السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«فيل في غرفة الناتو».. تركيا العدوانية تهدِّد التحالف الدولي

قال دبلوماسيون أوروبيون، إن تركيا التي باتت أكثر شراسة وطموحاً واستبداداً، أصبحت «الفيل في الغرفة»، بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، أي المشكلة التي يراها الجميع لكن لا يتعاملون معها، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

وترفض تركيا أي انتقاد موجَّه لسلوكها باعتباره غير مبرر، ولكن بعض سفراء حلف الأطلسي يعتقدون أن تركيا تُمثّل الآن تحدياً صريحاً للقيم الديمقراطية في التحالف والدفاع الجماعي كذلك.

وفي منتصف يونيو الماضي، وقعت مناوشات بين فرقاطة فرنسية وسفينة تركية تُهرِّب أسلحة إلى ليبيا، منتهكة بذلك الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة، وكاد الأمر أن يتطور إلى اشتباك مسلح بين الطرفين، لولا انسحاب الفرقاطة الفرنسية.

كما وقعت مواجهة مماثلة بين أنقرة وعضو آخر في الناتو، عندما حلَّقت طائرات حربية تركية فوق منطقة بالقرب من جزيرة رودس اليونانية، بعد أن حذَّرت السفن الحربية اليونانية من نية تركيا للتنقيب عن الغاز الطبيعي هناك.

وفي ظل تصاعد نهجها العدواني والقومي والديني أصبحت تركيا على طرفي النقيض بصورة متزايدة مع حلفائها الغربيين، بشأن ليبيا وسوريا والعراق وروسيا، إضافة إلى موارد الطاقة في البحر المتوسط.

وترى «نيويورك تايمز» أن ميل تركيا نحو حكم الرجل الواحد بعد 17 عاماً من تولّي الرئيس رجب طيب أردوغان زمام الأمور، أدى إلى إثارة قلق أعضاء آخرين في الحلف الأطلسي.

وقال فيليب غوردون، مستشار السياسة الخارجية والمساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي الذي تعامل مع تركيا خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما: «من الصعب وصف تركيا بأنها حليف للولايات المتحدة».

وأضاف غوردون: «لا يمكنك تحديد السياسة الأمريكية تجاه تركيا، ولا تستطيع حتى فهم موقف (الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الحقيقي حيالها)، إنها معضلة كبيرة بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة، إذ يبدو أن هناك خلافاً استراتيجياً حول كل القضايا تقريباً».

وقال السفير الأمريكي السابق لدى حلف الناتو نيكولاس بيرنز، إن سلوكيات تركيا تعطل أعمال الحلف وخططه الأساسية، مشيراً إلى أن «أنقرة عرقلت شراكات الحلف مع الإمارات ومصر وأرمينيا بسبب خلافها معهم».

وأضاف أن «الأخطر من ذلك أن تركيا منعت خطة الناتو للدفاع عن بولندا ودول البلطيق، التي تحدها روسيا. وسعت لدفع الحلف لتصنيف مختلف الجماعات الكردية، التي حاربت من أجل استقلالها، كجماعات إرهابية، وهو أمر لن يفعله الناتو. فبعض هذه الجماعات هي أفضل حلفاء واشنطن في حربها ضد تنظيمَي داعش والقاعدة الإرهابيَّين في سوريا والعراق».

من جهتها، قالت أماندا سلوت، النائبة السابقة لوزير الخارجية الأمريكي في إدارة أوباما: إن «الارتباك لا يتوقف فقط على واشنطن في التعامل مع تركيا، إنه أمر يمتد إلى الاتحاد الأوروبي، كلاهما لا يملك سياسة واضحة تجاه تركيا».

وهذه الانقسامات الاستراتيجية في تزايد، فهي تشمل دعم تركيا لمختلف الجماعات المسلحة في سوريا، وشرائها عام 2019 لمنظومة الدفاع الروسية (إس-400) رغم اعتراضات شديدة من الولايات المتحدة وأعضاء بالناتو، الذين يخشون أن تضع المهندسين الروس داخل نظام الدفاع الجوي للحلف، ما يمنحهم فرصة لرؤية نقاط قوته، وانتهاكها لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا، وتنقيبها العدواني عن الغاز في شرق البحر المتوسط.

واتهم محللون الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ بـ«التسامح المفرط تجاه سوء السلوك الأمريكي والتركي».

وكانت آخر مناقشة جادة للسياسات التركية بين سفراء حلف الأطلسي في أواخر العام الماضي.

ويقول سفراء بالحلف، إن فرنسا استخدمت حق النقض (الفيتو) من أجل تحقيق مصالح وطنية، ولكن ليس لتقويض الدفاع المشترك، كما تفعل تركيا.

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن تركيا تسعى وراء ما تسميه بمصالحها الوطنية الخاصة في شمال سوريا، حيث أصبح لديها الآن أكثر من 10 آلاف مسلح، وفي ليبيا حيث تساعد حكومة طرابلس برئاسة فايز السراج بالمرتزقة والسلاح، مقابل حصة في موارد الطاقة الغنية لدى ليبيا.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصف في تصريحات سابقة، حلف الناتو بأنه يمر بحالة «موت دماغي» بسبب عدم قدرته على كبح جماح تركيا أو التصرف بطريق سياسية منسقة.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أردوغان أصبح أكثر قومية واستبدادية، وخاصة في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، عندما أطاح وسجن العديد من العلمانيين والقضاة والصحفيين والقادة العسكريين الأتراك.

ونقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله «يجب أن يحدث حوار كبير بشأن ما يجب عمله مع تركيا.. لكنه مؤجل».