الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

صور | «مقبرة المستعمل».. إنتاج الملابس يولّد 8% من انبعاثات الغازات الدفيئة

صور | «مقبرة المستعمل».. إنتاج الملابس يولّد 8% من انبعاثات الغازات الدفيئة

59 ألف طن من الملابس المستعملة تصل إلى المنطقة الحرة في ميناء إيكويكي

في قلب صحراء أتاكاما شمال تشيلي، تتوسع مكبات نفايات عشوائية تنتشر فيها مخلفات الملابس والأحذية المستعملة، على وقع الوتيرة المتسارعة لصناعات الموضة اليسيرة الكُلفة المعدة للتصدير العالمي.

وقد تخصص البلد الأمريكي الجنوبي في العقود الأربعة الماضية في تجارة الألبسة المستعملة، سواء تلك المرمية من المستهلكين أو الأزياء التي تستغني عنها الشركات المصنّعة أو تلك المقدمة في إطار مبادرات خيرية من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وآسيا.

رسوم جمركية تفضيلية

وفي كل عام، يصل 59 ألف طن من الملابس إلى المنطقة الحرة في ميناء إيكويكي على بعد 1800 كم شمال سانتياغو. وفي هذه المنطقة التجارية التي تقدّم رسوماً جمركية تفضيلية، تُفرز القطع المستعملة ثم يعاد بيعها في متاجر مخصصة لهذا النوع من الملابس في تشيلي أو تُصدّر إلى بلدان أمريكية لاتينية أخرى.

ويوضح العامل السابق في منطقة الاستيراد في المرفأ أليكس كارينيو لوكالة فرانس برس: «هذه الملابس تأتي من العالم أجمع».

لكن بمواجهة ازدياد كمية الملابس المنتجة بأسعار بخسة في آسيا لحساب علامات تجارية قادرة على إصدار نحو 50 مجموعة جديدة سنوياً، تتكدس كميات كبيرة من الألبسة المستعملة بسرعة كبيرة.

وتكوّم نحو 39 ألف طن من النفايات في مكبات غير مستوفية للشروط البيئية في ألتو هوسبيسيو بضاحية إيكويكي.

ملابس غير قابلة للتحلل

ويوضح أليكس كارينيو المقيم قرب مكب للنفايات: «ما لم يُبع في سانتياغو أو لم يُهرب إلى بلدان أخرى» مثل بوليفيا والبيرو وباراغواي «يبقى هنا» لأن إخراج هذه البضائع من المنطقة الحرة ليس مربحاً.

ويوضح فرانكلين زيبيدا الذي أسس أخيراً شركة «إيكو فيبرا» لإعادة التدوير في مسعى لمواجهة هذه الأزمة المتنامية، لوكالة فرانس برس أن «المشكلة تكمن في أن هذه الملابس ليست قابلة للتحلل عضوياً وتحوي مواد كيميائية، ولا يمكن القبول بها تالياً في مكبات النفايات التابعة للبلدية».

بين أكوام الملابس يمكن رؤية علم أمريكي وملابس لا تزال تحمل ملصقات تعريفية وقمصاناً بألوان عيد الميلاد.

وتغوص امرأة لم ترد كشف اسمها، حتى وسطها بين أكوام المخلفات في محاولة لإيجاد ملابس بأفضل حال ممكنة أملاً بإعادة بيعها في حيها في ألتو هوسبيسيو.

ويستغل سكان مقيمون في الجوار من الوضع لطلب مبالغ تراوح بين 6 دولارات و12 دولاراً للحصول على 3 بناطيل أو ملء شاحنة. وتقول المرأة: «هذا ليس بمشكلة، فأنا أبيعها وأكسب بعض المال».

وفي مكان أبعد، تأمل مهاجرتان فنزويليتان عبرتا أخيراً الحدود إلى شمال تشيلي، في إيجاد ملابس تقيهما البرد، في ظل التدني الكبير في درجات الحرارة في المنطقة خلال الليل.

أرقام صادمة

وبيّنت دراسة نشرت نتائجها الأمم المتحدة سنة 2019 أن الإنتاج العالمي من الملابس الذي تضاعف بين عامي 2000 و2014، «مسؤول عن 20% من الهدر الإجمالي للمياه في العالم».

وأظهر التقرير أن إنتاج الألبسة والأحذية يولّد 8 % من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة، وفي آخر السلسلة، «في كل ثانية يتم طمر أو إحراق كمية من الأنسجة توازي سعة شاحنة نفايات».

وفي ألتو هوسبيسيو، يُطمر عدد كبير من الألبسة لتفادي الحرائق التي قد تؤدي لانبعاثات شديدة السمّية بسبب المواد المركّبة في أنسجة كثيرة.

لكن سواء كانت الألبسة مطمورة أو متروكة في الهواء الطلق، من شأن تفككها الكيميائي الذي قد يستغرق عقوداً عدة أن يلوث الهواء والمياه الجوفية.

وأعلنت الحكومة التشيلية أخيراً أن قطاع صناعة النسيج سيخضع قريباً لقانون «توسيع نطاق مسؤولية المنتج»، من خلال إرغام الشركات المستوردة للألبسة على معالجة بقايا الأنسجة وتسهيل إعادة تدويرها.

وفي الشركة التي أسسها في ألتو هوسبيسيو سنة 2018، يعالج فرانكلين زيبيدا ما يصل إلى 40 طناً من الملابس المستعملة شهرياً. وتُفصل الألبسة التركيبية أو المصنوعة من البوليستر عن تلك المصنوعة من القطن قبل استخدامها في صنع ألواح عازلة في قطاع البناء.

وبعدما سئم رؤية «جبال نفايات الملابس» بجانبه بعد 10 سنوات من العمل في المنطقة الحرة في إيكويكي، قرر زيبيدا «الخروج من المشكلة» ليكون «جزءاً من الحل».