الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

بعد تشجيع مغامراته الإقليمية.. هل حان الوقت لواشنطن لردع أردوغان؟

بعد تشجيع مغامراته الإقليمية.. هل حان الوقت لواشنطن لردع أردوغان؟

أردوغان وترامب. (رويترز)

تسببت السياسة الأمريكية المتساهلة مع نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تعزيز ميوله الاستبدادية وتشجيع مغامراته الإقليمية المزعزعة للاستقرار، بحسب تقرير نشره موقع «ناشيونال إنترست» الأمريكي.

ويقول التقرير إن دعم أردوغان الكامل للعدوان الأذربيجاني في ناغورنو قره باغ ليس سوى الأحدث في قائمة طويلة من الانتهاكات التركية المقلقة ضد السلام والأمن الدوليين في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية في القوقاز والشام وشرق البحر المتوسط ​​وشمال إفريقيا. وتشكل مغامرات أردوغان الخطيرة، مجتمعة، تهديدًا خطيرًا للولايات المتحدة ومصالحها ويجب الرد عليها.

مغامرات خطيرة

في إقليم ناغورنو قره باغ المتنازع عليه، كانت تركيا هي القوة الدافعة وراء الهجوم الأذربيجاني الذي كسر السلام البارد مع أرمينيا، حيث أعادت الأسلحة التركية والمرتزقة الأجانب الذين جندتهم أنقرة، إشعال صراع كان مجمداً وهادئاً رغم هشاشته.

وأكدت تركيا أطماعها في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​من خلال إرسال سفن التنقيب إلى المياه التي تطالب بها اليونان وقبرص. وردت اليونان وفرنسا باستعراض عسكري للقوة، وهو ما أجبر تركيا على التراجع في الوقت الحالي.

بؤرة مستعصية

ومنذ عام 2016، تدخّلت تركيا بقواتها في شمال سوريا 3 مرات، وتحتفظ حالياً بوجود عسكري قوي هناك، وكانت تكاليف هذه التدخلات العسكرية باهظةً. وأدى التواجد التركي في المنطقة لإطلاق سراح سجناء داعش، وتم تشريد مئات الآلاف من المدنيين، وتحوّلت منطقة شمال وشرق سوريا التي كانت مستقرة نسبياً إلى بؤرة مستعصية من الصراع العرقي والطائفي والسياسي، حيث وثَّق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أدلةً تثبت تورّط تركيا والفصائل السورية التابعة لها في جرائم حرب تشمل اختطاف رهائن ومعاملة قاسية وتعذيب واغتصاب.

حرب أهلية

وتسبب كذلك التدخل التركي في إشعال العنف في ليبيا، لكن الجهد المنسق من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومصر منع القوات التركية وحلفاءها من الحكومة الليبية من التحرك العسكري باتجاه مدينة سرت الليبية، الأمر الذي كان من شأنه أن يوسع نطاق الحرب الأهلية وفتكها.

وبحسب الدبلوماسي الأمريكي آدم إيريلي، الذي كان نائباً للمتحدث باسم وزارة الخارجية في 2006، فإن خطابات تركيا واستفزازاتها المتسلسلة تدحض الادعاء بأنها حليف مهم للولايات المتحدة، إذ يشكل شراء أنقرة لنظام الدفاع الجوي الحديث S-400 من روسيا، ونشره، خطراً على حلف شمال الأطلنطي، الناتو، وهي عضو فيه. وبسبب قيام تركيا بالهجمات المتواصلة على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا، أصبح لدى تنظيم داعش فرصةٌ جديدة لإعادة تنظيم نفسه.

أبواق أردوغان

وتابع، إن المسؤولين الأتراك وأبواقهم الإعلامية اعتادوا على التنديد بأمريكا ويعتبرونها التهديد الأساسي لبلادهم. وقد أدى خطاب أردوغان المتفجّر والشعبوي إلى دفع المشاعر المعادية لأمريكا في تركيا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 13% فقط من الذين تم استطلاع آرائهم في تركيا لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

صدام جديد

وكتب مايكل روبن من معهد أمريكان إنتربرايز مؤخراً: «لقد أصبحت تركيا اليوم مثل العراق في أوائل عام 1990 وشبّه أردوغان بصدام حسين، حيث إن اقتصاده ينهار ويدرك أنه لن يكون قادراً على صرف اللوم عن سوء إدارته وخياراته مثل صدام، ويرى أن الدول الجارة تمتلك موارد ثمينة، ويعتبر أن المجتمع الدولي نمورٌ من ورق».

وبصورة جزئية، اعتبر التقرير أن أردوغان ليس مخطئًا، فقد أدى العجز الأمريكي إلى تعزيز ميوله الاستبدادية وتشجيع مغامراته الإقليمية المزعزعة للاستقرار، كما أدى تخلي إدارة ترامب عن الدور التقليدي لأمريكا كقوة إقليمية وعالمية إلى خلق فراغ دبلوماسي وأمني تتوق أنقرة إلى استغلاله.

مستفيدون وضحايا

روسيا وإيران وتنظيم داعش الإرهابي وجماعة الإخوان هم المستفيدون، والمدنيون الأبرياء في ناغورنو قره باغ وليبيا وسوريا هم الضحايا.

مجموعة متزايدة من السياسيين الأمريكيين مصممون على تصحيح هذا الوضع المؤسف. فقد أشار إليوت إنجل السيناتور الديمقراطي من نيويورك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إلى أنه في نزاع ناغورنو قره باغ «لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتسامح مع قيام تركيا بتعطيل عملية السلام وتفاقم الصراع الذي يتجه بالفعل نحو تصعيد جذري».

وشجب السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز من نيوجيرسي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بشدة هجوم أذربيجان على قره باغ، واصفاً إياه بأنه «عمل عدواني آخر تدعمه تركيا» وحث على تعليق المساعدة الأمنية لباكو.

وقت التحرك

ودعا كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ إدارة ترامب إلى معاقبة تركيا بسبب نشرها صواريخ إس-400 وهي خطوة ما زال البيت الأبيض مترددًا في اتخاذها حتى الآن. ومع ذلك، يتزايد الضغط من الحزبين، في ضوء التقارير التي تفيد بأن تركيا استخدمت نظام الدفاع الجوي الروسي الصنع لاستهداف طائرات F-16 أمريكية الصنع تابعة لليونان العضو في حلف الناتو.

واختتم التقرير بالقول إن فشل أمريكا المتكرر في ردع تركيا تسبب في إحداث دمار في جزء استراتيجي من العالم، مع عواقب وخيمة على مصالح واشنطن وحلفائها وإن نزاع قره باغ ليس سوى أحدث دليل على أن الوقت قد حان للتعامل مع تركيا بحزم.