الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

شاحنات النعوش.. ذكرى لا تزال عالقة في أذهان سكان بيرغامو

شاحنات النعوش.. ذكرى لا تزال عالقة في أذهان سكان بيرغامو

(أ ف ب)

قبل عام من الآن، كانت قنوات العالم تبث صوراً صادمة لقافلة الشاحنات العسكرية التي نقلت نعوشاً ليلاً من مدينة بيرغامو الإيطالية إلى بلدات أخرى في شمال البلاد، وبعد مرور عام لا تزال هذه المدينة تبلسم جراحها من تفشي فيروس كورونا المستجد.

في ذروة تفشي الوباء، كان الأب ماركو بيرغاميلي يبارك النعوش كل 10 دقائق. ويتذكر قائلاً وهو يشرع أبواب كنيسة مقبرة مونومنتال: «كانت النعوش مصطفة هنا وبلغ عددها 132 نعشاً وصلت إلى المذبح».

ويضيف «في البداية كانت الشاحنات تأتي ليلاً ولم يكن يفترض أن يعرف أحد أن النعوش تنقل إلى مكان آخر». وكانت الشاحنات تنقل حتى 70 نعشاً يومياً من الكنيسة إلى مناطق أخرى لأن غرف الجنازة كانت ممتلئة.

ولم يعد في إمكان محرقة الجثث في المقبرة اللحاق بوتيرة الكارثة البشرية التي سببها الفيروس. وأرسلت النعوش إلى بولونيا ومودينا وفيرارا لإحراقها.

ووضع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، الذي جاء إلى بيرغامو لتكريم 103 آلاف من ضحايا الوباء في إيطاليا، إكليلاً من الزهور عند مدخل كنيسة المقبرة، قبل الوقوف دقيقة صمت. وقال دراغي: «هذا المكان رمز معاناة أمة بأسرها».

كل شخص تقريباً في بيرغامو فقد فرداً من الأسرة أو صديقاً أو زميلاً أو جاراً.

في المقبرة أضرحة فخمة من الرخام جنباً إلى جنب مع مدافن حفرت على عجل معظمها دون شاهد قبر تحمل ألواحاً مع أسماء وصور المتوفين: إنها «مقبرة كوفيد» المخصصة لضحايا الفيروس.

ويقول الأب بيرغاميلي (66 عاماً) بتأثر شديد: «كان الأشخاص يرون أقاربهم ينقلون بسيارة إسعاف لإصابتهم بالحمى، ثم كانوا يتلقونه رماداً داخل جرة، دون حتى أن يتمكنوا من وداعهم».

ويضيف الأب الكابوشي الذي لا يعتبر نفسه بطلاً رغم أنه دفن الكثير من الضحايا: «كنا كما في أوقات الحرب». ويؤكد أن «الأبطال هم الأطباء والممرضون».

وفي مستشفى سيرياتي قرب بيرغامو، امتلأت وحدة العناية المركزة مجدداً وشغلت أسرتها الثمانية بمرضى كوفيد حتى وإن لم تكن الأعداد كبيرة كما في ذروة الوباء قبل عام.

وتصدر أصوات تنبيه مستمرة من أجهزة مراقبة القلب وأجهزة التنفس الصناعي في الغرفة. ويقول المسؤول عن الوحدة روبرتو كيم (59 عاماً) بقلق: «وباء كوفيد أكثر شراسة الآن مع الكثير من حالات المتحور البريطاني. وبات المرضى أصغر سناً من ذي قبل».

ويندد كثيرون ببطء السلطات في الاعتراف بخطورة الأزمة واتخاذ القيود اللازمة كحظر التجمعات.

وتروي روبرتا كابريني، المسؤولة عن مكتب جنازات «جنرالي»، قائلة: «مطلع مارس رأينا أشخاصاً يحضرون جنازة ضحايا كوفيد ويتوفون بعد أسابيع بدورهم».

وتقول شابة تبلغ من العمر 38 عاماً إنها وجدت نفسها في الخط الأول من المؤسسة العائلية، بعد إصابة كل من والدها وشقيقها بالفيروس.

وقالت: «عادة ننظم 1400 جنازة سنوياً لكن في مارس 2020 نظمنا 1000 جنازة أي عمل سنة بكاملها خلال شهر واحد».

وللسماح للأقارب المعزولين بإلقاء النظرة الأخيرة على أحبائهم، كانت تمر تحت شرفاتهم مع النعش وتُلتقط صور للجثث.