الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

«حرب البيانات».. كيف تحولت الصين إلى منافس قوي لأمريكا؟

«حرب البيانات».. كيف تحولت الصين إلى منافس قوي لأمريكا؟

هواتف آيفون من شركة أبل مصنوعة في الصين - صورة من (epa)

600 مليار دولار خسائر أمريكا من سرقة حقوق الملكية الفكرية

275 مليار دولار تستثمرها «أبل» في بكين منذ 2016

القطاع الخاص يعاني من عواقب طويلة المدى نتيجة الاستثمار في بكين

حرب المعلومات الاختبار الحقيقي للغرب في مواجهة العملاق الآسيوي

التنافس الشرس ما بين الولايات المتحدة والصين، يعتبره البعض أنه وصل إلى مرحلة دق طبول الحرب بينهما، بينما أكد تقرير نشره موقع «ناشونال إنترست» الأمريكي، أن التحدي الحقيقي أمام واشنطن بالنسبة للصين، لا يمكن اعتباره تحدياً عسكرياً.

وأوضح التقرير أن الغرب هو الذي قدم فرصاً من ذهب للصين، وإذا أراد التغلب عليها في المنافسة الشرسة بينهما حالياً، فعليه أن يتوقف عن تقديم المزيد من الأوراق لبكين.

وجهة مفضلة للاستثمار الغربي

وأضاف أن الصين نجحت في أن تكون وجهة مفضلة للاستثمار الغربي، فشركة أبل العملاقة، استثمرت بمفردها 275 مليار دولار في الصين، منذ عام 2016، ويكفي أن جميع أجهزة آيفون للهواتف المحمولة، أصبحت جميعها تحمل حالياً شعار «صنع في الصين»، حيث تضم الشركة 10 آلاف من الموظفين في الصين، بخلاف أن سلاسل التوريد الخاصة بها، يعمل بها حوالي مليون مواطن في الصين.

عواقب الاستثمار

وأضاف التقرير أن الصين نجحت في اجتذاب المستثمرين الغربيين، الذين أقاموا مشروعات عملاقة بها، في خلال السنوات الماضية، ثم قامت بكين بسحب البساط من تحت أقدامهم.

وتعلم القطاع الخاص الدروس من العواقب طويلة المدى، التي نالها من الاستثمار في الصين، والتي لم تقتصر فقط على الأرباح، بل تمتد إلى سرقة حقوق الملكية الفكرية بالإضافة إلى سيطرة الحزب الشيوعي الصيني على أعمالهم.

وأشار التقرير إلى تقديرات توضح أن حجم الخسائر الأمريكية بمفردها، من جرائم سرقة حقوق الملكية الفكرية في الصين، يراوح ما بين 225- 600 مليار دولار، سنوياً، ناهيك عن باقي الخسائر الغربية.

بين شقي الرحى

ويقع المستثمرون في الصين، ما بين شقي الرحى، بسبب العقوبات المتزايدة والمتبادلة ما بين بكين والغرب، حيث يجب على الشركات الأمريكية أن تمتثل لقوانين واشنطن، ومنها قانون منع العمل الجبري «إيغور» على خلفية اتهامات حول انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة إيغور الصينية، وفي نفس الوقت فإن الحزب الشيوعي الصيني نظم حملات مضادة لأمريكا، تهدف إلى المقاطعة المحلية لمنتجات المؤسسات والشركات الأمريكية التي تلتزم بذلك القانون.

وبسبب ذلك التراشق، وقعت العديد من الشركات ضحية بين الصين وأمريكا، مثل شركة إنتل العملاقة في الرقائق، وشركات عملاقة أخرى مثل نايك، وولمارت، و(H&M)، وغيرهم من الشركات.

أهمية البيانات

إلا أن التقرير أكد أن المشكلة الحقيقة حالياً أمام المستثمرين الأجانب في الصين، لا تكمن في تجاوز العقوبات المتبادلة بين الغرب والصين، أو سرقة حقوق الملكية الفكرية، وإنما تكمن في السيطرة على البيانات.

فحسبما قال نائبا مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مات بوتينغر وديفيد فيث «البيانات تعادل النفط في القرن الجديد.. فهي المورد الذي لا ينضب، وهو الغذاء الرئيسي لعمليات الذكاء الاصطناعي والقوة الاقتصادية، وقوة الدولة».

ولفت التقرير إلى أن الحزب الشيوعي الصيني، استطاع من خلال مجموعة من القوانين، أن يفرض السيطرة القانونية على كل البيانات في الصين، وبالتالي أصبح على كل الشركات الأجنبية التي تعمل في الصين، مثل أبل وغيرها، أن تخزن كل ما لديها من بيانات، في مراكز بيانات موجودة في الصين، وحظر نقلها إلى الخارج.

أما الأسوأ من ذلك، فهو أن الحكومة الصينية، احتفظت لنفسها بالحقوق القانونية في نقل تلك البيانات إلى كيانات تابعة للدولة الصينية.

خطورة البيانات

وتأتي خطورة احتفاظ الصين بهذه البيانات، على المدى الطويل، إلى أنها قد تقع في أي لحظة، في أيدي الحزب الشيوعي الصيني، وبالطبع فإن البيانات تعد أمراً حيوياً لعمليات الذكاء الاصطناعي، من أجل خلق تكنولوجيات حديثة ومتطورة، والبيانات بطبيعتها تتخطى الحدود، ومخزنة من خلال الحوسبة السحابية وفي أجهزة يمكن الوصول إليها والتلاعب بها من أي مكان في العالم.

الصين و«ميتافيرس»

وبالطبع فإن الوصول إلى البيانات يعد أمراً ضرورياً لكل من الديمقراطيات والأسواق، من خلال تبادل المعلومات، وبدورها تسيطر الصين على حجم كبير من البيانات، وهي أكثر النقاط المثيرة للقلق والمخاوف الغربية.

وكان ظهور مصطلح «ميتافيرس»، (Metaverse)، الذي يشير إلى العوالم الافتراضية، قد ساعد في زيادة الأهمية للأسواق والديمقراطيات، وبالتالي سيكون لدى الصين القدرة، من خلال البيانات التي يمكنها الاستحواذ عليها، أن تقوم بعمليات التلاعب سواء في الأسواق أو الديمقراطيات.

وأكد التقرير أن الاختبار الحقيقي للغرب، في التعامل مع الصين، هو حرب المعلومات، وليس الحرب التقليدية أو حتى الحرب الإلكترونية، وهي الحرب التي لا يمكن خوضها بأدوات حربية مثل الطائرات المقاتلة، والقطع البحرية الحربية، وسلاح المشاة.