الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

رغم التباين الاقتصادي.. أمريكا تدفع روسيا والصين لـ«صداقات طبيعية»

  • قمة بوتين وبينغ أوضحت أن العلاقة بين البلدين تقف عند الصداقة ولم تصل إلى التحالف
  • موسكو يهمها ابتعاد أوكرانيا عن الناتو.. وبكين تربطها علاقة شراكة استراتيجية مع كييف
صراع القوى العظمى في العالم، أمر معروف على مدار التاريخ، ومن مصلحة كل قوة ألَّا تتقارب باقي القوى، لأن ذلك يعني أنها ستكون محل استهداف منها، وهو بالضبط ما فطنت له الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود مضت، وسعت إلى التفرقة ما بين الاتحاد السوفيتي سابقاً وروسيا حالياً، وما بين الصين، إلا أن سياسات واشنطن حالياً، يبدو أنها تصب في اتجاه الدفع إلى التقارب ما بين موسكو وبكين، وفقاً لتقرير نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية، حيث إن سياسات واشنطن حول الأزمة الروسية- الأوكرانية، دفعت إلى التعاون ما بين موسكو وبكين.

سياسات واشنطن الخارجية والأمنية

وذكر التقرير الذي كتبه وزير الدولة السابق لوزارة الخارجية الملكية الدنماركية، يورجن أورستروم مولر، أنه منذ عام 1972، كانت سياسات واشنطن الخارجية والأمنية، تقوم على التفرقة ما بين الاتحاد السوفيتي (آنذاك) وما بين الصين، وأي محاولة للتقارب بين روسيا والصين، سواء في صورة تفاهمات، أو الوصول إلى علاقة تحالف بينهما، ضد الولايات المتحدة، كانت تقف لها واشنطن بالمرصاد.

ومن هذا المنطلق، وفي عام 1972، سافر الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون، ووزير خارجيته هنري كيسنغر، إلى بكين، لإجهاض ما كان يعتقد أنه تحالف بين بكين وموسكو.

وذكر التقرير أن الوضع اختلف حالياً، حيث إن سياسات واشنطن، لا تعمل فقط على الابتعاد عن التقارب بين روسيا والصين، بل تدفعهما إلى أحضان بعضهما البعض، رغم الخلافات الثنائية في ما بينهما.

خلافات بين روسيا والصين

وعدد التقرير أوجه الخلاف بين الصين وروسيا، حيث لم تجمعهما سابقاً علاقة الصداقة الطبيعية، بل وقعت مناوشات عسكرية على الحدود فيما بينهما، كذلك فإن روسيا تعد من أكبر الدول المصدرة للوقود، وتستفيد من ارتفاع أسعاره، بينما تعد الصين أكبر المستوردين له، ويهمها انخفاض أسعاره.

كذلك وفي قضايا مثل التغير المناخي، كان هناك اختلاف بين الدولتين، حيث صوتت روسيا في مجلس الأمن الدولي، في 13 ديسمبر الجاري، مستخدمة حق النقض، ضد مشروع قانون يعتبر أزمة المناخ بمثابة تهديد للسلم والأمن الدوليين، في حين امتنعت الصين عن التصويت، وقبل شهر من انعقاد قمة المناخ في بريطانيا، وقعت الصين اتفاقاً مع الولايات المتحدة، بعنوان «خريطة طريق لتعاوننا المستقبلي» في مجال خفض الانبعاثات الكربونية.

قمة بوتين وبينغ

واعتبر التقرير أن القمة الافتراضية التي جمعت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الصيني شي جين بينغ، في 15 ديسمبر الجاري، شهدت تأكيداً من كل منهما للآخر، على الدعم المتبادل، وقدما للعالم رسالة أنهما يشتركان في رؤية مشتركة حول القضايا الجيوسياسية الرئيسية.

واعتبر التقرير أن العلاقة بين البلدين توقفت حالياً عند حدود الصداقة، ولم تصل إلى درجة التحالف، وإن كانا يشتركان في الشعور بالضيق من سياسات الولايات المتحدة، وأنهما يقفان سوياً ضد حقبة الهيمنة الأمريكية ويعملان على إنهائها، وربما يجيب المستقبل عن سؤال مهم حول: هل سيكون بمقدورهما الاتفاق على تشكيل نظام عالمي جديد، بديلاً للنظام العالمي الذي تقوده أمريكا حالياً؟

واعتبر التقرير أنه بالنسبة لواشنطن، فإن التقارب الصيني– الروسي يعد انتكاسة كبيرة، وإذا كانت أمريكا قد شهدت تراجعاً على الساحة العالمية، إلا أنها ما زالت أكبر قوة عظمى، وما زال بمقدورها تبني سياسات من شأنها منع التقارب الصيني- الروسي.

سياسات رؤساء أمريكا

واعتبر التقرير أن رؤساء أمريكا، بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما، ودونالد ترامب، كانت لديهم فرص ذهبية لترسيخ التفرد الأمريكي بقيادة العالم، إلا أن كلينتون اكتفى بذلك التفوق ولم يعمل على إنشاء نظام عالمي جديد، كما حظي بوش الابن بالفرصة نفسها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، لكنه لم ينجح في تأسيس تحالف عالمي يضم كل القوى العالمية، ضد الإرهاب، واكتفي بالتحالف مع دول قليلة، أما أوباما فحاول أن يكسب صداقة دول عديدة، وهي السياسات التي اعتبرتها بعض الدول بمثابة تراجع أمريكي عن استخدام القوة العسكرية، فأغرى البعض، ومن هنا نمت الصراعات الإقليمية والمحلية، وخرج الأمر عن السيطرة الأمريكية، وتم فتح الباب أمام الصين وروسيا بالإضافة إلى دول إقليمية مثل تركيا، لكسب موطئ قدم، وكل ذلك أدى إلى تراجع التفوق الأمريكي.

أما ترامب، فقد رفع شعار «أمريكا أولاً»، مطبقاً سياسات تهدف إلى تقليص الالتزامات العالمية للولايات المتحدة، وعندما تسلم الرئيس الحالي جو بايدن، وجد أنه أمام مجموعة من التحديات، كروسيا والصين، وقضية تايوان، والأزمة الأوكرانية، وكوريا الشمالية، وكذلك الملف الإيراني.

تباين روسي صيني بشأن أوكرانيا

وتعد الأزمة الأوكرانية أهم اختبار لبايدن، مع أجواء الحرب الباردة التي عادت لتخيم على العالم، بين أمريكا وحلفائها، وبين روسيا التي سعت للتقارب مع الصين.

ولفت التقرير إلى أن هناك اختلافات بين روسيا والصين حول أوكرانيا، فموسكو لا تريد أن تنضم كييف للناتو، حتى لا تكون أسلحة الغرب على أبواب روسيا، وهو الأمر الذي لا يعني الكثير للصين، والتي لديها مصالح اقتصادية وتجارية مع أوكرانيا، حيث تستورد بكين منها الحديد والحبوب والزيت والدهون، لتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها، كما أن الصين تجمعها منذ أكثر من 10 سنوات، اتفاقية شراكة استراتيجية مع أوكرانيا.

واختتم التقرير بالتأكيد أن سياسة الولايات المتحدة، دفعت كلاً من روسيا والصين، للالتقاء في نقطة تقارب حول أوكرانيا، رغم عدم اتفاق مصالحهما، وأهملت الولايات المتحدة فرصة ذلك التباين، للعمل على منع التقارب في ما بينهما.