الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

حالمٌ بالبيت الأبيض.. عاشقٌ للنكات.. «بوب دول» يرحل بعد نصف قرن من العمل السياسي

حالمٌ بالبيت الأبيض.. عاشقٌ للنكات.. 
«بوب دول» يرحل بعد نصف قرن من العمل السياسي

بوب دول. (رويترز)

خفيفُ الظل.. حالمٌ بالبيت الأبيض. وافته المنية، الأحد، بعد حياة سياسية حافلة، تخللتها ثلاثة إخفاقات في التأهل إلى سباق الرئاسة الأمريكية.. إنه السيناتور الجمهوري السابق بوب دول، أحد أبرز الوجوه على الساحة السياسية الأمريكية طوال النصف الأخير من القرن العشرين.

توفي «دول» عن 98 عاماً صباح الأحد.. وأمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بتنكيس الأعلام خارج المنشآت العامة في واشنطن، حداداً على وفاة السياسي المخضرم.. وسيجري تنكيس الأعلام إلى منتصف الساري في البيت الأبيض، وجميع المباني والأراضي العامة، والمراكز العسكرية، والمحطات البحرية، وجميع السفن البحرية في الولايات المتحدة وأراضيها في الخارج، حتى غروب شمس يوم الخميس المقبل.

كان «دول» من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، التي أصيب خلالها بجروح خطيرة تركته بعاهة مستديمة في يده اليمنى وذراعه اليسرى.. كما عاني في السنوات السابقة من سلسلة اضطرابات صحية. وخضع في عامي 1991 و2001 لعمليات جراحية.

محارب قديم

نشأ «دول» في بلدة صغيرة بولاية كانساس، منذ ولادته في يوليو 1923، خلال سنوات «الكساد الكبير». التحق بالجيش عام 1942 مع دخول أمريكا في الحرب العالمية الثانية، واستدعي للخدمة في العام التالي، وأصيب بجروح خطيرة كادت تودي بحياته أثناء محاولته حمل زميل له أصيب في ساحة الحرب.

خاض 3 مرات سباق الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، دون أن يتمكن من ذلك إلا في عام 1996 ليُمنى بالهزيمة أمام الرئيس الأمريكي الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون. وكان عضواً في مجلس الشيوخ لفترة طويلة عن ولاية كنساس في الفترة من 1969- 1996.

ويقول موقع «CNN» الإخباري الأمريكي إنه «في فجر إدارة الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي، وصل دول إلى واشنطن»، قادماً من كنساس، حيث بدأت رحلته العملية في الكونغرس الأمريكي، وكان زعيماً للأغلبية في مجلس الشيوخ.. وفي عام 1976، شغل منصب نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جيرالد فورد.

روح الدعابة

ويضيف الموقع: «لفت إليه الانتباه لدفاعه الشديد عن الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في فضيحة ووترغيت». فقد اتخذ «دول» من نيكسون «صديقاً ومعلماً».. ونقل عن السيناتور الديمقراطي السابق توم داشل قوله في تصريح عام 2000 وصفه لدول بأن «روحه براغماتية وذكاءه سريع ويتمتع بروح دعابة ويحب هذا البلد».. كما قال عنه الصحفي ريتشارد بن كريمر، في كتابه «ما الذي يتطلبه الأمر»، إنه «دائماً جاهز لإلقاء النكات».

استقال «دول» عام 1996 من مجلس الشيوخ، للتركيز في حملة الانتخابية الرئاسية، وآنذاك قال ساخراً تصريحه الشهير: «إما البيت الأبيض أو منزلي». ورغم أنه كان الأوفر حظاً، إلا أنه خسر بالنهاية أمام كلينتون، الذي كانت تجمعه به «علاقة دافئة»، في نتيجة تم تصويرها أنها خسارة «العجوز» أمام «الطفل» كلينتون لصغر سنه آنذاك.

وعلى الرغم من خسارته السياسية، فإن مسيرته الوطنية كانت حافلة، منذ مشاركته في الحرب العالمية الثانية وحتى قيادته للمؤسسة الجمهورية.. وحصل على وسام الحرية الرئاسي، من منافسه السابق، لخدمته في الحرب والكونغرس.. وخلال التكريم، داعب «دول» الرئيس كلينتون متظاهراً بأداء اليمين الرئاسي، قائلاً: «أنا روبرت جيه دول. أقسم رسمياً.... عفواً، خطاب خاطئ، لكن كان لدي حلم بأنني سأكون هنا هذا الأسبوع، لأتلقى شيئاً من الرئيس، اعتقدت أنه سيكون مفتاح الباب الأمامي»، في إشارة للبيت الأبيض.

وكتب معهد «إليزابيث دول»، الذي يحمل اسم زوجته، عضوة الكونغرس ووزيرة النقل السابقة، على صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «نعلن بقلب حزين وفاة السيناتور جوزيف دول باكراً هذا الصباح في نومه». وتابعت التغريدة أن دول «خدم الولايات المتحدة بوفاء على مدى 79 عاماً».

وقالت عائلة دول، في بيان، إن «أمريكا خسرت أحد أبطالها، خسرت عائلتنا صخرتها». وأعلن بوب دول في فبراير إصابته بسرطان الرئة في مرحلة متقدمة. وفور الإعلان، زاره الرئيس الأمريكي جو بايدن في منزله.

كبار السياسيين يرثونه

أصدر بايدن، فور إعلان الوفاة، بيان حدادٍ أشاد فيه بـ«رجل دولة أمريكي نادر» و«بطل حرب» و«صديق». وقال بايدن: «كان بوب رجل دولة لا يضاهيه إلا قلةٌ في تاريخنا. بطل حرب ينتمي لأعظم جيل. وبالنسبة لي، كان صديقًا ألجأ إليه حين أبحث عن نصائح يمكنني الوثوق بها.. سأفتقد صديقي، لكنني ممتن للأوقات التي تشاركناها سوياً».

وعلق زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل: «مهما كانت آراؤهم السياسية، فإن جميع من شاهدوا أعمال بوب دول كانوا يعجبون بشخصيته ووطنيته العميقة».

وقال الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب إن دول «بطل حرب أمريكي ووطني حقيقي خدم ولاية كانساس العظيمة بشرف، وجعل الحزب الجمهوري أقوى».

وتحدث الرئيس الأسبق باراك أوباما من جهته على «تويتر» عن «بطل حرب وزعيم سياسي ورجل دولة» كان جيله يضع «البلاد في مرتبة أعلى من الحزب».

وعلق نائب الرئيس السابق مايك بنس قائلاً إن «السيناتور بوب دول كان رجلاً عظيماً عاش حياة استثنائية في خدمة أمريكا وسيفتقده كثيراً كل الذين قدر لهم أن يتعرفوا عليه».

وحيا السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز ذكرى رجل «خدم بلاده بشجاعة في ساحة المعركة وبعزة في مجلس الشيوخ».