الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

«شريان حياة»: ثمار الموز تقاوم بركان «لا بالما»

«شريان حياة»: ثمار الموز تقاوم بركان «لا بالما»

دخل بركان «لابالما» الإسباني أسبوعه التاسع، منذ تفجرت حممه يوم 19 سبتمبر الماضي، للمرة الأولى منذ 50 عاماً، في ثوران اُعتبر الأكثر تدميراً في تاريخ الجزيرة التابعة لأرخبيل (مجموعة جزر) الكناري.

ومنذ تصدر الكارثة الطبيعية الأنباء العالمية في منتصف سبتمبر، استحوذت بساتين الموز، التي تشتهر بها «لابالما»، على الاهتمام، لا سيما أنها المورد الاقتصادي الرئيسي للجزيرة. وتوالت التقارير الإخبارية عن تآكل الأراضي الزراعية والسكنية، ومن كان محظوظاً قبل بضع أسابيع بنجاة بعض ممتلكاته، لم يعد يبقى له الآن لا سكن ولا مزرعة. إلا أن ثمار الموز التي نجا بعضها من أطنان الرماد البركاني يبدو وأنها تقاوم الكارثة، إذ أطلقت جمعية منتجي الموز ملصقاً خاصاً للثمار المتضررة، يوضح أن ما أصاب قشرتها لم يؤثر على طعمها أو حالتها.

وقال موقع «نيوزويك» الإخباري الأمريكي: «تستمر معاناة جزر الكناري، بعدما دمر البركان ما يقرب من 400 فدان من المزارع»، مشيراً إلى أن خسائر صناعة الموز، جراء الكارثة، بلغت 116 مليون دولار، حسب تقديرات الحكومة الإقليمية. وكانت هذه الصناعة توفر 30% من الدخل الاقتصادي للجزيرة.. أما جمعية مزارعي الموز في جزر الكناري، فرصدت إصابة نحو 1500 من أصحاب المزارع البالغ عددهم 5000.

ومن نجا خلال الأسابيع الأولى للبركان من التضرر الكلي لمزارعه، فقد الآن منزله وممتلكاته وما تبقى له من محاصيل. ونقل موقع «نيوزويك» عن مزارعين حديثهم عن أهمية بساتين الموز بالنسبة لهم كمصدر رزقهم ومعاشهم.

الموز أولاً

قال أحدهم إنه ظل يشاهد «حمم البركان وهي تلتهم رويداً رويداً آخر ما تبقى لي من أملاك»، متمثلة في فدانات موز كان يعيش عليها أجيال من عائلته.. وأضاف: «لطالما نصحني والدي بأن أستثمر في الموز، بدلاً من أن أبني منزلاً كبيراً. المنزل لن يعود علي بالمال، لكن الموز سيجلب لي المال لبناء بيت».. وعبر آخر عن مأساة فقدانه محاصيله قائلاً: «كنت أفضل أن أفقد منزلي بدلاً من أن أفقد أشجار الموز.. فالشجر يمنحك الحياة».

وكانت صحيفة «تاونز فيل بوليتن» اليومية الأسترالية نشرت مقطع فيديو لإحدى صوبات الموز التي دمرها رماد البركان، ونقلت عن محللي برنامج «كوبرنيكوس» للأقمار الصناعية التابع للاتحاد الأوروبي أن الحمم، بحلول 11 نوفمبر، غطت 999.6 هكتار و2605 مبانٍ.

ومنذ بدء الثوران في منتصف سبتمبر، طمرت الحمم البركانية 1050 هكتاراً، تشكل حالياً قشرة رمادية داكنة تغطى الأشجار والبساتين، واضطر 7000 من سكان الجزيرة البالغ عددهم 85 ألفاً إلى مغادرة منازلهم، ودُمر نحو 1500 مبنى، ودفنت الحمم البركانية طرقاً وحقولاً ومزارع موز، فضلاً عن صوبات زراعية.. وبحسب صحيفة «إل بايس» الإسبانية، تقدر الحكومة إجمالي الأضرار التي لحقت بها حتى الآن بأكثر من مليار دولار.

شريان حياة

لكن في الوقت الذي تدمر فيه حمم البركان سبل عيش آلاف المزارعين في لابالما، تمثل أنهاره المشتعلة بالجمر وهي تنحدر من فوهته «شريان حياة»، بالنسبة للجيولوجية المتخصصة في علم البراكين بجامعة بورتسماوث، كارمن سولانا.

ونقل موقع إذاعة «إن بي آر» الإخبارية الأمريكية عن سولانا قولها إن هذه الحمم ضرورية و«حيوية لبقاء الجزر».. وأوضحت: «ما لم تحدث مثل هذه البراكين، ستتقلص مساحة الأرض وتتآكل الجزر كلياً بفعل نحر البحر.. لن يكون لدينا أرض لنعيش عليها.. صحيح أن هذه الحمم مدمرة وصادمة، لكنها في الوقت نفسه وسيلة بناءة، بفضلها تتوسع مساحة البر وتنمو وتتسع».

فمع تدفق الحمم البركانية صوب البحر، ورغم ما تسببه من أضرار مناخية وصحية، فقد تشكلت بالفعل كتلة جديدة من الأرض بدأت تغطي أكثر من 40 هكتاراً من سطح البحر بأرض صلبة، ليعاد تشكيل التضاريس الجغرافية للجزيرة من جديد.

كانت السلطات الإسبانية قد حذرت من انطلاق غازات سامة مع انحدار الحمم المتوهجة إلى البحر، مشيرة إلى أن الأمر لن يتوقف على «تبخر متفجر لمياه البحر»، بل إنه حين تلامس الحمم سطح المياه المالحة، سينتج «حمض الهيدروكلوريك»، ما يمكن أن يسبب تهيجاً للجلد والعين والجهاز التنفسي.

موز بلون البركان

وبحسب الموقع، فإن الانفجارات البركانية كانت وراء تشكل جزر الكناري منذ ملايين السنين. ورغم أن الجزر وعرة التضاريس في الغالب، إلّا أن هذا البركان أصاب بعض المناطق المسطحة القليلة، وهي المساحات الزراعية، ما أدى إلى إتلاف أنظمة الري في مزارع الموز من ناحية، فيما أدى الرماد البركاني، من ناحية أخرى، إلى تكوين طبقة سوداء فوق قشر محاصيل الموز.

وقال «إن بي آر» إنه «على الرغم من أن حالتها (ثمار الموز) ما زالت جيدة وطمعها لا بأس به، فإن جمعية منتجي الموز في الجزيرة قامت بوضع ملصق على الفاكهة المتضررة كُتب عليها كلمة (بركان)، مع صورة لفوهته، ليعرف المشتري أن هذه البقع السوداء» ما هي إلّا مجرد لون أصاب القشرة ولم يؤدِ إلى الإضرار بالثمرة، وكذلك للتسهيل على المستهلكين في تحديد أسباب الضرر الذي أصاب الشكل الجمالي لثمار الموز.