الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

اختبار حقيقي للحكومة.. 1 من 3 أمريكيين تعرض لكارثة مناخية هذا الصيف

اختبار حقيقي للحكومة.. 1 من 3 أمريكيين تعرض لكارثة مناخية هذا الصيف

كان للولايات المتحدة مساهمة أكثر من أي دولة أخرى في التاريخ في هذا الاحترار - أ ف ب.

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تحليل نشرته أمس السبت أن نسبة ما يقارب 1 من كل 3 أمريكيين يعيشون في مقاطعة تعرضت لكارثة مناخية في الأشهر الثلاثة الماضية وذلك وفقاً للكوارث الفيدرالية التي تم الإعلان عنها.

وأضاف التقرير أن حوالي 65% من الأمريكيين يعيشون في أماكن شهدت مؤخراً موجة احترار استمرت لأيام متعددة، وهي ظواهر لا تعتبر كوارث بشكل رسمي، ولكنها من أخطر تداعيات تغير المناخ.

ويظهر الانتشار الواسع للكوارث الناتجة عن تغير المناخ بشكل متزايد منذ عام 2018.

صيف الأزمات

لقي ما لا يقل عن 388 شخصاً مصرعهم في الولايات المتحدة بسبب الأعاصير والفيضانات وموجات الحر وحرائق الغابات منذ يونيو، وذلك وفقاً للتقارير الإعلامية والسجلات الحكومية.

وأدى الارتفاع القياسي في درجات الحرارة في شمال غرب المحيط الهادئ إلى وفاة مئات الأشخاص في منازلهم، وحولت الفيضانات الشقق الأرضية إلى مناطق غارقة بمياه الفيضانات التي اجتاحتها.

كما اشتعلت حرائق الغابات في مساحة تبلغ 5 ملايين فدان، ودفع الجفاف المزمن المسؤولين الفيدراليين إلى فرض تخفيضات إلزامية على مياه نهر كولورادو لأول مرة.

قال كريج فوجات الرئيس السابق للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ وقسم إدارة الطوارئ في فلوريدا: «شعور الأمريكيين المتزايد بالضعف بات واضحاً، لم نعرف صيفاً مليئاً بالأزمات مثل هذا الصيف».

وتساءل فوجات عما إذا كان هذا الموسم المفجع سيمثل نقطة تحول في الرأي العام تجبر الزعماء السياسيين في النهاية على التحرك.

وحتى الأمريكيين الناجين يقولون إن الكوارث الأخيرة كانت أسوأ ما مروا به على الإطلاق، حيث الأشخاص الذين لم يعتبروا أنفسهم أبداً معرضين لخطر تغير المناخ، استيقظوا فجأة وسط حصار منازلهم بمياه الفيضانات، وتصاعد دخان الحرائق في سمائهم، وباتوا يتساءلون عما إذ كانت أماكنهم لا تزال آمنة.

اختبار للحكومة

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن الأهمية الكبرى في أزمات هذا الصيف، ستكون اختباراً حقيقياً للحكومة الأمريكية يتمثل في ما إذا كان بإمكانها كبح جماح انبعاثاتها المسببة للاحتباس الحراري.

وأوضح التقرير أن الخطة التي كانت أكثر طموحاً في البلاد للتصدي لتغير المناخ والتكيف مع آثاره، وهي مشروع قانون ميزانية الديمقراطيين البالغة 3.5 تريليون دولار، بات الآن في خطر بعد أن دعا السيناتور جو مانشين إلى عدم التسرع بالتشريع.

ومن جهة أخرى لا يمكن تمرير تشريع ينص على وضع متطلبات الطاقة المتجددة لشركات الطاقة، وفرض رسوم استيراد على المنتجات الملوثة، وتقديم دعم سخي لقطاع السيارات الكهربائية بدون تصويت مانشين.

سباق مع الزمن

الوقت هو أحد الأشياء التي بات العالم يفتقر إليها فيما يتعلق بالتحرك بشأن قضية المناخ، حيث ارتفعت درجة حرارة الكوكب بالفعل بما يزيد على 1.1 درجة مئوية منذ بداية العصر الصناعي.

وكان للولايات المتحدة مساهمة أكثر من أي دولة أخرى في التاريخ في هذا الاحترار، حيث إن ربع ثاني أكسيد الكربون المضاف للغلاف الجوي منذ عام 1850، ناتج عن حرق الأمريكيين للوقود الأحفوري.

ومن ناحية أخرى تعيش البشرية في صراع مع الزمن، إذ يتعين خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول نهاية العقد لتجنب أسوأ تداعيات هذا الاحترار.

ووفقاً للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، لن يستقر المناخ ما لم تتوقف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وحتى ذلك الحين يحذر العلماء بأننا مع كل طن من الكربون ينتج سنواجه مستقبلاً أكثر احتراراً.

فاتورة التأثير البشري

تشير الدراسات إلى أن فرصة تحول عاصفة استوائية معينة إلى إعصار من الفئة 3 أو أكثر قد نمت بنسبة 8% كل عقد منذ عام 1979.

وضاعف التأثير البشري مساحة الغابات التي تعرضت للحريق في أوروبا، وكل درجة مئوية من الاحترار، يكون الغلاف الجوي قادراً على الاحتفاظ بنسبة 7% أكثر من الرطوبة، ما يؤدي إلى ازدياد هطول الأمطار.

وقالت كلوديا تيبالدي، وهي باحثة في مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني، والمؤلف الرئيسي لتقرير المناخ الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن الموجة الحارة التي ضربت شمال غرب المحيط الهادئ، والتي أودت بحياة أكثر من 200 شخص في يونيو، كان من المستحيل حدوثها في عالم خالٍ من تغير المناخ.

كما حذر التقرير من أن الأحداث المناخية المتطرفة قد تصبح أكثر شدة، ومن المرجح أن تتزامن مع بعضها، ما يخلق كوارث مركبة وهي أكثر خطورة من حصول كل كارثة بمفردها.

وأشار الخبراء إلى أن الفيضانات القاتلة التي اندلعت هذا الأسبوع في الشمال الشرقي، كانت بسبب الرطوبة التاريخية التي شهدتها المنطقة في شهر أغسطس الماضي، ما جعل الممرات المائية قريبة من الفائض، كما أدت إلى تشبع الأرض لدرجة لا تستطيع امتصاص المزيد من الأمطار.

وبعد ذلك تسبب الإعصار إيدا بسقوط كمية كبيرة من الأمطار في غضون ساعات، حيث أدت إلى الفيضانات المفاجئة التي كانت لا مفر منها.

الأمريكيون قلقون

أوضحت واشنطن بوست، أن الدراسات الاستقصائية أظهرت أن القلق بشأن تغير المناخ بات يتزايد بشكل كبير بين الأمريكيين خلال العقد الماضي.

وأظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة واشنطن بوست ومؤسسة مؤسسة «كايزر فاميلي فاونديشين» لعام 2019، أن 63% من الأشخاص الذين تأثرت مناطقهم بالعواصف والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، اعتبروا تغير المناخ عاملاً رئيسياً أدى لحدوثها.

بينما تعتقد نسبة 54% ممن تضررت مناطقهم بحرائق الغابات، أن تغير المناخ كان عاملاً رئيسياً بحدوثها.

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من هذا القلق بشأن الاحتباس الحراري، إلا أن القضية لا تزال تفتقر إلى الإلحاح السياسي، وأظهر استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في يناير، أن 38% فقط من الأمريكيين أن قضية المناخ يجب أن يكون لها أولوية قسوة في الأولوية الحكومية، بينما احتلت 14 قضية أخرى مرتبة أعلى.

هشاشة البنية التحتية

كما أشارت الصحيفة إلى أنه ما يقترب من نصف الطرق العامة في حالة سيئة أو متوسطة وفقاً للجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين، ما يجعل احتمالية حدوث انهيارات مميتة مماثلة لانهيار طريق ميسيسيبي السريع بسبب إعصار إيدا أكثر احتمالاً.

كما أن أنظمة صرف مياه الأمطار تعاني من نقص مزمن في التمويل، وباتت غير قادة على التعامل مع هطول الأمطار القياسي، ولم تتخذ العديد من مرافق الكهرباء خطوات لضمان استمرار عمل الشبكة وسط تفاقم الأعاصير وحرائق الغابات.

وفي ظل أسوأ السيناريوهات لتغير المناخ، من المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في جميع أنحاء البلاد ما بين 6 و8 درجة فهرنهايت بحلول نهاية القرن، ما قد يودي بحياة أكثر من 60 ألف شخص إضافي سنوياً بسبب الحرارة الشديدة بحلول 2050.