الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

بسبب كورونا.. عجز في توفر وحدات العناية الفائقة في أوروبا

بسبب كورونا.. عجز في توفر وحدات العناية الفائقة في أوروبا

عجز في توفر وحدات العناية الفائقة في أوروبا. - أ ف ب

تقف سيارات إسعاف في صفوف خارج مستشفيات إيطالية في انتظار توفر أسرة عناية فائقة.

أما في فرنسا، يعرض تطبيق هاتفي حكومي -يتتبع فيروس كورونا- سعة غرف العناية الفائقة المخصصة لمرضى كوفيد-19، وهي آخذة في الارتفاع.

في وحدة عناية فائقة ببرشلونة، لا يلوح في أعين الأطباء والممرضات نهاية لتدفق المصابين، في وضع عانوا منه قبل أشهر.

وحدات العناية الفائقة هي خط الدفاع الأخير لمرضى فيروس كورونا المستجد وأوروبا، وهي الآن تنفد من الأسرة، والأطباء، والممرضات.

في دولة بعد أخرى، يقترب عبء العناية الفائقة بمرضى الفيروس، وأحياناً تتجاوز الإصابات المستويات التي شوهدت في ذروة التفشي الربيع الماضي.

يحذر مسؤولو الصحة، الذين يطالب الكثير منهم بالعودة إلى تدابير الإغلاق الأكثر صرامة، من أن إضافة الأسرة لن تفيد لأنه لا يوجد عدد كافٍ من الأطباء والممرضات المدربين.

أكثر من 7000 عامل في مجال الرعاية الصحية بفرنسا تلقوا تدريبات منذ الربيع الماضي على تقنيات العناية الفائقة.

جندت السلطات طلاب تمريض، ومتدربين، ومسعفين، كما يقول وزير الصحة أوليفييه فيران.

صرح الوزير الأسبوع الماضي بأن 85% من طاقة وحدات العناية الفائقة امتلأت، وكانت التعبئة جيدة وحقيقية، لكن هذا «لا يكفي».

في غضون أيام، ارتفعت النسبة 7 نقاط مئوية أخرى، وحذر الوزير من أنها ستواصل الارتفاع. وعلى عكس الموجة الأولى في الربيع الماضي، ينتشر الفيروس الآن في كل مكان بفرنسا، ما يجعل عمليات الانتقال من منطقة إلى أخرى بواسطة القطار فائق السرعة أقل عملية.

نقل أحد مستشفيات مدينة مرسيليا في الجنوب مؤخراً شاحنات مبردة قبل الارتفاع المخيف في عدد الوفيات بوحدة العناية المركزة هناك.

في إيطاليا، قال فيليبو أنيلي -رئيس نقابة الأطباء الوطنية- إنه في ظل معدل الإصابات الحالي، لن يكون هناك عدد كافٍ من الأطباء قريباً.

وفي الآونة الأخيرة بنابولي، بدأت ممرضات التحقق من الأشخاص أثناء جلوسهم في السيارات خارج غرف الطوارئ، في انتظار توفير سرير خالٍ.

قال أنيلي إن إيطاليا لديها ما مجموعه 11 ألف سرير في وحدات العناية الفائقة، لكن عدد أطباء التخدير يكفي فقط لـ5000 مريض.

اعتباراً من أمس الاثنين، شُغل 2849 سريراً بوحدات العناية المركزة في جميع أنحاء البلاد، بزيادة 100 على اليوم السابق فقط.

تبلغ فترة انتقال مريض الفيروس العادي -الذي يعاني من أعراض خطيرة- إلى غرفة عادية بالمستشفى من 7 إلى 10 أيام.

غالباً ما يحتاج أولئك الذين تم قبولهم إلى الإقامة لأسابيع، حتى مع وصول المزيد من المرضى. هذا الوضع سيكون كارثياً مع ارتفاع معدلات الإصابة.

يتم إجلاء مرضى من فرنسا وهولندا إلى وحدات عناية فائقة ألمانيا، لكن بعض الأطباء الألمان يقولون إنهم يشاهدون عدد الأسرة المجانية يتضاءل بسرعة.

قال الدكتور إيوي يانسنز، رئيس الجمعية الألمانية متعددة التخصصات للعناية الفائقة وطب الطوارئ، إن الإصابات في بعض المناطق الحضرية تصل لمستويات غير مستقرة.

وأضاف «عندما يتبقى في مدينة يقطنها ملايين 80 أو 90 سريراً فقط، قد يكون ذلك بمثابة كتلة حرجة، لأنه ليس لديك كوفيد-19 فحسب، بل هناك أيضاً حوادث مرورية، وإصابات بنوبات قلبية، وانصمام رئوي وما إلى ذلك».

تضاعف عدد المصابين بالفيروس في الأسبوعين الماضيين فقط -الذين عولجوا في وحدات العناية الفائقة بألمانيا- 3 مرات تقريباً، من 943 إلى 2546.

يقر يانسنز بأن الوضع في ألمانيا أفضل من فرنسا وبلجيكا وهولندا وبريطانيا.

يوجد في ألمانيا نحو 34.5 سرير عناية فائقة لكل 100 ألف نسمة، باستثناء احتياطي الطوارئ.

وقال إن إيطاليا لديها 10، بينما فرنسا تمتلك 16.

وأضاف «السرير وجهاز التنفس الصناعي وجهاز المراقبة لا يعني أنه يمكن رعاية المريض. عندما يتعلق الأمر بالممرضات والموظفين المتخصصين، فإن ألمانيا متأخرة كثيراً. لدينا الكثير من الأسرة، ولكن ليس لدينا ما يكفي من الفرق الطبية».

فرضت إسبانيا القيود ذاتها، لكن عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس بها بلغ نطاقاً لم تشهده ألمانيا بعد.

وقال الدكتور روبرت غيري، رئيس قسم الأمراض المعدية ومنسق جهود مكافحة كوفيد-19 في مستشفى ديل مار في برشلونة: «من ناحية، يعاني موظفو الرعاية الصحية من الإرهاق؛ ومن ناحية أخرى، عدد الأشخاص الذين يعملون في الخطوط الأمامية محدود للغاية».

وأشار إلى أن وحدة علاج فيروس كورونا بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى في أكتوبر، ثم امتلأت وحدة العناية المركزة. ورغم انخفاض معدلات العدوى بشكل طفيف، أكد أنه لا يستطيع تحديد انتهاء الأزمة.

وفي البرتغال، يتمتع فرناندو مالتيز بخبرة 40 عاماً في إعداد خطط الطوارئ للتهديدات الصحية كأحد خبراء الأمراض المعدية الرائدين في البلاد.

خلال الأشهر السبعة، من أوائل مارس حتى نهاية سبتمبر، سجلت البرتغال رسمياً أكثر من 75500 حالة إصابة بكوفيد-19، لكن العدد ارتفع في شهر أكتوبر فقط إلى نحو 66000 إصابة.

وأعلنت السلطات البرتغالية فرض حظر التجول، مع دخول 391 مريضاً بفيروس كورونا وحدات العناية المركزة حتى يوم الاثنين، مقارنة بـ271 مريضاً خلال أسوأ أسبوع في بداية تفشي الفيروس.

قال مالتيز في جناح الأمراض المعدية الذي يشرف عليه في مستشفى كاري كابرال في لشبونة، حيث تم تخصيص 20 سريراً لوحدة العناية المركزة المخصصة لمرضى فيروس كورونا، «لا تلوح نهاية في الأفق. لا توجد خدمة صحية في العالم يمكنها تحمل طوفان الحالات التي تستمر في الظهور».

لا تزال الكثير من دول أوروبا الشرقية بمنأى عن الموجة المروعة التي وقعت الربيع الماضي. وحذرت المجر من أن مساحة وحدة العناية المركزة بها لن تتمكن من استيعاب المزيد من المرضى بحلول ديسمبر في ظل السيناريو الأسوأ، وارتفعت حالات العلاج بالمستشفيات في بولندا إلى 3 أضعاف المستويات التي ظهرت في الربيع. وفي أواخر الشهر الماضي، توجهت قوات الحرس الوطني الأمريكي التي حصلت على تدريب طبي إلى جمهورية التشيك لمساعدة الأطقم الطبية هناك، وتولى عمدة براغ نوبات عمل في المستشفى.

برغم ذلك، تظهر بعض بوادر الأمل. تشهد بلجيكا، التي لا تزال نسبياً الدولة الأكثر تضرراً في أوروبا بفيروس كورونا، مؤشرات متزايدة على حدوث نقطة تحول في الأزمة بعد فرض إغلاق جزئي. وقال عالم الفيروسات إيف فان ليثيم إن حالات دخول المستشفى بلغت ذروتها على ما يبدو عند 879 حالة يوم 3 نوفمبر، وانخفضت إلى نحو 400 يوم الأحد.

كانت هناك مخاوف من الوصول إلى السعة القصوى لوحدة العناية المركزة التي تضم 2000 سرير الأسبوع الماضي، لكن ستيفن فان جوتشت، عالم الفيروسات في مؤسسة سيسنسانو، قال إن وتيرة العدوى بدأت تتباطأ هناك أيضاً.

وأضاف: «القطار فائق السرعة يتباطأ»، في الوقت الحالي على الأقل.