الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

خاص | «المقاولات العسكرية».. شركات تزدهر وبيزنيس يحقق المليارات

خاص | «المقاولات العسكرية».. شركات تزدهر وبيزنيس يحقق المليارات

  • دخل الفرد يتراوح ما بين 300 إلى 1000 دولار يومياً
  • بعض الجيوش الخاصة يتجاوز عددها 600 ألف شخص
  • تخضع لآليات السوق والقطاع الخاص من العرض والطلب
إذا كنت تريد أن تبدأ مشروعاً اقتصادياً، بهدف التجارة والبزنيس وتحقيق الأرباح، فلم يعد يقتصر الأمر على التصنيع والاستيراد والتصدير وتسويق السلع والخدمات، بل بات «بيع الأمن» وتشكيل «جيش خاص» من أكثر المجالات التي تدر أموالاً تصل لمليارات الدولارات. فكل شخص أو مجموعة أشخاص يمكن أن يكون لديهم جيشهم الخاص الذي يستطيع أن يمتلك كافة الأسلحة البرية والجوية والبحرية، كما أن الجيش الخاص ليس قليل العدد أو العدة، فبعض الجيوش الخاصة تجاوز عددها 600 ألف شخص، ورغم أن كثيراً من تلك الشركات كانت في البداية من بنات أفكار الدول، إلا أن «شركات الجيوش الخاصة» تخضع لكل مفردات وآليات السوق والقطاع الخاص من العرض والطلب وعقود العمل والمرتبات ودفع الضرائب، وكثير من تلك الشركات، خاصة في الدول الغربية، باتت تدرج أسهمها في البورصات العالمية، التي أشارت بعض التقديرات إلى أن حجم أعمالها السنوي يتراوح بين 90 إلى نحو 400 مليار دولار، كما أنها تمثل فرصة عمل جيدة للأفراد، حيث يتراوح دخل الفرد اليومي ما بين 300 إلى 1000 دولار يومياً.

«خصخصة الأمن».. مبدأ رامسفيلد لتجاوز البيروقراطية

يعود شراء خدمات الجيوش الخاصة أو التعاقد مع الأفراد أو المجموعات القتالية إلى ما قبل ظهور مجتمع الحداثة والدولة الوطنية التي ظهرت مع مؤتمر وستفاليا 1648، وقبل منتصف القرن الـ17، كان من الطبيعي أن يوظف الملوك والباباوات، المرتزقة، خاصة في الحروب الأوروبية التي استمرت 30 عاماً، لكن مع تنامي ورسوخ الدولة الوطنية اتفق منذ ذلك الحين على أن احتكار القوة يكون فقط من جانب الدولة، بمعنى أن استخدام القوة يكون فقط من جانب أجهزة الدولة المعروفة؛ وهي الجيش والشرطة والمخابرات، لكن قيام الشركات الخاصة بدور بديل عن الجيوش الوطنية عاد من جديد بعد الحرب العالمية الثانية بصورة تدريجية، وجاءت أحداث 11 سبتمبر عام 2001 والغزو الأمريكي لأفغانستان 2001، ثم غزو العراق 2003 لتمثل الدافع الكبير والانتشار الواسع والنقلة النوعية في مسيرة هذه الشركات. وكانت رؤية وزير الدفاع الأمريكي السابق، دونالد رامسفيلد، ترتكز على مشاركة القطاع الخاص في المجهود الحربي لتجاوز عقبات البيروقراطية في البنتاغون والكونغرس، وهو ما عرف وقتها بـ«مبدأ رامسفيلد»، وفق ما قاله الأستاذ المشارك في جامعة الدفاع الوطني، شون ماك فيت.

وتقوم هذه الشركات بكل المهام التي تقوم بها الجيوش النظامية، تبدأ بحراسة القواعد العسكرية وحماية الشخصيات السياسية الرفيعة، والتدريب على استخدام السلاح وصيانة الأسلحة، وصولاً إلى القيام بالعمليات العسكرية، كما تدير هذه الشركات آبار النفط ومناجم المعادن الثمينة والنادرة كمقابل لخدماتها أو مكافأة لها أو تديرها لحساب الغير، سواء كان هذا الغير دولة أو شركة أخرى.

466 مليار دولار أعلى إنفاق أمريكي

رغم أن مرحلة الحرب على الإرهاب بدأت في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، منذ 2001، إلا أن أكبر توسع للشركات العسكرية الأمريكية الخاصة كان في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، خاصة عام 2010، والذي شهد أكبر استعانة من نوعها بالعناصر العسكرية التابعة للشركات الخاصة، بعد أن استعان البنتاغون في هذا العام بنحو 207 آلاف فرد من شركات الجيوش الخاصة للعمل في أفغانستان والعراق، في المقابل كان عدد القوات النظامية التي أرسلتها وزارة الدفاع الأمريكية إلى العراق وأفغانستان لا يتجاوز الـ175 ألفاً فقط. وبينما كانت الولايات المتحدة تنفق على الجيوش الخاصة نحو 165 مليار دولار عام 1999، ارتفع هذا الإنفاق ليصل في عام 2008 إلى 466 مليار دولار، وشكل عدد العناصر من الشركات العسكرية الخاصة 50% أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، بينما شكلوا 70% في أفغانستان.

ورغم وجود العشرات من تلك الشركات، إلا أن عدداً محدوداً منها أصبحت له شهرة عالمية في مقدمتها شركة «بلاك ووتر» التي تحول اسمها إلى «أكاديمي» عام 2011، و«فاغنر» التي يدور خلاف حول نشاطها بين روسيا والغرب، و«صادات» التي تقدم الخدمات العسكرية المتنوعة لجميع الزبائن الحاليين والمحتملين، وفق موقعها الرسمي الذي يروج ويسوق على مدار الساعة لحزمة من الخدمات والأعمال العسكرية، فما هي قصص شركات الجيوش الخاصة التي يطلقون على أنفسهم «شركات مقاولات»؟ وما هي آفاق توسعاتها الاقتصادية مستقبلاً؟ ولماذا يزدهر عمل تلك الشركات في هذه الآونة؟

المعارضون:«مقاولو أمن» مهمتهم تقوم على القتل

المعارضون لعمل هذه الشركات يطلقون عليها أوصافاً مثل «مقاولي الأمن»، و«صناع الموت»، و«تجار الحرب»، و«المرتزقة الجدد»، ويخشى هؤلاء بشكل واضح أن تأخذ هذه الشركات دور الدولة كما كان قبل تشكيل الدول الوطنية قبل نحو قرن ونصف القرن، كما تقول صحيفة «ذي أمريكان كونسرفيتيف»، كما تتهم شركات الجيوش الخاصة بغياب الجانب الأخلاقي، حيث يقوم عملها على القتل، كما يتهم البعض شركات الجيوش الخاصة بأنها تفرط في استخدام العنف، وجرت محاكمة العديد من المنتسبين لها على خلفية أحداث وقعت في العراق عام 2007 أو في أفريقيا الوسطى في مرحلة ما بعد 2018، كما تتهم تلك الشركات بأن المشغلين لها والذين يدفعون لهم المال لهم أهداف سياسية رغم أن هدف تلك الشركات هدف تجاري واقتصادي، ومن الاتهامات التي تطال هذه الشركات أيضاً أن وسيلتها الوحيدة هي الردع باستخدام القوة وهزيمة العدو أو التخلص منه، بينما قوات إنفاذ القانون يكون هدفها فقط وقف العنف، ولهذا تتهم الجيوش الخاصة بأنها تعمل على إطالة أمد وزمن الصراعات من خلال تحويل الصراع المسلح إلى سلعة.

المدافعون: خدمات بريد تساهم في النظام الأمني الدولي

يعتقد المدافعون عن الشركات العسكرية، أنها تقدم خدمة مثلها مثل باقي الخدمات لدرجة أن الرئيس التنفيذي لشركة «بلاك ووتر» الأمريكية، أريك برنس، قال إن ما تقوم به شركته يشبه ما تقوم به «شركات البريد» من خدمات بمقابل مادي، وإن هدف هذه الشركات هو هدف اقتصادي يقوم على تقديم أفضل خدمة عسكرية للحكومات أو الجهات التي تريد هذه الخدمة، حيث تطرح الحكومات عرضاً فنياً بحاجاتها العسكرية، بينما تتنافس الشركات العسكرية في تقديم أفضل العروض الفنية والمالية، وبعد الاطلاع على نوعية وأسعار الخدمات التي تقدمها الشركات المتنافسة تختار الحكومات أو وزارات الدفاع والمخابرات أفضل الشركات التي تنفذ العملية نيابة عنها، ونظراً لأن هذه الشركات متعددة الجنسيات ومطروحة في البورصة، فإنها تساهم في النظام المالي العالمي، كما أن أداء هذه الشركات العسكرية لعملها في بيئة عسكرية خارج دولتها يجعلها عنصراً لا يمكن تجاهله في بناء النظام الأمني الدولي، كما يدافع المؤيدون لهذه الشركات بأن حجم وعدد الاتهامات الموجهة لها لا يشكل أي نسبة أمام عدد العمليات العسكرية.