الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التزام إماراتي أمريكي.. استنقاذ البشرية من التغيرات المناخية

للاطلاع على الانفوغراف بالدقة العالية اضغط هنا

جهد ريادي إقليمياً وعالمياً، وبشير خير للبشرية، لاح هذا الأسبوع بالإعلان المشترك من دولة الإمارات والولايات المتحدة عن التزامهما بالعمل سوياً لمواجهة تداعيات التغير المناخي.

الإعلان صدر على هامش الحوار الإقليمي للتغير المناخي الذي استضافته أبوظبي، ليسطر الصفحة الأولى من حقبة جديدة من التعاون في المنطقة ضمن الجهد العالمي لاستنقاذ كوكب الأرض وسكانه.

لم يقتصر الإعلان المشترك على الحديث عن الجهد الحكومي بين البلدين، وإنما فتح الباب على مصراعيه أمام شركات القطاع الخاص من خلال تشجيع الاستثمارات ودعم التقنيات المبتكرة لتخفيف تداعيات التغير المناخي والتكيف معه، وأيضاً خلْق فرصٍ اقتصادية في مجال التصدي لتحديات التغير المناخي.

هذه الرؤية الشمولية في الإعلان عن الالتزام المشترك بين البلدين في هذه القضية الكونية، يتوافق مع ما عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن من رؤية شمولية إنسانية حين أعلن أواخر مارس الماضي عزمه عقد مؤتمر دولي لمتابعة أحوال المناخ العالمي المقلق والمضطرب وتنسيق الجهود لا سيما بعد أن باتت التوقعات سلبية، إن لم تبادر البشرية إلى تغيير الكثير من أنماطها وسلوكها تجاه أمنا الأرض.

قضية تتجاوز الخلافات

يلفت الانتباه في المؤتمر العالمي الذي يدعو إليه الرئيس بايدن، أنه يتجاوز الخلافات السياسية، وقضايا الصراع القطبي، فقد كانت الدعوات الأولى من نصيب القيصر الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ، ما يعني أن الإشكال يهم الخليقة برمتها، ويقفز فوق أي خلافات ثنائية أو ثلاثية.

ينتظر أن يشارك في تلك القمة التي ستعقد في الثاني والعشرين، والثالث والعشرين من أبريل الجاري، نحو 40 زعيماً من رؤساء وقادة العالم، وفي مواكبة ليوم الأرض، وقبل الاجتماع الكبير للأمم المتحدة المقرر انعقاده في نوفمبر في غلاسكو باسكتلندا.

تعني دعوة بايدن أن أكبر اقتصاد عالمي، وثاني أكبر دولة ملوثة بثاني أكسيد الكربون، باتت منضوية تحت راية اتفاقية باريس للمناخ، الأمر الذي يشجع ولا شك الصين بدورها، والتي تعد الملوث الأول للمناخ عالمياً، من جراء استخدامها للفحم الكربوني كمولد للطاقة، في السعي على نفس المسار في محاولة لإعادة ضبط أحوال الكوكب المضطرب.

في بيان البيت الأبيض الخاص بهذه القمة، نجد أن أحد الأهداف الأساسية لها، تنشيط جهود الحفاظ على هدف ألا يتجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب أكثر من درجة ونصف مئوية.

في منتصف يناير الماضي حذرت الأمم المتحدة من أن العالم قد يشهد كارثة كبرى في القرن الـ21، بعد أن أصبح عام 2020 من السنوات الأشد حرارة في تاريخ البشرية.

وفي الوقت عينه كانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تؤكد على أن عام 2020 كان من بين آخر ثلاث سنوات (بالإضافة إلى 2016 و2019 )، الأشد حرارة منذ بدء تسجيل الأرصاد الجوية قبل 140 عاماً، موضحة أن الفارق بين الأعوام الثلاثة ضئيل جداً.

تظهر إحصائيات الأمم المتحدة أن كل عقد منذ ثمانينات القرن الماضي تجاوز السابق حرارة، الأمر الذي دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لأن يشدد على أن هذه الإحصائيات تمثل «مؤشراً صارخاً على استمرار تغير المناخ دون هوادة»، ومحذراً من أن هذه الظاهرة "تدمر الحياة وسبل العيش في العالم.

مسارات الخطر

هل الوضع المناخي العالمي خطير بالفعل؟

مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تجاوزت 400 جزء في المليون، وفي آخر مرة كانت فيها هذه المستويات نفسها من ثاني أكسيد الكربون في الجو، كان مستوى المياه في المحيطات أعلى مما هو عليه الآن بمقدار 80 قدماً أو 18 متراً، ونصف البشرية ستكون تحت الماء إذا ما وصل ارتفاعه لهذا الحد.

ولعله ليس من باب إشاعة الذعر أو الهلع نشر هذه الأرقام وتلك التصريحات، وإنما من باب الإشارة إلى الأخطار المحدقة بالخليقة بالفعل، فالاحتباس الحراري هو الذي أدى مؤخراً إلى انفصال كتل جليدية بعضها بحجم قارة أوروبا من الأقطاب المتجمدة، الأمر الذي رفع منسوب المياه بمقدار سنتيمتر واحد حول العالم.

والاحتباس الحراري هو الذي سيولد الجفاف والتصحر، لتحدث الهجرات العشوائية عبر البحار والمحيطات على أمل أن تجد الإنسانية مهرباً أو متنفساً قبل أن تحدث قارعة انفجار الكوكب بمن عليه.

فرص النجاة

هل يمكن للبشرية أن تغير مسارات الخطر وتباعد أشباح الخوف القادم من بعيد؟

بالقطع يمكنها أن تفعل ذلك، ولا يحتاج الأمر إلا لبعض من الإرادة، ولعله من مصادفات القدر أن الكوكب المسكين قد أعطى علامات إيجابية على احتمالات التعافي الصيف الماضي، حين التزمت غالبية، إن لم يكن كل دول العالم بالإغلاق العام؛ بسبب جائحة كوفيد-19، فوقتها بدأ الربيع يعود من جديد، وقد أخبرنا علماء الفلك كيف أن منظر الأرض من الفضاء الخارجي بدا أكثر نقاء وصفاء، فيما مياه الأنهار والبحار صفت بشكل عجيب، أما ثقب الأوزون الذي تحدث عنه الجميع منذ عقود فقد اقترب وقتها من الالتئام بشكل نهائي.

تبدو قمة الأرض التي دعا إليها بايدن، منعطفاً مهماً للغاية في مسار البشرية، خاصة إذا استشعر المشاركون من قادة العالم خطورة اللحظة الآنية، وضرورة العمل معاً على تثبيت تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يسمح للنظام البيئي بأن يتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ، وبالتالي حماية الإنسان من خطر يتمثل بالنقص في الغذاء والماء، فضلاً عن السماح بالمضي في إيجاد وخلق سبل للتنمية الاقتصادية عن النحو المستدام.

الإمارات أدركت تلك المخاطر مبكراً، وحسمت موقفها بجهدها الرائد بين دول الشرق الأوسط، ومبادراتها للطاقة النظيفة في مختلف أنحاء العالم. وجاء الالتزام المشترك مع الولايات المتحدة ليعني أنها على أهبة الاستعداد لقمة الأرض.