الخميس - 09 مايو 2024
الخميس - 09 مايو 2024

من جورج واشنطن إلى بايدن.. البيت الأبيض تاريخ مثير

من جورج واشنطن إلى بايدن.. البيت الأبيض تاريخ مثير

البيت الأبيض يستعد للساكن الجديد جو بايدن. (أ ف ب)

حين تُذكر لفظة البيت الأبيض، يدرك الجميع أنهم أمام قصة مثيرة للموقع والموضع الذي يسكنه ويدير منه أعماله قيصر أمريكا أو رئيسها.

تبدأ القصة من عند أول رئيس للبلاد، جورج واشنطن، الذي أشرف على بنائه، ولم يعش فيه، وحتى سيده الجديد، الرئيس الـ46، جوزيف بايدن. قصة طويلة ومشوقة، وكثيراً ما استخدمتها هوليوود لعمل أفلام سينمائية مثيرة، ومنها فيلم White House Down والذي يوضح الرمزية الكبيرة لهذا البيت.

شهد هذا البناء الأبيض خلف جدرانه رؤساء بلغوا لاحقاً مرحلة من العظمة، وآخرين لعنهم التاريخ، بحسب كاتب سير الرؤساء البريطاني السير، نايجل هاملتون، في مؤلفه المثير «القياصرة الأمريكيون».

واشنطن يبني وآدامز يسكن

حين استقر الآباء المؤسسون على اختيار واشنطن كعاصمة للبلاد، بدأ جورج واشنطن عام 1792 في البحث عن مكان مناسب، وقد وجده في المقر القائم الآن في 1600 بنسلفانيا آفنيو، غير أن ثاني رئيس لأمريكا جون آدامز هو من قُدر له أن يسكن هذا المقر الجديد عام 1796.

اختار جورج واشنطن المهندس الأيرلندي، جيمس هوبان، لتصميم المبنى، الذي أحضرت حجارته من اسكتلندا، وأقيم على مساحة 73 ألف متر مربع، ويشتهر بحدائقه، وبأجنحته الشرقية والغربية، وغرفه البالغ عددها 132 غرفة.

أشهر غرف البيت الأبيض، المكتب البيضاوي الذي يمارس منه الرئيس أعماله، وقد عرف العالم هذا المكتب بشكل خاص في زمن الرئيس ترامب، لكثرة مرات ظهوره منه، وهناك قاعات لقاء الرؤساء، وغرفة الخرائط، وغيرها من مكاتب طاقم البيت الأبيض، وقاعات الطعام.



حريق الإنجليز والطلاء الأبيض

لم يكن البناء الرئاسي في بدايات عهده مطلياً باللون الأبيض، غير أن الصراع المسلح بين الأمريكيين والقوات البريطانية خلال حرب الاستقلال، أدى إلى حريق بأرجاء ذلك البيت العتيد في 24 أغسطس 1814، ووقتها لم يتبقَ منه سوى الواجهات الخارجية، واستغرق الأمر 3 سنوات لإعادة بنائه بحسب تصميمه الأصلي مرة آخرى، ووقتها تم طلاؤه باللون الأبيض.

لم تدخل المياه والتدفئة إلى البيت الأبيض إلا عام 1835، في عهد الرئيس أندرو جاكسون، فيما عرفت الكهرباء طريقها إلى هناك عام 1891. وكان أول حفل زفاف لرئيس أمريكي في هذا البيت عام 1886، حين أقام الرئيس جروفر كليفلاند حفل زفافه هناك، وهو الرئيس الوحيد الذي فعلها.



رؤساء وهجمات عبر التاريخ

ولأن البيت الأبيض هو مقر سكن الرئيس الأمريكي، فقد عرضه ذلك لهجمات خطيرة عبر أكثر من 200 عام.

وكان الهجوم الأول في عهد الرئيس جيمس ماديسون عام 1814، خلال حرب الاستقلال، بين الدولة الوليدة وبريطانيا. ويقول الرواة إن الجنود البريطانيين جلسوا داخل البيت الأبيض لتناول الغداء في ذلك النهار، قبل أن يقوموا بنهب وسلب محتوياته.

مرة آخرى في أغسطس عام 1841، تعرض الرئيس جون تايلر، لهجمات بالحجارة وإطلاق النيران من مثيري شغب أمريكيين؛ بسبب استخدامه حق النقض ضد محاولة الكونغرس إعادة تأسيس بنك الولايات المتحدة.

وفي مارس 1984، استل شاب عاطل عن العمل سيفاً ولوح به في الفضاء. وفي مايو 1995 تسلق عامل بيتزا مختل السياج واندفع نحو المقر التنفيذي. وآخر مرة أيضاً كانت محاولة مضطرب عقلي في فبراير 2001.

كيف تتم حماية الرئيس الأمريكي؟

كانت الهجمات التي تعرض لها البيت الأبيض سبباً في نشأة شرطة خاصة لحمايته مطلع القرن الـ19، حتى تحولت الآن إلى كيان «الخدمات السرية»، المكلف بالحفاظ على حياة الرئيس وأسرته من الأخطار الخارجية.

ويبلغ عدد أفراد فريق حماية البيت الأبيض 4500 عميل، منهم 3200 من وكالة الخدمة السرية، ممن تلقوا تدريبات عالية، ويتمتعون بمهارات ذهنية وبدنية متقدمة للغاية، يلتزمون بالتضحية بأنفسهم من أجل حماية الرئيس، ويضاف إليهم 1200 ضابط بلباس مدني.



كان الحادي عشر من سبتمبر 2001 مفصلاً تاريخياً في تغيير شكل الحماية الخارجية للبيت الأبيض، ذلك أنه كانت الحراسة من فوق أسطحه قاصرة على القناصة الذين تلقوا تدريباتهم في معسكرات تابعة للخدمة السرية في ضواحي ماريلاند، قرب واشنطن، لكن بعد أن استخدمت الطائرات كصواريخ موجهة، أصبحت سماوات البيت الأبيض منطقة غير مسموح فيها بالطيران، وتم تزويد عدد من البنايات القريبة بمنظومة للدفاع الصاروخي، قادرة على إسقاط أي هدف معادٍ يقترب من سكن الرئيس.

والمعلوم كذلك أن نوافذ البيت الأبيض كلها مضادة للرصاص، ومع ذلك يبقى هناك إجراء آخر لما لا يخطر على عقل.

مخبأ نووي تحت البيت الأبيض

المخبأ النووي الخاص بالبيت الأبيض تم بناؤه أول مرة خوفاً من هجوم نازي مفاجئ، وقام الرئيس هاري ترومان بتوسعته وتحديثه في أوائل القرن الـ20.

ومع زيادة مخاطر الحرب النووية في خمسينات وستينات القرن المنصرم، وبسبب المواجهة مع الاتحاد السوفيتي، أنشأت الولايات المتحدة عدة مخابئ نووية قادرة على تحمل الانفجارات الذرية، بل ومجهزة تجهيزاً كافياً لإدارة شؤون الدولة، وتكفل المعيشة لفترات طويلة.

ويقع مخبأ البيت الأبيض النووي أسفل الجناح الشرقي للبيت الأبيض، وبالتأكيد لا أحد يعرف مواصفاته بالكامل إلا رجال الخدمة السرية الموكل إليهم الحفاظ على حياة الرئيس إن اقترب الخطر منه.

آخر مرة تم فيها اللجوء إلى هذا المخبأ، كان في الصيف الماضي، حينما ارتفعت حدة التظاهرات أمام البيت الأبيض، والتي تسبب فيها مقتل الفتى الأمريكي الأفريقي الأصل، جورج فلويد، فقد بلغت درجة الإنذار الحد الأحمر، ولهذا تم نقل الرئيس ترامب، وزوجته ميلانيا، وابنهما بارون، إلى المخبأ النووي، وهناك قضى ترامب نحو ساعة من الزمن قبل أن يعود إلى الداخل بعد زوال الخطر.

في مذكراتها، وصفت لورا بوش، زوجة الرئيس الأسبق بوش الابن، تفاصيل المخبأ النووي، حيث مروا عبر زوج من الأبواب الفولاذية الكبيرة للوصول إلى ممر تحت الأرض، من خلال مصاعد مخصصة تقع خلف أبواب متعددة تتحكم بها أنظمة «بيومترية»، وسعته تكفي لعشرات الأفراد.

هل هناك معلومات آخرى عن البيت الأبيض تبقى في طي الكتمان والسرية؟ أغلب الظن أن ذلك صحيح، وربما منها ما يؤدي إلى خارج واشنطن برمتها، أو إلى الأنهار ومنها إلى المحيطات.

إلى لقاء آخر.