الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

هل تنقذ خطط البنى التحتية الرئيس بايدن؟

هل تنقذ خطط البنى التحتية الرئيس بايدن؟

جو بايدن. (رويترز)

يتوجب على الرئيس الأمريكي جو بايدن وحزبه الديمقراطي التعرف على معنى وجوهر مقولة القائد الفرنسي الشهير نابليون بونابرت، التي قال فيها: «إن الجيوش تمشي على بطونها»، والتي يمكن أن يعاد صياغتها داخل أروقة الديمقراطيين لتكون «الشعوب تمشي على بطونها»، كتعبير ورمز عن أهمية الظروف المعيشية والمؤشرات الاقتصادية في صياغة توجهات وآراء الجماهير والناخبين، بعد أن قالت جميع استطلاعات الرأي إن شعبية بايدن تتراجع كل يوم منذ وصوله للبيت الأبيض في 20 يناير الماضي، ووصلت إلى أدنى معدلاتها في الأسبوع الأول من نوفمبر الجاري، عندما قال ثلثا الشعب الأمريكي إنهم لا يريدون للرئيس الأمريكي أن يترشح مرة أخرى للرئاسة عام 2024، وأن 38% فقط راضون عن أدائه، بحسب صحيفة «يو إس إيه توداي».

الناخب الأمريكي محبط ومتشكك وتعب من كوفيد-19 والمصاعب الاقتصادية، وغلق المدارس، وارتفاع الأسعار، والأجور المتجمدة، ومن الأدوية والرعاية الصحية التي لا يمكن تحمل أسعارها، بحسب ما قاله الديمقراطي مدير جمعية «أولويات الولايات المتحدة الأمريكية»، جاي سيسل.

وبسبب الدوافع الاقتصادية والمعيشية يسعى بايدن وحزبه للبناء على موافقة 228 عضواً في مجلس النواب الأمريكي على خطة البنية التحتية التي تبلغ قيمتها 1.2 تريليون دولار، والتي تركز على تجديد وتحديث الجسور والطرق والبنية التحتية الرقمية والتكنولوجية، ومنها الإنترنت فائق السرعة، وهي خطة يمكن وصفها بـ«قبلة الحياة» للديمقراطيين الذين ينتابهم القلق من خسارة الأغلبية البسيطة التي يتمتعون بها في الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ، عندما تجرى انتخابات التجديد النصفي بعد عام من الآن، والمقرر لها 8 نوفمبر القادم.

سبب قلق البيت الأبيض وأنصار الحزب الديمقراطي يرجع إلى أن ما جرى من موافقة مجلس النواب على خطة البنية التحتية يمكن وصفه بـ«نصف انتصار» فقط؛ لأن مجلس النواب، ورغم غالبيته الديمقراطية، لم يستجب لطلب بايدن بالموافقة على خطته الأخرى للبنية الاجتماعية والمناخ، التي تهدف للحفاظ على البيئة وتحسين حياة الأمريكيين، وتبلغ قيمتها 1.85 تريليون دولار، فما هي أسباب التراجع الحاد في شعبية الديمقراطيين وبايدن؟ وكيف يمكن الاستفادة من انضمام 10 جمهوريين إلى 218 ديمقراطياً لتمرير حزمة البنية التحتية التي وافق عليها أيضاً مجلس الشيوخ في أغسطس الماضي؟

رسائل سلبية

أكثر ما يؤلم الأمريكيين هو الرسالة السلبية التي وصلتهم من الخلافات بين أجنحة الحزب الديمقراطي. فالخلاف بين الجناح التقدمي الذي يقوده بيرني ساندرز، وإليزابيث وارن، وغيرهما، أشار لفترة طويلة بأنه لن يسمح بتمرير خطة البنية التحتية إلا مع خطة البنية الاجتماعية والمناخية، وهو ما عطل تمرير رؤية الرئيس بايدن للبنية التحتية شهوراً كان يمكن أن تعطي بارقة أمل لأنصار الحزب والمستقلين قبل أنصار الحزب الجمهوري. كما أن سيناريو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عزز من إحساس الأمريكيين بعدم الكفاءة في إدارة الملفات المختلفة، سواء كانت في الداخل أو الخارج، خاصة في ظل عدم تحقيق تقدم في ملفات مهمة أخرى أهمها الهجرة وتكدس المهاجرين على الحدود المكسيكية قرب جسر تكساس، وتسريع إدارة بايدن لوتيرة ترحيلهم، بالإضافة إلى عدم قدرة الرئيس الأمريكي على تقليل الفجوة بين أنصار الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

تضخم وأرفف خالية

في الوقت الذي يتخوف كثير من الجمهوريين بأن خطط بايدن للبنية التحتية والاجتماعية والمناخية ستؤدي إلى ارتفاع الضرائب على الشركات، وهو ما قد يضعف النمو الأمريكي، ويؤثر على معدل التوظيف في مرحلة التعافي الاقتصادي، فوجئ الأمريكيون بالكثير من المشاكل الاقتصادية، يأتي في مقدمتها ارتفاع التضخم لأعلى مستوى له منذ 30 عاماً، عندما ارتفع في شهر أكتوبر الماضي بنسبة 6.2% عن شهر أكتوبر 2020، وفق ما كشفته وزارة العمل الأمريكية. ويؤثر هذا الارتفاع غير المسبوق في التضخم على حياة الأمريكيين، فالأسر الأمريكية عليها أن تتحمل مبالغ غير مسبوقة من الديون وارتفاع أسعار المنازل والسيارات، حيث وصلت ديون الشعب الأمريكي في الفترة من يوليو إلى سبتمبر هذا العام إلى 15.24 تريليون دولار، حسب ما نقلت قناة «سي إن إن» عن البنك الفيدرالي الأمريكي، وزاد من معاناة الأمريكيين الاضطراب الشديد الذي حدث في سلاسل التوريد نتيجة لارتفاع تكاليف الشحن والمواد الخام، وهو ما أدى لظاهرة «الأرفف الخالية»، وهي عدم وجود بعض السلع الأساسية في محلات التجزئة.

أبعد من الاستطلاعات

الإخفاقات التي تلاحق بايدن لا تتعلق بشعبيته فقط، حيث أشار معهد غالوب لدراسات استطلاع الرأي، إلى أن شعبية بايدن خلال الشهور التسعة الأولى من حكمه سجلت تراجعاً لم يعرفه أي رئيس من آخر 10 رؤساء أمريكيين، بل وصلت إلى خسارة الديمقراطيين لمقعد حاكم ولاية فرجينيا، وهي الولاية التي ظل حاكمها ديمقراطياً منذ عام 2009، بعد أن فاز في 3 نوفمبر الجاري وبفارق كبير وصل إلى 52.5% الجمهوري جلين يونجكين، على الديمقراطي تيري ماك أوليف، الذي شغل منصب الحاكم من قبل في الفترة ما بين 2014 و2018، وما يدق ناقوس الخطر للديمقراطيين أن بايدن نفسه شارك في دعم الحملة الانتخابية الخاسرة لتيري ماك أوليف، وسبق للرئيس أن فاز في هذه الولاية بفارق 10% على ترامب في انتخابات الرئاسة نوفمبر 2020، وهو ما يقول إن هناك تحولاً في موقف الناخبين، خاصة أن انتخابات حاكم الولاية الأخرى في ولاية نيوجيرسي فاز بشق الأنفس، وهو الديمقراطي، فيل مورفي، بنسبة 50.1% فقط، بعد أن كان قد فاز في الانتخابات السابقة بنسبة 56%.

مقاربات جديدة

يحتاج الرئيس الأمريكي لمقاربات جديدة في الداخل والخارج، ففي الداخل يحتاج لتسويق النجاح الذي تمثل في موافقة الكونغرس على خطة البنية التحتية؛ لخلق أمل لدى الأمريكيين، خاصة أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية التي تقول إن الاقتصاد الأمريكي سوف ينمو في نهاية هذا العام بنسبة 5.6%، كما سينمو بنسبة 4% العام المقبل، بحسب بنك جولدمان ساكس، كما يتعين على الديمقراطيين إذا أرادوا الحفاظ على غالبيتهم في انتخابات التجديد النصفي المقبلة أن يحشدوا جناحي الحزب الوسطي والليبرالي التقدمي خلف أجندة موحدة، وتغيير الخطاب السلبي القائم فقط على التخويف من ترامب والشعوبيين، فقد أثبتت استطلاعات الرأي وانتخابات الحاكم في فيرجينيا ونيوجيرسي أنها لم تعد كافية للتأثير في الناخبين.