الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

حكومة «إشارة المرور» وتحديات أوروبا ما بعد ميركل

حكومة «إشارة المرور» وتحديات أوروبا ما بعد ميركل

أنجيلا ميركل - EPA.

قطعت أحزاب ما يسمى بتحالف «إشارة المرور» شوطاً كبيراً نحو تشكيل الحكومة الألمانية القادمة التي يُتوقع أن يكون فيها أولاف شولتز زعيم الحزب الاشتراكي الاجتماعي «يسار وسط» هو مستشار ألمانيا الجديد بعد نحو 16 عاماً، كان هذا المنصب من نصيب تحالف المحافظين «يمين وسط» بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل، واتفقت الأحزاب الثلاثة التي تشكل ألوان أعلامها «إشارة المرور، وهي: الاشتراكي الاجتماعي، والخضر، والديمقراطي الحر الليبراليون، على تشكيل الحكومة بعد نجاح المفاوضات الاستكشافية، الأمر الذي دفع المستشارة ميركل لاتخاذ قرار باصطحاب شولتز معها إلى قمة العشرين في روما باعتباره الأوفر حظاً لقيادة ألمانيا بعد أن حصلت أحزاب إشارة المرور الثلاثة على الأغلبية في الانتخابات رقم 20 في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي أغلبية تؤهلها لتشكيل الحكومة، حيث جاء الحزب الاشتراكي الاجتماعي في الصدارة بنسبة 25.7% بينما حصل الخضر على 14.8% في المرتبة الثالثة بعد تحالف الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي له ميركل، والمسيحي الاجتماعي البافاري وحصلوا معاً على 24.1%، بينما جاء الحزب الديمقراطي الحر في المرتبة الرابعة بنسبة 11.5%، وسبق للحزب الاشتراكي الاجتماعي الحكم مع الحزب الديمقراطي الحر في الفترة «1968 ــ 1982» ثم شارك الخضر الحكم في الفترة من 1998 إلى 2005



وتعود سرعة النجاح في المفاوضات الاستكشافية لأحزاب «إشارة المرور» لثلاثة أسباب في مقدمتها ضغط الشارع الألماني، وتخوفه من أن يستغرق تشكيل الحكومة شهوراً طويلة كما جرى في انتخابات 2017، ما أدى لشلل في مؤسسات الاتحاد الأوربي وقتها، كما تحتاج ألمانيا حكومة قبل 31 ديسمبر القادم لأن ألمانيا سوف تترأس الاتحاد الأوروبي في الأول من يناير حتى 30 يونيو 2022، كما أصبح من الصعب على حلفاء ميركل تشكيل الحكومة بعد أن قطعت استطلاعات الرأي بنسبة كبيرة الطريق على تحالف ميركل، والذي قاده أرمين لاشيت نحو أكبر خسارة في تاريخ المحافظين منذ الحرب العالمية، ودعم 53% من الألمان تحالف «إشارة المرور» من أجل تشكيل الحكومة، بينما وافق 22% فقط على تشكيل تحالف «جاميكا» للحكومة، وجاميكا هو تحالف أحزاب تمثل ألوانه نفس ألوان علم دولة جاميكا، ويضم أحزاب «الاتحادي الديمقراطي المسيحي مع الخضر والديمقراطي الحر»، كما رفض الشعب الألماني استمرار تحالف الحكومة الحالي الذي يضم حزبَي ميركل وشولتز، ولم يعطِه الاستطلاع إلا 12%، وهو ما يفسح الطريق تماماً أمام تحالف «إشارة المرور لتشكيل الحكومة، وذلك وفق أرقام معهد» فورسا لقياس مؤشرات الرأي الذي أجرى الاستطلاع لمصلحة محطة آر تي إل، وتتفق هذه النتائج مع ما توصل إليه استطلاع آخر لشبكة زد دي إف العامة، ورأى أن نحو 75% يقولون إن شولتز يجب أن يكون المستشار المقبل للبلاد، فما مستقبل هذا التحالف بالنسبة لألمانيا وأوروبا؟ وماذا عن المنطقة العربية والشرق الأوسط في معادلة أكثر التحالفات فرصة لقيادة ألمانيا وأوروبا خلال السنوات الأربع القادمة؟

أجندة طموحة

اللافت في الصيغة التي توصل إليها تحالف إشارة المرور أنها تسعى لتحقيق أجندة طموحة للغاية تقوم على وقف استخدام الفحم كمصدر للطاقة عام 2030 لإرضاء حزب الخضر، وهو هدف كبير لأن الخطط السابقة كانت تقضي بوقف استخدام الفحم 2038، وحصل الحزب الديمقراطي الحر على مطالبه بوقف فرض ضرائب جديدة، ومعروف عن الحزب دعمه لرجال الأعمال والقطاع الخاص، بينما حصل الحزب الاشتراكي الاجتماعي على ضمان برفع الحد الأدنى للأجور وضمان معاشات تقاعدية ودعم العاطلين بشكل إنساني، وبرنامج للرقمنة وتحديث الصناعة، وحدوث خلاف بين الأحزاب الثلاثة قبل التصويت على الحكومة الجديدة في البرلمان يظل أمراً قائماً، وفق ما نقلت بلومبرج.

تعميق الشراكة الأوروبية

يؤمن تحالف إشارة المرور بأوروبا «قوية ومتماسكة ومزدهرة» بعد التحديات التي تعرضت لها القارة في العامين الأخيرين، وفي المقدمة البريكست، والخلافات بين الاتحاد الأوربي وبولندا التي ترى في القيم البولندية أعلى من المعايير الأوربية، بالإضافة إلى التحديات الصحية والاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، ومن يقرأ برنامج أولاف شولتز، يتأكد له أن المرشح لمنصب المستشارية سوف يعمل على تعزيز ركائز الاتحاد الأوروبي، بعد أن عمل بكل قوة لدعم «صندوق الإنعاش الاقتصادي المشترك» في الاتحاد الأوروبي، كما دعا شولتز إلى تعميق التكامل السياسي بين دول الاتحاد في مقابل السياسة الحذرة التي تمتعت بها مواقف ميركل التي أيدت الدعم الاقتصادي، لكنها كانت مترددة في تعميق الشراكة السياسية، بحسب تقييم موقع أكسيوس، ولذلك هناك تفاؤل أوروبي بأن يعجل شولتز بتشكيل «تحالف قوي مؤيد لأوروبا» مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إذا فاز في انتخابات الربيع القادم، وكل المقربين من شولتز يؤكدون أنه يرى الاتحاد الأوروبي باعتباره أهم قضية وطنية بالنسبة لألمانيا، وفق فولفجانج شميت المساعد الشخصي لشولتز.

الشرق الأوسط والإيجابية الجديدة

تتفق برامج أحزاب «إشارة المرور» على ضرورة تسهيل التجنيس والاندماج للاجئين القادمين من الشرق الأوسط في المجتمع الألماني، ويؤمن «ائتلاف إشارة المرور» بضرورة أن تكون ألمانيا أكثر انفتاحاً على استقبال ودمج اللاجئين، حيث يوجد في ألمانيا 7.4 مليون من أصول مهاجرة، ولا تختلف سياسة هذا التحالف فيما يتعلق بالهجرة عن سياسة المستشارة ميركل، وهو ما ساهم في فوز عدد من المهاجرين بمقاعد برلمانية عن الحزب الاشتراكي الاجتماعي الذي ينتمي له شولتز في الانتخابات الأخيرة.