الخميس - 09 مايو 2024
الخميس - 09 مايو 2024

يورو 2020.. كيف اقتحمت السياسة ملاعب كرة القدم؟

يورو 2020.. كيف اقتحمت السياسة ملاعب كرة القدم؟

بوريس جونسون - رويترز.

يترقب العالم اليوم نهائي كأس الأمم الأوروبية 2020، والذي يعد أول حدث دولي كبير منذ اندلاع وباء كورونا، حيث ستتنافس كل من إنجلترا وإيطاليا على اللقب.

وشهدت البطولة الحالية من كأس الأمم الأوروبية، والذي يعد ثاني أهم حدث رياضي بعد كأس العالم، العديد من التداخلات مع عالم السياسية.

فمنذ بداية البطولة، كان البعد السياسي طاغياً على المنافسة، حيث تجلى بشكل واضح وصريح ومفاجئ تغلغل السياسة في جميع تفاصيل البطولة.

الركوع على الركبة

سيقوم اللاعبون الإنجليز عند دخولهم إلى ملعب ويمبلي بالركوع على ركبتهم، حيث قام لاعبوا إنجلترا بإطلاق مبادرة الركوع على الركبة للتضامن مع حركة Black Lives Matter والأقليات العرقية الأخرى منذ بداية البطولة، بينما سيركع لاعبو المنتخب الإيطالي تضامناً مع خصمهم على أرض الملعب.

وأوضح قائد المنتخب الإيطالي جورجيو كليني أن المنتخب لن يركع إلا بحالة واحدة فقط، وهي عندما يطلب الفريق الآخر ذلك، وحينها سيركعون تضامناً مع الفريق الآخر.

وتعرض لاعبو المنتخب الإيطالي للانتقادات عقب المواجهة التي جمعتهم مع منتخب ويلز، وذلك بعد عزوف بعضهم عن الانحناء على ركبة واحدة.

وانضم 5 من لاعبي المنتخب الإيطالي إلى لاعبي منتخب ويلز في الانحناء على ركبة واحدة لمناهضة العنصرية والتمييز قبل مباراة.

وقال موقع قناة ايرو نيوز الأوروبية، إن إيطاليا اختارت أن تبقي على العقيدة الصارمة لديها وهي الفصل بين الرياضة والسياسية، ولكن يبدو أن هذا التقليد بات غير قابل للتطبيق في البطولة الأوروبية.

أزمة القمصان

بدأت أولى الأزمات السياسية خلال البطولة بين روسيا وأوكرانيا، حيث اشتكت روسيا من القميص الذي ارتداه المنتخب الأوكراني حيث جاء تصميم القميص باللونين الأصفر والأزرق، وتضمن خريطة للبلاد تتضمن شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا عام 2014 بعد الإطاحة برئيسها المقرب من موسكو.

وانتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بشدة الزي، وكتبت على فيسبوك أن "فريق كرة القدم الأوكراني ربط أراضي أوكرانيا بشبه جزيرة القرم الروسية بالزي العسكري".

وسمح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لأوكرانيا بارتداء القميص مع الخريطة لأن حدودها تتوافق مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن طلب إزالة عبارة المجد للأبطال لأنها تحمل رسالة ذات طابع سياسي ولها أهمية تاريخية وعسكرية.

ووقعت مشادة مماثلة بين اليونان ومقدونيا، عندما اشتكت اليونان من أن قميص فريق مقدونيا الشمالية يتضمن اختصاراً لاتحاد كرة القدم المقدوني بدون إضافة الشمالي، إذ اعتبرت اليونان ذلك خرقاً لاتفاقية بريسبا التي تم الاتفاق بموجبها على إضافة كلمة الشمالية لاسم البلاد، حيث حسمت خلافاً دبلوماسياً طويل الأمد بين جيران البلقان.

لكن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم رفض طلب اليونان لأنه يستخدم اسم «اتحاد كرة القدم في مقدونيا الشمالية» في جميع مراسلاته الرسمية وقام بتعديل المصطلحات ذات الصلة وفقاً لذلك، بما في ذلك لوائح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وما يتعلق ببطولة «يورو 2020».

حقوق مجتمع الميم

خلال البطولة أصدرت حكومة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، قانوناً تضمن تعديلاً لحظر أي محتوى يروج للمثليين لمن هم دون 18 عاماً، بما في ذلك المواد التعليمية والإعلانات التي تعتبر ترويجية لحقوق المثليين.

وأثار التشريع المعروف باسم قانون حماية الأطفال غضباً على الفور في جميع أنحاء القارة، حيث وصفته معظم دول الاتحاد الأوروبي بأنه شكل صارخ من التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجنسية والتعبير.

وطلبت مدينة ميونيخ إضاءة ملعب أليانز أرينا بألوان قوس قزح خلال مباراة ألمانيا والمجر، إلا أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم رفض الطلب باعتباره يحمل بعداً سياسياً ضد قرار البرلمان المجري.

واحتفلت الحكومة المجرية بقرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، إلا أن العديد من الحكومات الأوروبية بما في ذلك ألمانيا وفرنسا انتقدوا القرار واعتبروه مخالفاً لفلسفة الاتحاد الأوروبي التي تنادي بمجتمع أكثر عدلاً ومساواة وتسامحاً.

وتسببت القضية في أزمة دبلوماسية بين المجر وألمانيا، خاصة بعدما أعلن فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجري، إلغاء زيارته المخطط لها إلى مدينة ميونيخ، لحضور مباراة منتخب بلاده ضد نظيره الألماني، الأربعاء، في ختام دور المجموعات لبطولة يورو 2020.

منع دخول

رفضت أذربيجان، وهي واحدة من ضمن 11 دولة تحتضن مباريات البطولة، طلب الصحفي الرياضي الروسي نوبل أروستاميان لحضور المباريات على أرضها.

جاء الرفض بسبب زيارة سابقة قام بها أروستاميان إلى إقليم ناغورنو قره باغ، الذي دار فيه نزاع مسلَّح بين أذربيجان وأرمينيا العام الماضي.

لم تقف باكو عند هذا الحد، ورفضت أيضاً دخول معلقي قناة «ماتش تي في»، وهما ميخائيل موساكوفسكي وكونستانتين غينيتش، بسبب زيارتهما السابقة لقرة باغ في 2009 و2014.

لطالما كانت الرياضة سياسية

يرى سيمون دارنيل الأستاذ المشارك في جامعة تورنتو، والمتخصص في التأثير المجتمعي للرياضة، أنه من غير الصحيح عدم تصنيف الرياضة على أنها ليست سياسية، وأشار إلى أن الرياضة دائماً كانت سياسية ورياضية، وكانت مكاناً يستطيع فيه الفاعلون السياسيون التعبير عن وجهات نظرهم السياسية.

وقال إن الرياضة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجميع أنواع القضايا السياسية، وأكد أن التقاطع بين السياسية والرياضة عندما يصبح أكثر وضوحاً، يشعر الرياضيون بالجرأة للتعبير وتسجيل المواقف، مما يعزز ويعمق بدوره اندماج العالمين، بحسب موقع «يورو نيوز».

وقال دارنيل: «أتساءل عما إذا كنا سنصل إلى النقطة التي لا تستطيع فيها المنظمات الرياضية تجاهل هذه القضايا السياسية بعد الآن، وأعتقد أن الرياضيين هم من يقودون ذلك، حيث شجعت قوة وسائل التواصل الاجتماعي اللاعبين على أن يكونوا أكثر حزماً».

كرة القدم ليست الوحيدة

لا تعتبر كرة القدم هي الرياضة الوحيدة التي تتداخل مع السياسية، حيث صوّت هذا الأسبوع البرلمان الأوروبي لصالح قرار يحث دول الاتحاد الأوروبي على رفض حضور دورة الألعاب الأولمبية 2022 المقررة في بكين ما لم تظهر الحكومة الصينية تحسناً فيما يخص حقوق الإنسان في هونغ كونغ وشينغيانغ.

وتفكر الولايات المتحدة وكندا وأستراليا في اتخاذ خطوات مماثلة، كما حثّ حزب العمال البريطاني حكومة المملكة المتحدة وأفراد العائلة المالكة على مقاطعة الحدث.