الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

لماذا يعلن بايدن من الآن الترشح لانتخابات 2024؟

لماذا يعلن بايدن من الآن الترشح لانتخابات 2024؟

الرئيس الأمريكي. (رويترز)

لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، يضطر رئيس لم يكمل عامه الأول في الحكم، إلى الإعلان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أنه سوف يترشح للانتخابات الرئاسية التالية.

ورغم تعدد الأسباب التي قادت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، وأصدقاء الرئيس جو بايدن، مثل السيناتور كريس دود، وحاكم ولاية بنسلفانيا السابق إد ريندل، للتأكيد على أن الرئيس الأمريكي ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024، إلا أن هذه التصريحات المباشرة والواضحة لم تنهِ الجدل والنقاش داخل الحزب الديمقراطي الحاكم، حول مدى قدرة الرئيس بايدن ليكون الخيار الأفضل والورقة الرابحة للديمقراطيين للفوز بالبيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية القادمة، بحسب ما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن مصادر متعددة، وهي شكوك تحدثت عنها صحف أمريكية كثيرة.

ينظر المتشككون في أهلية وقدرة بايدن على هزيمة مرشح الجمهوريين في الانتخابات القادمة، إلى إعلان البيت الأبيض حول ترشيحه، بأن الهدف فقط هو تفادي إضعاف موقف الرئيس من جانب فريقه، بعد أن قال 64% من الأمريكيين إنهم لا يريدون ترشح بايدن لانتخابات 2024، وفق استطلاع رأي أجرته صحيفة «يو إس إي توداي» بالتعاون مع جامعة سوفولك، في 8 نوفمبر الماضي، والذي جاء قبل عام من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس يوم 8 نوفمبر القادم.

وما يبقي النقاش محتدماً داخل الديمقراطيين حول قدرة بايدن، على منافسة جمهوريين بارزين؛ أمثال الرئيس السابق دونالد ترامب، أو نائبه مايك بنس، أو حتى وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، أن هذا الاستطلاع كشف أن دعم المستقلين من الناخبين، للرئيس بايدن، قد تلاشى، وأن 44% من المستقلين والذين سبق أن صوتوا له في انتخابات 2020، قالوا إن أداءه أسوأ مما توقعوا.

فما هي الأسباب التي تقود للتراجع الحاد في شعبية بايدن، وتهدد بعدم ترشحه للانتخابات القادمة؟ وهل يقتنع بايدن بولاية رئاسية واحدة؟ أم أن الوقت ما زال مبكراً لترشح كامالا هاريس، أو وزير النقل الأمريكي بيت بوتيجيج، أو ميشيل قرينة الرئيس السابق باراك أوباما، عن الديمقراطيين بدلاً منه؟

إخفاقات اقتصادية

منذ دخول بايدن للبيت الأبيض في 20 يناير الماضي، يخسر أكثر في استطلاعات الرأي التي تجرى تباعاً على مدار العام الجاري، وفق معهد غالوب لدراسات الرأي العام.

سلسلة الإخفاقات الداخلية والخارجية أدت لنزيف هائل في شعبيته، التي تأثرت بشدة لأسباب كثيرة؛ منها الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، وعدم تعافي الاقتصاد الأمريكي كما كان يتوقع الأمريكيون، وفق استطلاع أجراه مركز «ريل كلير بوليتيكس»، بالإضافة إلى الفشل في التعاطي مع تداعيات أزمة جائحة كورونا، ورفض الكثير من الولايات للإجراءات الاحترازية التي أعلنها بايدن.

وخير مثال على تفاقم المشاكل مع الجائحة، ما تضمنه تقرير الوظائف الذي أعلنته وزارة العمل الجمعة 3 ديسمبر، والذي كشف عن خيبة أمل كبيرة، حيث أضاف سوق العمل 210 آلاف وظيفة فقط خلال شهر نوفمبر الماضي، بعد أن كان المتوقع 550 ألف وظيفة، وهو ما يجعله أسوأ شهر في توفير الوظائف هذا العام، ويعد تقرير الوظائف من أهم المؤشرات التي تؤكد أن الاقتصاد الأمريكي عاجز عن استرداد عافيته حتى الآن.

خلافات داخلية

لكن أكثر القضايا التي ألقت بظلالها على شعبية الرئيس والحزب الديمقراطي، هي الخلافات الداخلية بين الجناح التقدمي اليساري بقيادة السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، والسيناتور اليزابيث وارن، من ناحية، والجناح المعتدل من ناحية أخرى، والشاهد على هذا الأمر، أن بايدن لم يستطع تمرير أجندته التشريعية قبل نوفمبر الماضي، ليس فقط بسبب الجمهوريين، بل بسبب الخلافات مع زملائه التقدميين داخل الحزب الديمقراطي.

ولم يستطع بايدن إلا بشق الأنفس، تمرير حزمة البنية التحتية بـ1.2 تريليون دولار في 6 نوفمبر الماضي، بينما تأجل تمرير خطة الرعاية الاجتماعية والمناخ في مجلس النواب حتى 29 نوفمبر الماضي، حيث كان الجناح التقدمي، يربط التصويت على الحزمتين معاً وبالتزامن وليس بالتتالي، وهو ما جعل البعض يطرح سؤالاً حول إذا ما كان الرئيس لا يستطيع أن يسيطر أو يوحد حزبه، فكيف يمكن أن يوحد الأمريكيين؟

قطع الطريق

ورغم نفي البيت الأبيض وجود خلافات بين الرئيس ونائبته هاريس، إلا أن الثرثرة والخلافات في البيت الأبيض بين فريقهما لا تنتهي، بحسب صحيفة «التايمز» البريطانية، التي قالت أن هاريس ووزير النقل بوتيجيج يسعيان للفوز بمنصب الرئيس بدلاً من بايدن.

وراجت خلال الأسابيع الماضية تقارير كثيرة، تقول أن هاريس تشكو من التهميش في البيت الأبيض، وقال مقربون منها أنها عندما تعرضت لانتقادات بسبب أدائها في ملف الهجرة في النصف الأول من العام الجاري، لم تجد المساندة الكافية من فريق بايدن.

ولهذا ينظر إلى الإعلان المبكر من جانب الرئيس وفريقه، بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2024، بأن هدفه قطع الطريق على من يحاولون الترويج لشخصيات أخرى داخل الحزب الديمقراطي، سواء هاريس وبوتيجيج، أو حتى طرح أسماء جديدة مثل ميشيل أوباما، والملياردير مايكل بلومبيرج.

أكبر من 70

يواجه الرئيس بايدن مشكلة كبرى في طريق التوجه لولاية ثانية في البيت الأبيض، ليس من داخل حزبه فقط، بل على المستوى الوطني، حيث ينتشر في الشارع الأمريكي، جدل حول ضرورة ألا يكون رئيس الدولة مسناً ويتجاوز عمره 70 عاماً، بينما بلغ الرئيس بايدن في 20 نوفمبر الماضي 79 عاماً، وعند إجراء الانتخابات الرئاسية في الثلاثاء الأول في شهر نوفمبر 2024، سوف يكون عمره 82 عاماً، وارتباط كل ذلك باللياقة الذهنية والصحية لأي رئيس أمريكي.

ويقول أصحاب هذا الرأي أمثال الملياردير أيلون ماسك، أن هذا الأمر سيمنع أيضاً الرئيس السابق ترامب من الترشح للانتخابات الرئاسية، لأن ترامب البالغ الآن 75 عاماً سيكون في نوفمبر 2024 نحو 78 عاماً، وهي قضية اليوم أكثر إثارة في الولايات المتحدة، بعد أن أثارها الرئيس أوباما عندما زار البرازيل عام 2017.

ويطالب البعض من أمثلة إيلون ماسك، أن يكون أعضاء الكونغرس أيضاً أكثر شباباً، بعد أن بات هناك 23 عضواً في مجلس الشيوخ، فوق الـ70 عاماً، بينما سيناتور واحد تحت سن الأربعين عاماً، بحسب خدمة أبحاث الكونغرس، التي لفتت إلى أن متوسط سن أعضاء مجلس الشيوخ الحالي هو الأكبر في التاريخ الأمريكي، بمتوسط 64.3 عام، بينهم السيناتور بيرني ساندرز (80 عاماً)، والسيناتور الديمقراطية ديان فاينشتاين (88 عاماً).

المؤكد أن نتائج وأداء العام الأول للرئيس في البيت الأبيض لم يكن بذات التوقعات الكبيرة والآمال العريضة التي رافقت وصوله والديمقراطيون إلى الحكم، لكن في ذات الوقت، يملك الرئيس أكثر من 3 سنوات أخرى لتغيير الوضع الحالي، بشرط أن تنتهي جائحة كورنا وتداعياتها بسرعة، ويؤدي الديمقراطيون بشكل جيد في انتخابات التجديد النصفي في العام القادم، وعدم خسارة الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ.