الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

«المرتزقة».. رائحة أردوغان تزكم أنوف العالم

«المرتزقة».. رائحة أردوغان تزكم أنوف العالم

ممارسات أردوغان تزعج القاصي والداني. (تونس ـ رويترز)

من سوريا إلى ليبيا وأذربيجان مروراً بالصومال ولبنان ووصولاً إلى نيجيريا وعمق الساحل الأفريقي، باتت رائحة أفواج المرتزقة وشحنات الأسلحة التركية تزكم أنوف القاصي والداني، مسلطة الضوء على تسارع وتيرة تهديدات أنقرة للأمن على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وتزايدت التقارير في الأيام الأخيرة عن حجم هذه التحركات وخطورتها المتصاعدة، وسط مطالبات بضرورة اتخاذ موقف دولي صارم لكبح جماح التهور التركي.

أدلة وشهادات

وفي ألمانيا، شنت صحف عدة هجوما لاذعا على سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخارجية، ومغامراته العسكرية.

وأكدت مجلة دير شبيغل حصولها على أدلة دامغة تثبت إرسال أردوغان لمرتزقة سوريين إلى ميدان القتال في أذربيجان، مشيرة إلى أنه يرغب في نقل استراتيجيته في ليبيا إلى القوقاز.

ونشرت المجلة تقريراً بعنوان «محاربي الظل لدى أردوغان» وثّقت فيه مكالمة هاتفيه مع أحد عناصر المرتزقة الذين تم جلبهم من سوريا إلى قره باغ، أطلقت عليه اسم «إبراهيم» (24 عاماً).

ووصف الشاب السوري للمجلة الألمانية، الذعر الذي انتاب المقاتلين المرتزقة قبل إعلان الهدنة الهشة، قائلاً«الطائرات المقاتلة الأرمنية تمر فوقنا، نتعرض لضربات شديدة، وفقدنا الكثير من الرجال لدرجة أنني لا أستطيع عدهم، أتمنى فقط أن أخرج من هنا».

وقالت دير شبيغل إن «إبراهيم» الذي ينتمي للواء السلطان مراد، التابع لفصيل الجيش السوري الحر، أكد أن العديد من رفاقه رفضوا الذهاب إلى «ناغورنو قره باغ» بعد الحصيلة الكبيرة لعدد قتلى المرتزقة في ليبيا والتي تجاوزت «توقعات الحكومة التركية».

وأوضح التقرير أن إرسال المرتزقة إلى القوقاز يهدد بانزلاق الصراع نحو حرب دولية بالوكالة، مؤكدة أن تركيا أرسلت حتى الآن ما لا يقل عن ألف مرتزق بمرتب ألف دولار شهريا، كما زودت حلفاءها هناك بعدد من الطائرات بدون طيار.

ونقلت المجلة شهادة أخرى لشخص يدعى «حميد» وهو قائد في مجموعة فرعية أخرى من الجيش السوري الحر، تدعى «لواء حمزة»، حيث أكد أنه أرسل عشرات من رجاله إلى قره باغ منذ أواخر سبتمبر الماضي.

وقالت إنه تم تجنيد بعض المقاتلين في مخيمات شمال سوريا حاليا وسيتم نقلهم عبر الحدود إلى مدينة غازي عنتاب التركية ومن هناك بالطائرة عبر أنقرة واسطنبول إلى أذربيجان بشكل يومي.

توسيع لائحة الأعداء

بدوره، تحدث موقع «برلينر كورير» الألماني في تقرير بعنوان «رائحة أردوغان النتنة تطال كافة الجيران» عن أن أنقرة باتت محاطة بالأعداء من كل جانب، وأن التدخل التركي في ملف نزاع «ناغورنو قره باغ»، يزيد من عزلة أنقرة ويمثل استعداء لدولة جديدة هي روسيا الحليف القوي لأرمينيا.

وأشار التقرير إلى أنه، وبنظرة على خريطة جيران تركيا، يجد المرء صعوبة في اكتشاف أي أصدقاء لأردوغان، إذ إنه «إما يشعل صراعات في المنطقة وإما يصب الزيت على النار لتصعيد نزاعات أخرى»، ورأى الموقع أن الرئيس التركي يسعى من وراء هذا الأمر إلى التستر على ضعفه الداخلي المتزايد عبر مطاردة وهم القوة العظمى.

وعدد الموقع جبهات التدخل العسكري التركي من العداء التاريخي مع أرمينيا حيث شهدت الأرض قبل قرن من الزمن إبادة جماعية للأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية، وصولاً إلى الاستفزازات الأخيرة لليونان وقبرص، بالإضافة للخلاف مع مصر وإسرائيل حول البحث عن موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ونقل الموقع عن الكاتب الباحث غونتر زويفرت رئيس مركز الدراسات التركية التطبيقية، ومقره برلين، القول إن هذه الدول مجتمعة وسعت تعاونها العسكري في الفترة الأخيرة، في ظل تصاعد وتيرة التحركات التركية.

وأضاف التقرير أن قائمة الأعداء تشمل دولاً مثل سوريا والعراق، مشيراً إلى الاحتلال التركي لمساحات واسعة من شمال سوريا وحربه ضد الأكراد هناك، وهجمات الجيش التركي بالمدفعية والطائرات داخل الأراضي العراقية التي أسفرت عن مقتل جنود عراقيين.

ولفت الموقع الألماني إلى التدخل التركي في لييبا عبر استجلاب آلاف المرتزقة لصب الزيت على نار النزاع هناك.

قطر والصومال

وسلطت «فورين بوليسي» الأمريكية الضوء على تصاعد وتيرة المغامرات العسكرية التركية، قائلة إن خريطة هذه المغامرات باتت تشمل كلاً من سوريا وليبيا وقبرص وشرق المتوسط إضافة إلى أذربيجان. وأشارت المجلة إلى أن قطر أصبحت تنتظم في سلك واحد مع الصومال كمقر لقواعد تركية بالنظر إلى امتلاك أنقرة لقواعد عسكرية خارجية في العراق، وقطر والصومال.

وفي السياق ذاته، تداولت وسائل إعلام عربية وتركية أنباء عن شحنات أسلحة تركية ومرتزقة ارسلتهم أنقرة إلى مدينة طرابلس اللبنانية عبر شركة سادات الأمنية التركية، وذلك بالتزامن مع حالة الفراغ السياسي والأمني التي يشهدها لبنان حالياً خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت.

وكذلك ظهرت بصمات تركيا، في منطقة الساحل الأفريقي التي تعرف نشاطاً مقلقاً لجماعات الإرهاب، حيث شهدت نيجريا التي تكافح منذ سنوات ضد جماعة بوكو حرام الإرهابية، تدفق شحنات أسلحة تركية مهربة إلى داخل البلاد، ما قاد السلطات هناك إلى فتح تحقيق في الملف عام 2017.

ونقلت وكالة فرانس برس آنذاك عن المتحدث باسم الجمارك النيجرية جوزف اتا قوله إن «الحكومة قلقة حيال الاستيراد المستمر للاسلحة من تركيا».