الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

أوكرانيا.. هل تتحول إلى ثقب أسود داخل أوروبا؟

أوكرانيا.. هل تتحول إلى ثقب أسود داخل أوروبا؟

مع دخول التصعيد العسكري في أوكرانيا أسبوعه الثاني، ظهرت تساؤلات حول إمكانية امتداد تلك الحرب لفترات زمنية طويلة، في ظل تمسك كل دولة بخططها الجيواستراتيجية التي لا تتسق بدورها مع خطط الدولة الأخرى، ومع التمسك بخطوط حمراء وضعتها كل دولة تتزايد التساؤلات هل تصبح أوكرانيا ضحية المناورات السياسية وتتموضع كثقب أسود في أوروبا التي ظلت عقوداً بعيدة عن الحروب والنزاعات.. وتوقع خبراء في تصريحات خاصة، استمرار الصراع الحالي حتى وصول بوتين إلى أهدافه، لا سيما أن بوتين لم يدخل الحرب ليخسرها، وأكدوا أن روسيا فاجأت المجتمع الدولي عندما اختارت التصعيد العسكري في كامل الأراضي الأوكرانية، وعدم الاكتفاء بالمناطق الناطقة بالروسية.

وقال رئيس مركز سيريس للدراسات الاستراتيجية في باريس، دكتور عمر الزبيدي، إن التصعيد العسكري ضد روسيا ضد أوكرانيا رغم تصنيفه اعتداء عسكرياً ضد دولة صغيرة، إلا أنه في الحقيقة حرب دفاع عن النفس والأمن القومي الروسي، لا سيما أن موسكو حذرت لسنوات طويلة من عملية امتداد الناتو بقيادة أمريكا إلى قرب الحدود الروسية بما يهدد أمن وسلامة روسيا نووياً، مشيراً إلى فشل القيادة الأوكرانية في احتواء الأزمة وإيجاد تفاهمات مع موسكو تحفظ أمن الجانبين، والتوقف عن الانخراط في أي نشاط يهدد أمن روسيا، إذ اندفعت نحو الجانب الغربي معتقدة أنه الحل الوحيد.

وأكد أن حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية باتوا يعيدون حساباتهم، بعد أن اتضح أن واشنطن إما تتخلى عن أصدقائها أو تنقلب ضدهم، الأمر ذاته ينطبق على أوروبا، وأصبح من الصعب الوثوق بهم حليفاً استراتيجياً في المستقبل، متوقعاً ألّا يستمر الصراع العسكري الحالي فترة طويلة، لا سيما أن بوتين لم يدخل الحرب ليخسرها، لكنه يفضل الوصول إلى تفاهم عبر الحوار مع القيادة الأوكرانية، لاستئناف الحرب الباردة مع أمريكا.

وأوضح أن الرئاسة الروسية تتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب الأوكراني، عكس الولايات المتحدة التي خذلت «كييف» لتحقيق مصالحها والغرب الاستراتيجية، دون تنفيذ أي من الوعود الفارغة التي سبق أن تعهدت بها، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يعد جديداً على الإدارة الأمريكية، إذ فعلت الشيء نفسه حينما تخلت عن الحكومة الأفغانية في أول تحدٍ مع طالبان، مستبعداً احتمالية أن تصبح أوكرانيا ثقباً أسود داخل أوروبا، باعتبارها أصغر من أن تكون أفغانستان جديدة، منوهاً بأن كل الجمهوريات السوفيتية السابقة تستخدمها أوروبا ضد روسيا والصين، ولا تعدها أوروبية وقت الأزمات.

ويرى أستاذ الاقتصاد والسياسة الدولية بجامعة سوربون، دكتور كميل الساري، أن الحرب الأوكرانية فاجأت أوروبا بأكملها، إذ كانوا يعتبرون بلادهم في منأى عن أي حروب، لذا عمدوا إلى إقحام أوكرانيا في حلف الناتو، لتوجيه ضربة قاضية لروسيا، ظناً منهم أن أوكرانيا ودول شرق أوروبا ستظل بعيدة عن الصراعات المسلحة، مؤكداً أن روسيا فاجأت المجتمع الدولي عندما اختارت اجتياح كامل الأراضي الأوكرانية وعدم الاكتفاء بالمناطق الناطقة بالروسية.

وأشار إلى أن أوروبا تنتظرها أيام صعبة وفق ما قال الرئيس الفرنسي ماكرون، منوهاً بأن تلك التصريحات تؤكد أن المشكلة لن تحل عبر المفاوضات، أو انهزام القوات الروسية، لا سيما أن بوتين يعلم جيداً أن اتخاذ أي خطوات للخلف ترتد بعواقب وخيمة على نظامه في روسيا، الأمر الذي تدفع ثمنه الشعوب، لا سيما أن الاضطرابات الراهنة تشكل عائقاً للمنتجين وتساهم في ارتفاع الأسعار خاصة الطاقة.

وشدد على أن مواقف كل من روسيا وأوكرانيا بعيدة للغاية من الناحية الجيوسياسية، إذ تطالب أوكرانيا بتحرير كامل أراضيها، في حين تطالب روسيا بالاعتراف بـ«القرم» جزءاً لا يتجزأ من روسيا، بالإضافة إلى اعترافها بجمهوريات الدونباس، لافتاً إلى أن تلك التشنجات غير العقلانية تدفع بالأمور في اتجاه غير دبلوماسي، ما يجعلها أكثر تعقيداً.

في السياق ذاته توقع المحلل السياسي، والمترجم أيضاً لدى الأمم المتحدة، أحمد عبدالمطلب، استمرار الصراع الحالي، حتى يستطيع بوتين السيطرة على أوكرانيا، لافتاً إلى أنه لن يتوقف حتى بلوغ أهدافه، ولن يتوانى عن استخدام السلاح النووي خاصة بعد أن تخلت أوكرانيا عن قدراتها النووية مقابل ضمانات موقعة من المجتمع الدولي بحماية أمنها في المستقبل.

وأوضح أن قيام حرب عالمية ثالثة بين كفتي العالم ينهي البشرية، لذا يسعى بوتين إلى توجيه ضربات محدودة لا تتعدى مجال الأسلحة الأمريكية (الموجهة لأن تنطلق أتوماتيكياً عند حدوث عدوان روسي)، لافتاً إلى سعي عدة دول حول العالم إلى سحب عضوية روسيا (عضو دائم) من مجلس الأمن والأمم المتحدة، استناداً إلى أن عضويتها ترجع إلى الاتحاد السوفيتي الذي لم يعد موجوداً، لذا فإن كل تلك التهديدات تدفع بوتين نحو المضي في خريطة الطريق التي رسمها، وسط آمال أن تقف طموحاته عند أوكرانيا.

وشدد على أن الصين لا تختلف كثيراً عن روسيا كونها عضواً دائماً في مجلس الأمن وتتمتع بحق الفيتو، بل وتتشابه أيضاً في اعتداءاتها على تايوان، منوهاً إلى ضرورة حل المشكلات العالمية عبر الحوار والأطر الدبلوماسية في وقت لا يملك أي من الدول شيئاً سوى المطالبة بضبط النفس.