السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

انقسامٌ وانعدام ثقة.. تحديات تهدد مستقبل الاتحاد الأوروبي

انقسامٌ وانعدام ثقة.. تحديات تهدد مستقبل الاتحاد الأوروبي

يرى البرلمان أنه يجب على المفوضية الآن تطبيق لائحة تم الاتفاق عليها العام الماضي - EPA.

لطالما عكست سياسة الكتلة الأوروبية خلال السنوات القليلة الماضية مبدأ الاعتماد على الوحدة والتقدير المتبادل للقواعد، ولطالما كافحت للبقاء على نفس هذا النهج في العديد من القضايا المهمة.

ولكن في الآونة الأخيرة، أدت المشاحنات الصغيرة بين قادة المؤسسات السياسية في الاتحاد الأوروبي إلى دفع النقاد للقول إن أولئك الموجودين على قمة السلطة في بروكسل يعطون الأولوية لمسيرتهم المهنية وسلطتهم الشخصية على حياة المواطنين الأوروبيين وفقاً لشبكة سي إن إن الأمريكية.

وقالت الشبكة إن جائحة وباء كورونا رسخت من هذه التحديات الجيوسياسية، تماماً مثل تداعيات الأزمة في أفغانستان، وأدى هذا الانقسام المفتوح في الكتلة إلى سلسلة من المشاكل الأساسية التي لا توجد لها حلول واضحة.

وأضافت الشبكة أن الاتحاد نفسه لا يواجه فكرة الانقراض، ويتمتع بقوة بقاء ملحوظة تعني المصلحة الذاتية للدول الأعضاء فيه، حيث لا توجد فرصة حقيقية لانهياره في أي وقت قريب، إلا أن الأمر الذي يبقى موضع تسائل هو هدف الاتحاد وشرعيته على المدى الطويل.



وفي الأسبوع الماضي، كتبت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، إلى رئيس البرلمان في الاتحاد الأوروبي ديفيد ساسولي، رافضة اتخاذ إجراء بشأن قرار تم تمريره بأغلبية كبيرة في الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي المنتخبة علناً.

ويعتقد البرلمان أن دولتين عضويتين في الكتلة وهما المجر وبولندا اللتين انتهكتا سيادة القانون في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي يعتقد البرلمان أنه يجب وقف التمويل المركزي. وتراوح الانتهاكات التي قامت بها الدولتان والتي يستند عليهما البرلمان ما بين انتهاك استقلال القضاء إلى التمييز ضد مجتمعات المثليين، وكلاهما اعتداء على الركائز الأساسية لعضوية الاتحاد الأوروبي.

ويرى البرلمان أنه يجب على المفوضية الآن تطبيق لائحة تم الاتفاق عليها العام الماضي، حيث تفاوض الاتحاد الأوروبي على ميزانية لمدة طويلة الأمد بالإضافة إلى أموال التعافي من الوباء، وفي ذلك الوقت كانت اللائحة التي تربط أموال الاتحاد الأوروبي بالامتثال لسيادة القانون أولوية، إلا أنه ثبت أن الأدوات الموجودة تحت تصرف الاتحاد الأوروبي لمعاقبة الدول الأعضاء غير كافية.

ويقول رونان ماكريا، وهو أستاذ في القانون الأوروبي في يونيفرسيتي كوليدج لندن، إن ما يجري الآن قد يكون أول علامة على اتخاذ نهج أكثر حذراً.

في رسالتها، قالت فون دير لاين، إن رسالة ساسولي لم تكن «واضحة ودقيقة بما فيه الكفاية» بشأن الانتهاكات التي حدثت بالضبط من الدولتين، مستندة إلى الطبيعة الضيقة «للتقييمات المعقدة» المطلوبة لسن اللائحة.

والبرلمانيون الذين أمضوا السنوات القليلة الماضية بتسليط الضوء على الانتهاكات، يعتبرون الآن أن فون دير لان تتواطأ مع تلك الانتهاكات.

وتقول صوفي إن فيلد وهي عضوة في البرلمان الهولندي الليبرالي، أنه مكتوب حرفياً في المعاهدات أن المفوضية مسؤولة أمام البرلمان.

وتعتقد هي والعديد من البرلمانيين والمسؤولين الأوروبيين أن فون دير لاين بدلاً من أن تعمل وصية على معاهدات الاتحاد الأوروبي، باتت تعمل لصالح العديد من حكومات دول الاتحاد الأوروبي التي يتشكل منها مجلس الاتحاد الأوروبي المكون من 27 عضواً في الكتلة.

وأشارت صوفي إلى أنه كلما زاد الدعم الذي يمكن أن تحصل عليه فون دير لاين من الدول الأعضاء، زادت قدرتها على تجاهل دعوات البرلمان ومضت في العمل حصرياً على أجندتها الخاصة.

ويقول دانييل فرويند وهو عضو في البرلمان الأوروبي وينتمي للحزب الأخضر الألماني، إنه من الصعب دائماً على اللجنة أن تتعارض مع إحدى الدول وذلك لأنهم سيحتاجون دائماً إلى دعمهم في المستقبل.

ويضيف أن هذا قد يكون صعباً بشكل خاص على فون دير لاين وذلك لأنها انتخبت بأغلبية شملت القيادة السياسية للمجر وبولندا.

وأشار نيل ريتشمند وهو مشرع أيرلندي كان ممثلاً لبلاده في بروكسل سابقاً، إلى أن النهج السياسي المتبع في بروكسل لا يعد بالأمر الجديد، حيث سئم الأوروبيون من المصالح الضيقة في المقر الرئيسي والتي تلقي بظلالها على القضايا الحقيقية التي تواجه الاتحاد.

وأضاف أنه منذ سنوات يتم النقاش حول مستقبل أوروبا ومكانتها على المسرح العالمي، وأوضح أن الجميع يريد أوروبا أن تكون قوية ومنفتحة وموحدة في تعزيز القيم الليبرالية وقائدة عالمية في القضايا العالمية مثل تغير المناخ والجغرافيا السياسية، ويرى أن هذا الأمر لن يحدث في حال استمرار الخلافات الصغيرة بين المؤسسات.

ويرى فرويند أنه في حال كان الاتحاد الأوروبي يريد أن يكون أفضل، فإن أصحاب المصالح يحتاجون إلى الاعتقاد بأن جميع الأطراف يتصرفون بحسن نية، إلا أن هذا الأمر أصبح أكثر صعوبة مع استمرار الخلاف على سيادة القانون.

وأشارت صوفي فيلد، إلى أنه في السابق عندما ظهرت مسألة اللاجئين الفارين من مناطق الحرب، كانت الدول الأعضاء البالغ عددها 27، أكثر ارتياحاً في التعامل مع المستبدين ودفعتهم لاستضافة اللاجئين بدلاً من التوصل إلى اتفاق معقول فيما بينهم.

وترى أن الافتقار إلى الوحدة والعملية المؤلمة التي يتم من خلالها اتخاذ كل قرار، يعني أن مشاكل الاتحاد الأوروبي يتم التعامل معها غالباً على أساس كل قضية على حدة، على الرغم من حقيقة أن أزمات الكتلة تميل إلى التداخل.

وقالت الشبكة إنه في حال كان الاتحاد الأوروبي جاداً بشأن طموحاته في أن يكون قوة كبرى على المسرح العالمي، فهي بحاجة لجميع الأعضاء لتكون على نفس الموجة وتتبع نفس قواعد اللعبة.

وأشارت إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن حقيقة هذه المعضلة الأخيرة هي أن إبقاء جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 سعداء وراضين في نفس الوقت عملية موازنة شبه مستحيلة، وكلما طالت هذه الانقسامات، اتسعت فجوات الثقة بين أصحاب المصلحة، وفي مرحلة ما قد تصبح تلك المسافة أكبر.