخص، بحلول نهاية يوليو الجاري.

وسجلت أمريكا اللاتينية، وهي موطن 8% من سكان العالم أكثر من 120 ألف وفاة من نحو 534 ألفاً و192 حالة حول العالم، وما زالت الأعداد في تزايد.

وبعد 4 أشهر من تسجيل أول حالة إصابة بكورونا في أمريكا اللاتينية، وتحديداً في البرازيل، فإن البلد صاحب أكبر اقتصاد في المنطقة لا يعاني وحده.

وتجاوزت وفيات كورونا في المكسيك عتبة 30 ألف حالة، لتتخطى إسبانيا التي لديها سادس أكبر عدد من الحالات في العالم، على الرغم من مزاعم الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور بأنه تم كبح تفشي الوباء.

وفقدت بيرو أكثر من 10 آلاف مواطن، بالرغم من الإشادة بها في البداية بسبب قرار الإغلاق السريع والصارم، في حين تتزايد أيضاً أعداد الحالات في تشيلي والأرجنتين وبوليفيا.

ويبدو أن المخاوف من أن تنوء منظومة الرعاية الصحية المنهارة بالفعل في فنزويلا بالأعباء بسرعة، لم تتأكد بعد، مع اعتراف إدارة الرئيس نيكولاس مادورو بتسجيل 57 وفاة و6273 إصابة فقط بكورونا. لكن كثيرين يشككون في هذه الأرقام الرسمية، وتشير التقارير إلى زيادة مقلقة في عدد الإصابات بولاية زوليا الغربية.

وقال خوان بابلو غوانيبا، سياسي معارض من ماراكايبو عاصمة زوليا: «إن الولاية تعج بالفيروس».

كان هناك بصيص من الأمل. فقد ساعد إجراء اختبارات مكثفة في أوروغواي، التي سجلت 28 حالة وفاة فقط، في احتواء الفيروس. كما أنها الدولة الوحيدة في أمريكا اللاتينية التي شملتها قائمة الاتحاد الأوروبي للوجهات الآمنة للسفر. كما أبقت باراغواي على حصيلة وفيات كورونا لديها عند 20 حالة مع فرض قيود إغلاق صارمة.

وبدأت مدينة غواياكيول الكولومبية في التعافي، بعدما كانت الجثث ملقاة في الشوارع في بداية الأزمة، وذلك مع ملاحقة الفرق الصحية للفيروس من منزل إلى آخر.

لكن بشكل عام الوضع بائس، وليس في أي مكان أكثر من البرازيل، التي قوَّض رئيسها اليميني المتشدد غايير بولسونارو جهود احتواء الفيروس، واستخف بإجراءات التباعد الاجتماعي، وحثَّ البرازيليين على العودة إلى العمل، بالرغم من أن عدد الإصابات المؤكدة في الأسبوع الماضي تجاوز 1.5 مليون حالة.

وقال كريستيانو رودريغيز العالم السياسي الذي يلقي باللوم مثل كثيرين على الاستجابة غير المتماسكة والمناهضة للعلم من قِبَل بولسونارو في ارتفاع عدد الوفيات: «هذه حكومة الموت».

وقالت الكاتبة العلمية ناتاليا باسترناك للتلفزيون البرازيلي: «لا يمكننا الحديث عن موجة ثانية بينما لا نزال في الأولى. البرازيل ليست لديها موجة ثانية - إنه تسونامي».

وبينما تكافح أمريكا اللاتينية من أجل التعامل في ظل مأساة لم تنتهِ بعد، هناك أيضاً مخاوف متنامية بشأن التأثير طويل الأمد على منطقة يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصادها بنسبة 9.4% هذا العام. ومن المتوقع أيضاً أن يقع عشرات الملايين في براثن الفقر، وأن يمحو الوباء عقوداً من التقدم الاجتماعي في القارة.

يقول إدواردو أورتيز خواريز وهو أكاديمي مكسيكي في كينغز كوليدج في لندن ويدرس تأثير كورونا على الفقر في العالم: «نحن نتحدث عن صدمة غير مسبوقة».

وأضاف خواريز: «أفلت نحو 72 مليون أمريكي لاتيني من الفقر أثناء عقد من النمو الاقتصادي المستدام والمساعدات الاجتماعية المكثفة في الفترة من 2003 حتى 2013».

وفي البرازيل التي توقَّع صندوق النقد الدولي انكماش اقتصادها بنسبة 9.1%، هناك مخاوف من أن يؤدي الركود الاقتصادي إلى تأجيج العنف في واحدة من أكثر دول العالم خطورة بالفعل، حيث وقعت أكثر من 40 ألف جريمة قتل في العام الماضي وحده.