الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

لماذا يرغب أردوغان في إصلاح العلاقات مع إسرائيل؟

لماذا يرغب أردوغان في إصلاح العلاقات مع إسرائيل؟

أردوغان - أ ف ب.

يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التودد لإسرائيل ويؤكد أنه يرغب في علاقات أفضل بين بلاده وإسرائيل، وتسير وسائل الإعلام التركية على خطاه.

وقالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إن تركيا ترغب في مصالحة تقوم على 3 ركائز، هي:

الأول، تعيين سفير لدى إسرائيل مناهض لها، والثاني تخريب العلاقات بين إسرائيل وكل من اليونان وقبرص والإمارات، وأن تصبح إسرائيل معزولة وتعتمد على أنقرة في تجارة الطاقة، وخيانة أصدقاء إسرائيل الجدد في البحر المتوسط والخليج، والثالث أن تركيا تريد أن يخسر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الانتخابات المقبلة.

ووصفت الصحيفة هذه المصالحة بأنها ذئب في ثياب حمل أكثر من كونها تهدف إلى علاقة طبيعية بين دولة وأخرى.

وعلى الرغم من القمع الإعلامي في تركيا وسجن المعارضين، إلا أن وسائل الإعلام الأجنبية ما زالت مستعدة لقبول كذبة تركيا. وبدلاً من التشكيك في روايات النظام حول المصالحة التي اقترحتها أنقرة تنشر تلك الوسائل الإعلامية رواية تركيا للمسألة دون التدقيق في مضمون «المصالحة» التي اقترحتها أنقرة على إسرائيل.

من ألد أعداء إسرائيل

وكانت تركيا واحدة من أكثر الدول المعادية لإسرائيل في العالم في السنوات الأخيرة، وتشترك في لغتها في هذا الشأن مع إيران.

لكن أنقرة أدركت أن حديثها عن المصالحة يبرزها بشكل جيد لوسائل الإعلام الغربية ويعطي انطباعاً عن النظام التركي بأنه سلمي ومعتدل، وتقول الصحيفة إن من المحتمل أن تكون تركيا قد حصلت على هذه النصيحة من بعض جماعات الضغط التابعة لها في واشنطن.

أطماع بثروات السواحل

بدأت رواية المصالحة بخرائط تظهر أن تركيا وإسرائيل تتشاركان حدوداً بحرية، وسعت تركيا إلى دفعها لوسائل الإعلام الإسرائيلية، وتسعى أنقرة في هذه الخطوة إلى تجاهل قبرص ومحاولة فرض مطالبات تتعلق بالغاز قبالة السواحل مثلما فعلت مع اليونان.

وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا تهدف في هذه الخطة إلى محاولة حمل إسرائيل على التوقف عن العمل على اتفاقية خط أنابيب مع قبرص وإعادة توجيه الجهود إلى تركيا، كما أن الهدف الأساسي من ذلك ليس المصالحة مع إسرائيل، إنما تخريب الصفقات بين أثينا ونيقوسيا وإسرائيل.

وأضافت الصحيفة أن تركيا ترى العلاقات والعمل المشترك بين الإمارات واليونان، وتسعى للإضرار بعلاقات إسرائيل الجديدة مع الإمارات، إضافة إلى أن أنقرة غاضبة للغاية من العلاقات الإسرائيلية الإماراتية لدرجة أنها هددت بقطع العلاقات مع الإمارات.

تدخل في السياسية الداخلية

وتقول أحدث الأخبار الواردة من تركيا إنها تريد المصالحة لكن السبب في تدهور العلاقات بين البلدين هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهي محاولة جديدة للتدخل بالسياسية الداخلية لإسرائيل.

ولطالما حاولت تركيا إخبار الصحفيين الإسرائيليين بأنه في حال تم استبدال نتنياهو فقط يمكن للبلدين حينها التوافق، وحسب الصحيفة، فإن هذه المحاولة غير مسبوقة لتدخل تركيا في السياسة الداخلية لإسرائيل مثلما حاولت أنقرة إقحام نفسها في الدائرة الداخلية لترامب عامي 2016 و2017.

وتعتبر أنقرة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى أمراً طبيعياً، وعبر التاريخ نادراً ما تحاول الدول تقويض الدول الأخرى من خلال اقتراح من يجب أن تختارهم كقادة لها. وسبق أن ألمحت أنقرة إلى أن فرنسا لا تحب رئيسها إيمانويل ماكرون. وهذا موقف سيد مستعمر أكثر من كونه موقف دولة تعتبر دولة أخرى على قدم المساواة.

وفي هذا الصدد تظهر أنقرة أنها ترى إسرائيل كدولة ثانوية وليست دولة مساوية لها، والهدف من المصالحة هو عزل إسرائيل وتقويض سيادتها ودعم إرهابيي حماس وجعل إسرائيل تعتمد على تركيا.

حماية من بايدن

وقال أيكان أردمير وهو كبير مديري برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وعضو سابق في البرلمان التركي لجيروزاليم بوست، إن أردوغان كان يتمتع بعلاقات جيدة مع الرئيس ترامب الذي حماه من اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بما في ذلك العقوبات التي طالب بها كل من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي.

ويرى أردمير أن أردوغان الذي يشعر بالقلق من إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن التي ستكون أكثر صرامة مع تركيا، ويريد كسب مزايا من خلال مواقف دبلوماسية، بما في ذلك التواصل الفاتر مع إسرائيل.

وأشار أيضاً إلى أن أردوغان يرغب في أن يؤدي تزايد الأخبار حول التقارب التركي الإسرائيلي إلى تعطيل التعاون المتزايد في مجال الطاقة في شرق البحر المتوسط، والذي أدى إلى تعميق عزلة أنقرة الدبلوماسية في المنطقة.

وأضاف أن تركيا وإسرائيل لديهما إمكانات كبيرة لإقامة علاقات مربحة للجانبين في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية، إلا أن هوس أردوغان بالترويج للإسلام السياسي سيمنع أي تعاون قائم على الثقة.

تحولات مهمة في المنطقة

وفي تصريح خاص لـ«الرؤية» قال المحلل والباحث السياسي يحيى التليدي إن دعوات أردوغان المنادية بتحسين العلاقات مع تل أبيب تأتي في وقت تشهد في المنطقة تحولات سياسية مهمة، لا سيما إقامة كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب لعلاقات مع إسرائيل، مع إمكانية انضمام دول عربية وإسلامية أخرى لمركب السلام.

وأضاف التليدي أن ذلك ما يجعل النظام التركي يدرك أن واقعاً جديداً بدأ يتشكل في الشرق الأوسط في جملة هذه المستجدات المهمة، وأن دول المنطقة سائرة نحو السلام، وهو ما يجعله يسارع إلى المبادرة نحو تعزيز علاقات بلاده مع إسرائيل.

وتابع «أيضاً العزلة الإقليمية التي تعيشها أنقرة منذ فترة نتيجة قيامها بثلاثة توغلات منفصلة ضد الأكراد السوريين منذ عام 2016، وإرسال قوات ومرتزقة سوريين إلى ليبيا وأذربيجان، والتحرك ضد اليونان في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما دفع أردوغان إلى السعي وراء إعادة فتح القنوات مع إسرائيل مجدداً لإقامة العلاقات وإيجاد مخرج له من المأزق الذي يمر به، وخاصة أنه يدرك أن إدارة جو بايدن ستكون أكثر صرامة تجاه عدوانيته وأطماعه التوسعية، والتعامل مع إسرائيل سوف يكسبه حظوة مع فريق بايدن».

وأضاف: «الأكيد أن أردوغان سيتجه نحو عقد صفقة مع الإسرائيليين والتضحية بحليفته حركة حماس الفلسطينية حفاظاً على مصلحة بلاده التي تحتفظ بعلاقات اقتصادية مميزة مع إسرائيل».