الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

القمة الأوروبية الإفريقية.. الاستجابة لتدفقات الهجرة «أولوية مطلقة»

القمة الأوروبية الإفريقية.. الاستجابة لتدفقات الهجرة «أولوية مطلقة»
تستعد بروكسل لاحتضان قمة الاتحادين الأوروبي والإفريقي، في 17 و 18 فبراير الجاري، لفتح النقاش حول الأولويات الأساسية للسنوات المقبلة، والاتفاق على التوجهات الاستراتيجية والسياسية للعلاقات بين القارتين الجارتين، في وقت تُقبِل فيه جميع القوى العالمية على الاستثمار في القارة الإفريقية، التي تغد قارة المستقبل.

المستقبل في التكامل

وقال الاقتصادي الفرنسي-رئيس معهد "شْوَازُولْ" المختص في تحليل القضايا الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، الكبرى، باسكال لورو، إن المستقبل يَكْمُنُ في التكامل بين القارتين، وإن إفريقيا تمتلك مواردَ تحتاجها أوروبا، موضحا أن الأمر يتعلق بالموارد الطبيعية بالطبع، ولكن أيضا، وقبل كل شيء، بالموارد البشرية، إذ يعد رأس المال البشري، بحسبه، عاملا رئيسيا للتنمية والنمو، في وقت تعد فيه إفريقيا خزانا غير محدود تقريبا له (رأس المال البشري)، وتحتاج فيه أوروبا المسنة إلى هذا الدم الجديد؛ للحفاظ على قدرتها على الابتكار والتفكير في نماذج جديدة.

تكوين الأفارقة



وأضاف لورو، في حوار نشره الثلاثاء الموقع الإلكتروني الإخباري للإذاعة العمومية الفرنسية "فْرُونْسْ آنْفُو"، أن أوروبا يجب أن تركز على تكوين الشباب الأفارقة عندها، من خلال تعزيز المنح الدراسية، وتوفير سهولة الوصول إلى مراكزها للتعليم العالي، وأيضا من خلال المساعدة في تعزيز البنية التحتية التعليمية العامة والمتخصصة في إفريقيا.

تحقيق السيادة الاقتصادية



وأوضح لورو أن أوروبا إذا أرادت تحقيق سيادتها في الأمور الاقتصادية والصناعية، كما تعلن الآن، فيجب عليها أيضا إعادة توزيع نظامها الإنتاجي الاستراتيجي بشكل مطلق.

وفي هذا الجانب، قال لورو، إن أزمة "كوفيد-19" كانت مؤشرا حقيقيا على اعتماد فرنسا وأوروبا على آسيا، مبرزا أن الحل الوحيد أمام الأوروبيين لاستعادة استقلالهم الاستراتيجي، هو نقل شركاتهم إلى أوروبا ومحيطها، حيث تتوفر العمالة وبتكلفة معقولة، وأنه من الطبيعي أن تحتل إفريقيا مكانتها في هذه الاستراتيجية، في وقت لدى أوروبا وإفريقيا الكثير لتقدماه لبعضهما البعض، وأن التكامل بينهما هو مصدر للثروة.

وبيَّن لورو أن إفريقيا هي أفضل فضاء جغرافي قريب لإعادة استثمار جزء من القدرات الإنتاجية لأوروبا، لا سيما تلك التي تتطلب اللجوء إلى قوة عاملة وفيرة، وخلق الثروة في إفريقيا، ما سيوفر، بحسبه، فرص عمل، ويجعل عددا من الكفاءات والمواهب الإفريقية تستقر وتبقى في إفريقيا، في وقت يمثل فيه التوظيف تحديا حقيقيا للبلدان الإفريقية، التي تواجه التدفق الهائل للشباب على سوق العمل، ما يعد تحديا إفريقيا وأوروبيا أيضا، وفق لورو.

مواجهة الانفجار الديمغرافي

وأوضح لورو، في حواره مع "فْرُونْسْ آنْفُو"، أن أحد أكبر التحديات، التي يتعين على القارة العجوز مواجهتها، هي الانفجار الديموغرافي الإفريقي، مبرزا أن عدد سكان الاتحاد الأوروبي يبلغ اليوم نحو 450 مليون نسمة (أكثر من 500 مليون إذا احتسبنا المملكة المتحدة)، في حين يبلغ الرقم في إفريقيا 1.3 مليار نسمة، وفي عام 2050 سيصاب عدد الأوروبيين بالانخفاض، بينما يتضاعف عدد السكان الأفارقة تقريبا (2.5 مليار)، ولن يجد ثلثي الأفراد، الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين عاما، وظيفة في سوق العمل، ما يجعل، بحسب لورو، البحث عن توافق بين الدول الأوروبية على السياسات، التي سيتم تنفيذها، للاستجابة لتدفقات الهجرة المستقبلية، وتعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية، من الأولويات المطلقة للسنوات المقبلة؛ بسبب ملايين الأفارقة، الذين سيهاجرون إلى الشواطئ الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، في وقت تكافح فيه المجتمعات الغربية، لاستيعاب أو دمج المهاجرين وذريتهم، ما سيجعل من التدفق السكاني مصدرا لصعوبات هائلة.

وفي السياق نفسه، أفاد لورو أن فرنسا وإفريقيا جارتان، وتتشاركان علاقات تاريخية، ولديهما مصالح مشتركة، رغم أن الوضع قد يكون صعبا في بعض الأحيان، بل وحتى معقدا، وعلى الرغم من أن القارة الإفريقية لا تمثل اليوم سوى القليل في التجارة الخارجية لفرنسا، إلا أن فرنسا وأوروبا أيضا لا يستطيعان الاستغناء عن إفريقيا، التي تمثل احتياطيا هائلا من الموارد الطبيعية والتعدينية، وهو أمر ضروري للنشاط الاقتصادي للصناعات الأوروبية.