الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

الكابلات البحرية والتجسس.. صراع القوى الكبرى «تحت الماء»

الكابلات البحرية والتجسس.. صراع القوى الكبرى «تحت الماء»

يطرح تأمين الكابلات تحدياً عالمياً بسبب مخاطر تمتد من أسماك القرش وصولاً إلى التنصت الاستخباراتي. (أرشيفية)

أعادت قضية الكشف عن تجسس الولايات المتحدة على زعماء أوروبيين باستغلال كابلات بحرية في الدنمارك، إلى الواجهة أهمية هذه الكابلات والصراع الدولي الدائر حولها منذ عقود من الزمن.

وتصاعدت القضية سياسياً، بعد أن طالبت ألمانيا وفرنسا الولايات المتحدة والدنمارك بشرح موقفهما بعد «الفضيحة» التي كشفت عنها وسائل إعلام دنماركية وأوروبية.



وعلى غرار الطرق السريعة على الأرض، يمتد تحت مياه بحار العالم 447 كابلاً توفر خدمات الاتصال والربط المعلوماتي وتدور حول السيطرة على البيانات المنقولة عبرها معارك شرسة فوق الأرض.

ونقل موقع «فرانس انفو» عن خبير الأمن الرقمي أنطوان لوفيبور، مؤلف كتاب حول «التجسس الأمريكي على العالم»، قوله إن أمريكا وغيرها من القوى العظمى يمكن أن تستغل الكابلات بسهولة لجمع المعلومات التي تريد الحصول عليها «ما عليك سوى إدخال أرقام الهواتف الأوروبية التي تريد مراقبتها وتسجيل البيانات التي تريد»، على حد تعبير لوفيبور.



وفقاً للتلفزيون الدنماركي العام، سمحت الدنمارك للولايات المتحدة بتوصيل كابلاتها للتجسس على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بين عامي 2012 و 2014، كما سمحت للأمريكيين بجمع معلومات عن المسؤولين السويديين والنرويجيين والفرنسيين.





«أسلاك» تُحرك العالم

وتعد الأزمة الجديدة، أحدث أوجه الاهتمام الدولي المتصاعد بالسيطرة على الكابلات البحرية، والذي انتقل من الدول إلى الشركات العملاقة، حيث دشنت فيسبوك ومايكروسوفت في 2017 الكابل البحري «ماريا»، الذي يربط الولايات المتحدة وأسبانيا بطول 6400 كلم، مع قدرة هائلة على نقل 160 تيرابيت من البيانات في الثانية أي «20 ألف ساعة من أفلام الفيديو بدقة عالية».

وبالعودة إلى الوراء، ظهر أول كابل بحري عام 1851 بهدف ربط خطوط التلغراف بين بورصتي لندن وباريس، بعدها شهد العالم تطوراً كبيراً في المجال، ففي عام 1900 كان هناك 200 ألف كلم من خطوط الكابلات البحرية.

وفي 1988 شهد العالم ثورة في صناعة الكابلات البحرية، مع استخدام تقنية «تي أي تي 8» حيث تم ربط فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بأول كابل ألياف ضوئية.



1.3 مليون كلم

وفي الوقت الراهن تمتد الكابلات البحرية بطول يتجاوز 1.3 مليون كلم، وتنقل الكابلات البحرية الغالبية العظمى (نحو 99%) من بياناتنا مقابل أقل من 1% تتدفق عبر الأقمار الصناعية.

ويطرح تأمين شبكة الكابلات تحدياً عالمياً، حيث تتهدد الشبكة مخاطر تمتد من أسماك القرش والزلازل وصولاً إلى التحدي الأبرز المتمثل في التنصت الاستخباراتي.



سيطرة أمريكية

وفعلياً، تسيطر الولايات المتحدة على مفاصل قطاع الكابلات البحرية، ومنذ الحرب العالمية احتد الصراع بين الدول وتزايدت خشية الكثير منها من سيطرة واشنطن في هذا المجال، وبسبب مثل هذا التخوف، دشنت البرازيل كابلاً بحرياً مباشراً بينها وبين أوروبا عن طريق إسبانيا تفادياً للمرور عبر الولايات المتحدة بفاتورة بلغت 185 مليون دولار، وفق قناة «آر تي» الفرنسية الألمانية.

في المقابل، لدى روسيا كابلات بحرية تربطها بشكل مباشر مع كل من فنلندا وجورجيا ولديها كابلان مع اليابان، فيما تدير شؤون الإنترنت عبر شركاتها الخاصة، كذلك تشغل الصين مجموعة كوابل بحرية مع أوروبا ومناطق أخرى بعيداً عن أعين أمريكا.

تحذير من روسيا

وفي تحذير رسمي وجهه رئيس أركان الجيش البريطاني إلى حكومة بلاده عام 2017، قال ستيوارت بيتش إن على بلاده وحلفائها في حلف شمال الأطلسي حماية الكابلات من هجوم محتمل من البحرية الروسية قد يتسبب في تعطيل تحويلات مالية تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن الرجل قوله "هناك خطر جديد يهدد طريقة حياتنا.. وهو أن الكابلات التي تمر في قاع البحار معرضة لهجوم".

وقال بيتش إن تحديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لسلاح البحرية الروسي يشكل الآن تهديداً خطيراً على أمن الاتصالات الغربية.

بدورها، رفضت روسيا مراراً مخاوف غربية في هذا الصدد مشيرة إلى أن الأمر يتعلق "هستيريا الحرب الباردة".