الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«الهجرة غير الشرعية»: خلافات أوروبية.. وعبء أكبر على دول «البوابات»

«الهجرة غير الشرعية»: خلافات أوروبية.. وعبء أكبر على دول «البوابات»

لاجئ وطفل في صقيع الحدود البولندية البيلاروسية. (رويترز)

فرضت العمليات الإرهابية العابرة للحدود، وتداعيات الهجرة غير الشرعية، وقضايا الاندماج في المجتمع الأوربي، فتحَ نقاش أوروبي، تبنته فرنسا، حول ضرورة النظر من جديد في اتفاقية «شنغن» التي تسمح بحرية التنقل بين 26 دولة، بينها 22 من الاتحاد الأوروبي.

اقترحت المفوضية الأوروبية إدخال تعديلات على قواعد «منطقة شنغن»، منها فرض قيود مؤقتة على الحركة عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.

ومنذ وصول أكثر من مليون لاجئ سوري عام 2015 إلى ألمانيا، ودخول «حزب البديل من أجل ألمانيا» لأول مرة إلى البرلمان في انتخابات سبتمبر 2019، بدأ نقاش أوروبي لم ينته حتى اليوم حول الطريقة الأفضل للتعامل مع الموجات المتلاحقة من الهجرة غير الشرعية، في ظل الخلاف بين السياسيين المتشددين والمحافظين ضد المهاجرين، ومن يرحب باللاجئين مثل منظمات حقوق الإنسان الأوروبية والأحزاب اليسارية والتقدمية.

يفاقم الخلافات الأوروبية حول أزمة الهجرة أنها لا تتعلق فقط بالالتزام ببنود اتفاقية «شنغن»، لكن الخلاف يصل إلى الالتزامات التي رتبتها «اتفاقية دبلن» على كل دولة من «دول البوابات»، التي يصل إليها المهاجرون أولاً مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا، حيث تنص «اتفاقية دبلن» التي بدأ العمل بها في الأول من سبتمبر 1997، على أن الدولة الأولى التي يقدم فيها المهاجر «بصمات يده» هي التي يجب أن يبقى فيها وتتحمل مسؤوليته، وكثيراً ما أعادت دول من غير دول البوابات مهاجرين إلى إيطاليا وإسبانيا واليونان.

ويفرض هذا الأمر أعباءً كبيرة على دول البوابات أكثر بكثير من دول المقصد، وهي الدول التي يرغب غالبية المهاجرين الذهاب إليها مثل ألمانيا وهولندا، فإلى أين يمكن أن يصل الحراك الأوروبي في قضية الهجرة غير النظامية كما يطلق عليها في أوروبا؟ وهل هناك تصور يقلل من تدفقات المهاجرين إلى أوروبا؟ وأين الحقيقة في حاجة أوروبا أو عدم حاجتها لمهاجرين جدد؟

ما هي اتفاقية «شنغن»؟

تم التوصل «لاتفاقية شنغن» عام 1985، وبدأ العمل بها في 1995 في 7 دول، هي: بلجيكا وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورج وهولندا والبرتغال وإسبانيا. والآن تضم الاتفاقية 26 دولة، منهم 22 عضواً في الاتحاد الأوروبي و4 من خارج الاتحاد الأوروبي، هي أيسلندا والنرويج منذ عام 2001، وسويسرا منذ عام 2008، وليختنشتاين منذ عام 2011، وانضمت بعد ذلك إيطاليا والنمسا عام 1997، واليونان عام 2000، وبلدان الشمال الأوروبي عام 2001، وانضمت 9 دول أخرى من الاتحاد الأوروبي عام 2007، بعد توسع الاتحاد الأوروبي شرقاً عام 2004. وهذه الدول هي جمهورية التشيك وإستونيا والمجر وليتوانيا ولاتفيا ومالطا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا، وهناك 5 دول فقط من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خارج منطقة شنغن هي بلغاريا وكرواتيا وقبرص وأيرلندا ورومانيا.

موجات جديدة

في العام الجاري وفي الفترة من يناير حتى أغسطس زادت أعداد المهاجرين إلى 64%، وبداية من 31 أغسطس الماضي، موعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بدأت موجات المهاجرين الأفغان تزيد بشكل أثار قلق الأوروبيين.

انتهز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرصة المؤتمر الصحفي العالمي في 9 نوفمبر الماضي حول رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي بداية من العام الجديد ليطرح رؤية متكاملة للتعامل مع مشاكل الهجرة غير الشرعية. وتقوم الرؤية الفرنسية على 3 محاور رئيسية:

  1. سياسي: من خلال التضامن السياسي الكامل بين دول الاتحاد الأوروبي وأي دولة تتعرض لضغوط بسبب الهجرة، مثل بولندا.
  2. عسكري: عبر إرسال عناصر عسكرية لحماية الحدود الخارجية للاتحاد.
  3. تعزيز ميثاق الهجرة الأوروبي الذي ينص على توزيع عادل للمهاجرين في أوروبا.

التعامل مع المرض وليس العرض

الخلاف والنقاش الأوروبي لا يتوقف على كيفية التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية سواء عبر إصلاح نظام شنغن أو إعادة تعريف اتفاقية دبلن، لكن الخلاف مستمر حول الحاجة أو عدم الحاجة للمهاجرين. فوفق دراسة حديثة لمركز التنمية العالمية، فإن أوروبا تعاني نقصاً في عدد العاملين عام 2050 بواقع 95 مليوناً، مقارنة بحجم العمل في عام 2015.

ومهما كانت هناك إجراءات صارمة سواء على الحدود الأوروبية أو على الحدود المكسيكية-الأمريكية أو غيرهما، سيظل تدفق اللاجئين مستمراً في ظل عدم معالجة الأسباب الرئيسية لقضية الهجرة، ومنها الصراعات السياسية، وضعف مؤسسات الدولة الوطنية، والفقر، وتداعيات التغير المناخي، وهو ما يستوجب أن تكون هناك مقاربة دولية جديدة لقضية الهجرة تراعي حل جذور المشكلة والتعامل مع المرض وليس العرض.