الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

«شبح نوفمبر 2010».. هل يمنح الكونغرس المليارات للأغنياء على حساب الطبقة المتوسطة؟

«شبح نوفمبر 2010».. هل يمنح الكونغرس المليارات للأغنياء على حساب الطبقة المتوسطة؟

أب.

قال تقرير لموقع مجلة تايم الأمريكية، إن السيناريو الذي حصل في نوفمبر 2010، فيما يخص الخطط الاقتصادية على وشك أن يعاد مرة أخرى في أمريكا.

وما حصل حينها أن الحزب الديمقراطي الأمريكي تراجع على هامش صنع السياسة الاقتصادية، بينما هيمن المجلس الاحتياطي الفيدرالي على التنمية الاقتصادية في البلاد.

وأضاف التقرير أنه نتيجة ذلك شهدت البلاد عقداً من التيسير الكمي وضخ الأوراق النقدية، والتي كان المستفيد منها في المقام الأول الأثرياء، وبالتالي أدت إلى ارتفاع أسعار الأصول بطرق استمرت في زعزعة استقرار الأسواق المالية العالمية.

وأشارت المجلة، إلى أنه مع حلول الذكرى السنوية لهذا التاريخ، يبدو أن الإدارة الأمريكية عازمة على الاستمرار في نفس المسار، حيث إن الكونغرس منغمس في الخلافات الداخلية والشلل، بينما يستعد البنك الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة اتخاذ خطة إجراءات طارئة جديدة حتى في الوقت الذي يكافح فيه لسحب برامج التحفيز النقدي الهائلة التي وضعت خلال السنوات الماضية، ويرغب بحدوث ذلك دون التسبب في انهيار السوق.

وأشار تقرير المجلة إلى أن الكونغرس الأمريكي بات مرتاحاً بالسماح للمجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتعامل مع العبء الثقيل للشؤون الاقتصادية، إلى جانب ذلك يعد عقد آخر من الشلل الديمقراطي والأعمال المصرفية المركزية العنيفة مدمراً بالنسبة لأمريكا.

التيسير الكمي



بحلول عام 2010، قامت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة بتخفيض أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى الصفر، وكان رئيس مجلس إدارتها حينها بن برنانكي والذي كان لديه ميل للتجارب الجريئة.

وبعد تخفيض الفائدة، ابتكر برنامج التيسير الكمي الذي كان قد استخدم لمرة واحدة فقط، وأراد ببرنانكي استخدامه حينها لتعزيز النمو الاقتصادي العام.

وحذر أعضاء لجنة السياسة في الاحتياطي الفيدرالي من هذه الخطة حينها، وجادلوا بأن التيسير الكمي لن يؤدي إلى تشجيع الإقراض المحفوف بالمخاطر دون خلق العديد من الوظائف الحقيقية.

وكان تبرير البنك الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذه هذه المخاطرة، أن الكونغرس لم يفعل شيئاً للمساعدة، وحينها تم اعتماد خطة تحفيزية بمبلغ 600 مليار دولار.

الهروب من المسؤولية



وعاد البنك الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى في أواخر عامي 2010 و2014، واستخدم التيسير الكمي لطباعة نحو 2.3 تريليون دولار من أوراق النقد، وهو مبلغ يعتبر ضعف الأموال التي حصدها الاحتياطي الفيدرالي خلال 95 عاماً.

قالت المجلة إنه خلال هذه السنوات كان المسؤولون السياسيون من كلا الحزبين أكثر من سعداء، وذلك لتهربهم من المسؤولية، والسماح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي تحمل المزيد من المسؤولية.

وأوضحت المجلة أن هذه الخطة كان لها العديد من التداعيات السلبية، وأحدها عدم المساواة في الدخل وخلق فجوة كبيرة بين الأثرياء والفقراء، ما يؤدي إلى انعدام الطبقة الوسطى.

كيف يستفيد الأثرياء من التدفق المالي؟

من المهم أن نفهم كيف يجني الاحتياطي الفيدرالي أمواله، حيث لا يمكن جعل المبالغ المالية الجديدة أن تظهر في الحسابات الجارية لأشخاص عاديين.

ويمكنه فقط إنشاء نقود جديدة بطريقة واحدة، وهي من خلال إظهارها داخل الحسابات المصرفية لمجموعة النخبة المكونة من 24 شركة مالية كـ: «جي بي مورغان وغولدمان ساكس»، حيث يعرض الاحتياطي الفيدرالي على هذه الشركات التداول. على سبيل المثال شراء مجموعة من سندات الخزانة لمدة 10 سنوات بسعر 10 مليارات دولار، وعندما تتم الموافقة على الصفقة، يدفع البنك الفيدرالي المبلغ للشركة وتولد أموال جديدة.

والخلاصة أن التيسير الكمي ليس أكثر من سلسلة سريعة من عمليات الشراء، والتي تجعل الأموال الجديدة تتدفق في حسابات عدد قليل من المؤسسات في وول ستريت.

ومن خلال التيسير الكمي، أنشأ الاحتياطي الفيدرالي قوة هائلة في الأسواق العالمية تسمى البحث عن العائد، حيث كان على موجة الأوراق النقدية الجديدة أن تجد مكاناً لتستقر فيها وتكسب ربحاً، ومن خلال تثبيت الأسعار عند الصفر، ساعد الاحتياطي الفيدرالي على ضمان عدم تحقيق عوائد متواضعة، ولهذا السبب، فإن صناديق التقاعد وشركات الأسهم الخاصة والمستثمرين الآخرين يبحثون بشكل يائس عن الأصول لشرائها.

ولهذا، فإن التيسير الكمي يساهم في رفع أسعار الأصول كالأسهم وديون الشركات والعقارات التجارية، إذ إن هناك العديد من ضخ العملات في عدد قليل جداً من الأصول.

إعاقة الطبقة الوسطى

السياسة التي تساهم في رفع أسعار الأصول، سيستفيد منها الأغنياء أكثر من الطبقة العاملة، حيث يمتلك الأمريكيون من الطبقة العادية نحو 5% فقط من جميع أصول الدولة.

ووفقاً لمسح أجراه الاحتياطي الفيدرالي في أواخر عام 2020، يمتلك 1% من الأمريكيين 29% من الأصول، بينم يمتلك 10% من الأمريكيين أكثر من 65% من تلك الأصول.

وتمتعت طبقة الأغنياء الأمريكية لسنوات بتضخيم أسعار أصولهم بسبب استراتيجية التيسير الكمي، إلا أن هذه الأموال لم تستطع إصلاح المشاكل الأعمق التي تعيق الطبقة الوسطى، بل أدت إلى حدوث فجوة كبيرة بين الطبقات.

فشل اجتماعي

ومن ناحية أخرى، لم تستطع خطط الاحتياطي الفيدرالي من تحسين البنى التحتية أو نظام التعليم أو تمكين العمال من المساومة للحصول على المزيد من الأجور.

والكونغرس هو السلطة الوحيدة القادرة على فعل مثل هذه الأشياء، ولكن سياسات الأموال السهلة التي تبناها الاحتياطي الفيدرالي جعلت الأمر أكثر سهولة بالنسبة للكونغرس في اتخاذ قرار التقاعس عن العمل.

الجائحة حوّلت المسار

أوضح تقرير المجلة، أن جائحة فيروس كورونا أظهرت أن هناك طريقة مختلفة لتعزيز النمو. ففي عام 2020، فعل الكونغرس ما لم يفعله خلال عقد من الزمان، وأرسل مليارات الدولارات من المساعدات مباشرة إلى الناس وليس إلى التجار الأساسيين، وتم منح قروض الطوارئ مباشرة إلى الشركات الصغيرة، وليس فقط البنوك الكبيرة.

وتم إنفاق مليارات الدولارات لحل مشاكل العالم الحقيقي مثل تطوير اللقاحات بدلاً من مجرد دعم الأسواق المالية، وكانت النتيجة فورية، حيث انخفض معدل الفقر سريعاً، ووصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1967، وتم إعطاء الملايين من جرعات اللقاح واستعادت ملايين الوظائف بعد الإغلاق.