الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

جدل اللقاح الروسي.. روسيا توضح سبب الانتقادات وعلماء يرفضون اللقاح

جدل اللقاح الروسي.. روسيا توضح سبب الانتقادات وعلماء يرفضون اللقاح

تجري روسيا حالياً محادثات بشأن تصدير اللقاح أو ترخيص إنتاجه في 20 دولة - رويترز

يرفض المسؤولون والعلماء الروس التحذيرات المتعلقة بالسلامة الخاصة باللقاح الروسي ضد فيروس كورونا، ويعتبرون أنها مجرد غيرة.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولون آخرون، هذا الشهر وسط ضجة كبيرة، أنه سيتم طرح مليار جرعة من اللقاح الروسي لفيروس كورونا قريباً، الذي من المفترض أن يضع حداً لأسوأ جائحة يواجها العالم منذ قرن.

ولكن بدلاً من ترحيب العالم باللقاح الذي يحمل اسم Sputnik V، وجد مسؤولو الصحة الروس أنفسهم في موقف دفاعي.

وقال وزير الصحة الروسي ميخائيل موراشكو خلال مؤتمر صحفي في موسكو: «بعض الزملاء الأجانب الذين شعروا بغيرة معينة وميزة تنافسية للمنتج الروسي، حاولوا التعبير عن آراء لا نجد لها أساساً على الإطلاق».

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن معظم هذه الآراء تستند إلى حقيقة أن لقاح Sputnik V لم يتم اختباره في مراحل التجارب السريرية الثالثة، ولم يتم إجراء تجارب على نطاق واسع وبصورة عشوائية والتي تعتبر حاسمة في إثبات سلامة اللقاح وفاعليته.

ويحذر خبراء الصحة من أن روسيا قد تعرض الناس للخطر من خلال تجاوز مثل هذه التجارب، بهدف الدعاية والترويج لها.

ومن ناحيته قال أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية: «إذا أردنا اغتنام الفرصة لإيذاء الكثير من الأشخاص أو منحهم منتجاً غير فعال، يمكننا البدء في فعل ذلك الأسبوع المقبل إذا أردنا».



من ناحية أخرى، رفض العلماء الروس هذه الانتقادات، وقال ألسكندر جينتسبيرغ -مدير معهد غماليا الذي أشرف على تصنيع اللقاح- إن ردود الفعل كانت مجرد معركة من أجل الحصة السوقية من لقاحات كورونا.

وقال كيريل ديميترييف، رئيس صندوق الاستثمار الحكومي الذي يمول اللقاح: «نحن على يقين من أن لدينا اللقاح الأفضل والأكثر اختباراً والأكثر فعالية في العالم»، وأضاف: «منافسونا يعرفون هذه النقطة تماماً ويخشون من مكانة روسيا القوية في سوق اللقاحات».

وتتسابق القوى العالمية الكبرى في العالم لتطوير وإنتاج لقاح، وفي حال نجح أحد هذه اللقاحات ونال الموافقات اللازمة فستجني الدولة المستفيدة الفوائد الجيوسياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى المكانة.

وفي الوقت الحالي هناك 8 لقاحات وصلت إلى مراحل متقدمة عن تجارب روسيا، بما في ذلك اللقاحات التي تعمل عليها شركة مودرنا في الولايات المتحدة، وجامعة أكسفورد واسترازينيكا في بريطانيا، والعديد من اللقاحات في الصين.

وبشكل عام تمر اللقاحات بثلاث مراحل من التجارب البشرية قبل الحصول على الموافقة، حيث تُجرى المرحلتان الأولى والثانية على أعداد صغيرة، لمعرفة نتيجة الاستجابة المناعية والأضرار الجانبية، بينما تجري المرحلة الأخيرة على عشرات الآلاف من الأشخاص، للتأكد من أن اللقاح يقي من المرض.

كما يمكن أن تسلط المرحلة الثالثة الضوء على الآثار الجانبية الكارثية المحتملة، إلا أن روسيا بدأت في تجارب المراحل الأخيرة هذا الشهر بعد الموافقة على اللقاح.

وقال السيد دميترييف، أحد المستثمرين في اللقاح، إن العلماء الروس يثقون في اللقاح لأنهم استخدموا في تطويره نفس النهج المتبع في لقاح الإيبولا.



وفي سبتمبر الماضي، أي قبل أشهر قليلة من ظهور الوباء، كان العلماء الروس يجرون تجارب سريرية لإنتاج لقاح ضد متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والتي يسببها فيروس من نفس عائلة فيروسات كورونا.

وتجري روسيا حالياً محادثات بشأن تصدير اللقاح أو ترخيص إنتاجه في 20 دولة، من بينها البرازيل وكوبا والفلبين والمملكة العربية السعودية.

وقالت وزارة الصحة الروسية، إن الجرعات الأولى ستكون من نصيب العاملين الصحيين والمعلمين الروس، وصرح بوتين في وقت سابق بأن إحدى بناته أخذت جرعة اللقاح.



تردد الأطباء

لكن يبدو حتى الأطباء الروس مترددين بشأن اللقاح، وكان رئيس لجنة الأخلاقيات في وزارة الصحة الدكتور ألكسندر تشوتشالين قد استقال عندما كانت الوزارة تعمل على إصدار الموافقة على اللقاح.

وأظهر استطلاع على الإنترنت أن 24% فقط من أصل 3040 طبيباً شملهم الاستطلاع سيعطون اللقاح الجديد لمرضاهم، فيما أوصت 4 نقابات عُمّالية روسية تمثل الأطباء والمعلمين أعضاءها بعدم أخذ اللقاح.



وقالت أنستاسيا فاسيليفا، مديرة إحدى النقابات التابعة لتحالف الأطباء، وهي منتسبة إلى جماعة معارضة سياسية روسية، إن الكرملين وافق على اللقاح قبل الأوان، واعتبرته قراراً سياسياً الهدف منه تعزيز مكانة الدولة وإنعاش الاقتصاد.

وقالت: «الأطباء ليسوا أغبياء، إنهم يعلمون ما يمكن أن يفعله دواء لم يتم اختباره».



ليست المرة الأولى

وتاريخياً تعتبر طريقة الحصول على موافقة تطوير اللقاحات متجذرة في روسيا، وفي الخمسينات من القرن الماضي، اختبرت عائلة من العلماء الروس لقاحاً ناجحاً ضد شلل الأطفال على أطفالهم.

وفي عام 1969، صمم الدكتور ألكسندر بوتيكنو في وقت قصير لقاحاً ضد حمى القرم والكونغو النزفية لقمع تفشي المرض في جنوب روسيا، وقام بحقن نفسه أولاً وفقاً لتقليد روسي لعلماء الطب، ومن ثم اختبره على عدد صغير من الأشخاص.

وحينها وافقت السلطات الصحية السوفيتية على اللقاح لوقف انتشار المرض على الرغم من أنه لم يخضع لتجارب المرحلة الأخيرة، إلا أن اللقاح كان ناجحاً.

وقال الدكتور يوتينكو الذي تقاعد حالياً، إنه يتم اتخاذ مثل هذه المواقف السريعة في الأزمات، عندما تتم الموازنة بين مخاطر اللقاح الجديد ومخاطر الضرر الناجم عن الوباء.

وقال يوهان نيتس، أستاذ علم الفيروسات بجامعة لوفين في بلجيكا، إن العلماء لم يجدوا حتى الآن أي مؤشرات على أن اللقاحات المصممة ضد فيروس كورونا المستجد يمكن أن تؤدي إلى تفاقم المرض، ولكن هذا الأمر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.

وأشار إلى أن أحد أسباب القلق هو نتائج دراسة استمرت لعقود من قبل علماء الفيروسات الهولنديين الذين قاموا بتطوير لقاح تجريبي ضد سلالة من فيروس كورونا الذي يصيب القطط، ولكن لاحقاً تعرضت الحيوانات لفيروس القطط وماتت بسرعة أكبر من القطط التي أعطيت العلاج الوهمي.

وحينها أطلق الباحثون على دراستهم التي نشرت في مجلة علم الفيروسات عام 1990 اسم «متلازمة الموت المبكر»، وأكد الدكتور نيتس أن هذا أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الجميع يقظين.