الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

«أبو الغيط»: التفاعلات الدولية تشكل نظاماً عالمياً «لا نعرفه بعد»

«أبو الغيط»: التفاعلات الدولية تشكل نظاماً عالمياً «لا نعرفه بعد»

المخاطر الراهنة تقتضي من الجميع ممارسة أعلى قدر من الحكمة

الأمن الغذائي العربي يتأثر سلباً بواقع الاضطراب في واردات الحبوب

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن النظام العالمي يمر بمرحلة صعبة ودقيقة نشهد خلالها تحولات مفاجئة، وتطوراتٍ غير مألوفة، لافتاً إلى أنها مرحلة تُمثل جسراً بين ما عهدناه وألفناه من تفاعلات دولية وقواعد حاكمة لها، وبين ما لا نعرفه بعد من نظام عالمي يتبلور ويتشكل على وقع ما يجري من أحداث، ومن طبيعة هذه المراحل الانتقالية تصاعد منسوب انعدام اليقين، وتزايد قدر المجهول، حيث الجميع يجرب، والكل يطرق أرضاً مجهولة المعالم، وبلا خريطة أو بوصلة هادية.

وأضاف أبو الغيط، خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية المنعقد على المستوى الوزاري، بمقر جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، الأربعاء، أن هذه المرحلة، بكل ما تنطوي عليه من مخاطر، تقتضي من الجميع ممارسة أعلى قدر من الحكمة، والتفكير الهادئ المتأني، كما تقتضي أيضاً النظر إلى التكلفة الباهظة للصراعات والحروب، خاصة بين القوى الكبرى، ليس فقط على الشعوب والدول التي تنخرط في هذه الصراعات الخطيرة، وإنما أيضاً على شعوب الدنيا بأسرها، ففي عالم معقد يقوم على الاعتماد المتبادل، يصعب أن تنأى دولة بنفسها عن تأثيرات حدث كبير مثل الحرب الجارية في أوكرانيا اليوم.

وتابع أن «المبدأ الحاكم لمواقفنا وتحركنا الدبلوماسي حيال الحرب في أوكرانيا سيظل دائماً المصلحة الوطنية، والمصلحة العربية عموماً»، موضحاً أن صراعات القوى العالمية الكبرى سوف تضع ضغوطاً علينا جميعاً، وسوف تُحمِّل بعض شعوبنا قدراً من المعاناة، وعلينا أن نكون مستعدين للدفاع عن مصالحنا واتخاذ المواقف التي تخدم أهدافنا.

وأشار إلى أن منطقتنا العربية عانت تدخلات أجنبية وإقليمية لعقود طويلة، وأفرزت هذه التدخلات، في المجمل، نتائج سلبية، ونحن في المنطقة العربية، ندرك جيداً أهمية النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وتكاملها الإقليمي، وطالما نادينا بأن يكون هذا المبدأ هو الحاكم لسياسات الدول وللعلاقات بينها، ولكنه، وللأسف، انتُهك مراتٍ على يد عدد من القوى الكبرى، وفي منطقتنا، تنتهكه كل يوم قوى إقليمية متعطشة لفرض الهيمنة والتعدي على سيادة الدول.

وأوضح أن السيادة والتكامل الإقليمي مبدأٌ ثابت من مبادئ القانون الدولي وركيزة جوهرية للنظام الدولي، وقوة هذا المبدأ ورسوخه مستمدان من احترام الجميع، وعدم تعديهم عليه، مشيراً إلى أن اللجوء للعمل العسكري في المحصلة النهائية فشلٌ للدبلوماسية، فالدبلوماسية هي وسيلة عقلانية لحل الخلافات والتوصل إلى الحلول الوسط، تجنباً لأوضاعٍ يكون فيها الجميع خاسراً، معرباً عن تطلعه لمخرج دبلوماسي للحرب الجارية في أوكرانيا يوقف نزيف الصراع، ويحقن دماء الأبرياء من كل الأطراف، ويحفظ الحقوق، ويُلبي الشواغل التي يُمكن معالجتها بالحوار، وبمنطق الحلول الوسط.

وعن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة العربية، قال أبو الغيط، إن بعض ما تطرحه الأزمة الأوكرانية علينا عاجلٌ وداهم، ويقتضي التفكير والعمل في الأجل المنظور، فالتبعات الاقتصادية للأزمة ليست بخافية علينا جميعاً، وسوف تُعاني منطقتنا منها للأسف، وعلينا التفكير والعمل على إيجاد الوسائل والاستراتيجيات التي تجعل هذه المعاناة في حدها الأدنى «وأشير هنا، على نحو خاص، إلى موضوع الأمن الغذائي العربي الذي سوف يتأثر سلباً بواقع الاضطراب في واردات الحبوب، وغيرها من المواد الغذائية، من الدولتين المنخرطتين في الصراع».

وأكد أبو الغيط، على ضرورة ألا تكون الأزمة العالمية متعددة الجوانب التي نشأت عن الحرب في أوكرانيا سبباً في نسيان أو تناسي الأزمات العربية، التي ما زالت مشتعلة، لافتاً إلى أن أزمات المنطقة العربية قد تشهد تعقيدات أشد بسبب العلاقات المتوترة بين القوى الكبرى، غير أن ما يجري في العالم اليوم يتعين أن يُذكر الجميع بأن منطقتنا تشهد أيضاً صراعات أفرزت أزمات إنسانية مروعة في سوريا، حيث ما زال نصف السكان في حالة نزوحٍ أو لجوء، واليمن يشهد أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض بسبب استمرار الميلشيات الحوثية في مشروعها المدان والمرفوض للسيطرة على البلاد، وتهديد الجيران بالمسيرات والصواريخ الباليستية، وأضاف أنه لا ينبغي أن ينسينا الوضع الدولي المتوتر أزماتنا أو يجري التغافل عنها، وهذا واجبنا جميعاً.

مؤكداً أن الوضع في ليبيا يُثير قلقنا جميعاً، ولا أحد يُريد لهذا البلد أو لمؤسساته الدستورية أن تنقسم.. «إننا نناشد كل الأطراف الليبية العمل فيما بينها على تجنب شبح الانقسام، أو اللجوء للعنف أو حتى التلويح به، وتجاوز المرحلة الانتقالية الدقيقة عبر التحلي بروح المسؤولية الوطنية والتخلي عن أي مغنمٍ شخصي أو حزبي أو مناطقي، ومن أجل تحقيق التوافق في أسرع وقت على الظروف القانونية والسياسية والأمنية المناسبة لإجراء الاستحقاق الانتخابي». وقال أبو الغيط، إن الوضع في ليبيا يُثير قلقنا جميعاً، ولا أحد يُريد لهذا البلد أو لمؤسساته الدستورية أن تنقسم، وإننا نناشد كل الأطراف الليبية العمل فيما بينها على تجنب شبح الانقسام، أو اللجوء للعنف أو حتى التلويح به، وتجاوز المرحلة الانتقالية الدقيقة عبر التحلي بروح المسؤولية الوطنية والتخلي عن أي مغنمٍ شخصي أو حزبي أو مناطقي، ومن أجل تحقيق التوافق في أسرع وقت على الظروف القانونية والسياسية والأمنية المناسبة لإجراء الاستحقاق الانتخابي.