الخميس - 09 مايو 2024
الخميس - 09 مايو 2024

حوار | مهند أوغلو: استمرار الأزمة الأوكرانية حرب «استنزاف» لروسيا

حوار | مهند أوغلو: استمرار الأزمة الأوكرانية حرب «استنزاف» لروسيا

النظام العالمي سيتغير وسنشهد شرق أوسط جديداً ومختلفاً

قال الأكاديمي والباحث السياسي التركي مهند أوغلو، إن بلاده تلعب دور الوساطة بين روسيا وأوكرانيا نظراً لموقعها الجيوسياسي، وكونها عضواً في «الناتو»، كما أنها أفضل الوسطاء وبديل عن الوساطة الفرنسية، التي تؤيد العقوبات على موسكو، والصين الداعمة لروسيا. وأشار في حوار لـ«الرؤية»، إلى أن العقوبات المفروضة على موسكو لن تفلح، خاصة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أدرك مدى حجم العقوبات واستعد لها منذ أشهر وسنوات، موضحاً أن أوكرانيا أخطأت عندما انحازت للغرب، وكان يجب أن تكون محايدة أو حلقة وصل بين الشرق والغرب، مؤكداً أن استمرار الأزمة سيزيد من انقسام العالم، والتنافس بين الشرق والغرب على الساحة الأوكرانية، يُعقد الأمور، ويُطيل أمد الحرب.

كيف ترى دور الوساطة التركية لحل الأزمة الأوكرانية؟

تركيا قبل بدء اندلاع الحرب الروسية– الأوكرانية، ومع أيامها الأولى وإلى الآن تريد وقف الحرب، وتلعب وساطة ذات وجهين الأول بين كييف وموسكو، والثاني بين تركيا نيابة عن حلف الناتو بشكل عام، وإذا ما كانت الوساطة التركية مقبولة من حيث التفاصيل ربما تقترحها أنقرة على البلدين، فقد نشهد تطوراً مفاجئاً في هذه الحرب، وإن كانت روسيا أكدت أن الحرب مستمرة حتى تطبيق شروطها من قبل أوكرانيا، فربما تكون تركيا هي «الأمل الإقليمي» لكي تتجنب الشعوب ويلات اقتصادية تنعكس بشكل مباشر على الداخل التركي والدول الإقليمية.

لكن كيف تنظر تركيا للحرب الدائرة؟

تركيا تنظر إلى الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، باعتبار أنها ليست ضرورية من حيث المبدأ، كما أنها ترفض أي تدخل غربي في قضايا إقليمية سواء سياسي أو عسكري أو اقتصادي، لكن يبدو أن الجانب الروسي كان جاهزاً ومستعداً للحرب منذ أشهر أو منذ سنوات، وعندما حانت ساعة الصفر، وفشل الحوار الفرنسي - الروسي، اتخذت موسكو قرار الحرب. تركيا ترى أن الحلول لا بد أن تكون من خلال المفاوضات حتى لا تتأزم الأمور، لكن روسيا أرادت أن تبعث برسائل للغرب والمجتمع الدولي أنها لا تقبل المساس بأمنها القومي.

لماذا وافق كل من وزير خارجية روسيا وأوكرانيا على قبول دعوة التفاوض في تركيا؟

من الطبيعي أن وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، ونظيره الأوكراني دميترو كوليبا، يريان أن تكون تركيا مقبولة بتعليمات من قيادة الدولتين (روسيا وأوكرانيا)، وليس هناك وسيط أفضل من تركيا لهاتين الدولتين، سواء من حيث القرب الجغرافي والعلاقات السياسية المتعددة مع الدولتين، أو من خلال مستوى القوة العسكرية التي تتمتع بها تركيا، لذلك أدركت موسكو أن الوساطة الصينية والفرنسية لن تكون بمثل تركيا ورعايتها للقاء، حيث إن أنقرة من خلال عضويتها في «الناتو» تعتبر الميزان في العلاقات الصعبة.

ما هي رؤيتك للقاء الثنائي الروسي الأوكراني؟

حسب المعطيات وعلى الرغم من أهميته السياسية، سيكون اللقاء أشبه بـ«الرمزية»، ومن خلاله تبعث روسيا برسالة أن الحرب فرضت عليها، كما يرتفع مستوى المفاوضين من عسكريين إلى وزراء الخارجية، ويسعى كل طرف أن يوضح أنه يسعى للسلام، ومن مصلحة أوكرانيا أن تكون هناك مفاوضات مباشرة، وفقاً لدعوة الرئيس فلاديمير زيلينسكي، ورغبته في عقد اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

لو نجحت تركيا في إحداث تقدم، هل تعتقد أنها ستلعب دور الوسيط المحوري لحل قضايا دولية مشابهة؟

تركيا تعتبر المحور الإقليمي الجيوسياسي وتجمع الأطراف غرباً وشرقاً، وقد استقبلت أنقرة الرئيس الإسرائيلي وتستقبل الرئيس الأذربيجاني ورئيس وزراء اليونان، لذا هناك تحرك إقليمي وتحالفات إقليمية تتشكل مركزها تركيا بحكم الموقع الجيوسياسي لها، وأعتقد أن تركيا هي خير من تقوم بلعب دور وساطة في الصراعات الإقليمية.

هل ستكون تركيا بديلاً عن فرنسا والصين في حل الأزمة الروسية- الأوكرانية؟

فرنسا لن تكون وسيطاً بين روسيا وأوكرانيا، بحكم موقع باريس في الغرب، فضلاً أنها تؤيد فرض عقوبات على روسيا، وفي المقابل تدعم الصين روسيا على كل المستويات، لذلك كلا البلدين لا يصلحان أن يكونا وسيطين في الأزمة الدائرة.

هل العقوبات المفروضة على روسيا ستجبر بوتين على حل الأزمة؟

لا أعتقد ذلك، لأن العقوبات لن تفلح، خاصة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يدرك مدى حجم العقوبات واستعد لها منذ أشهر وسنوات، فبوتين يعتمد على الجبهة الداخلية الشعبية الروسية، التى ترى أن أوكرانيا جزء من روسيا باعتبار أنها العاصمة القديمة وهم يدافعون عن أرضهم، وأن الرئيس الأوكراني زيلينسكي تابع للغرب.

كيف ترى المشهد الدولي حال استمرار الخلاف الروسي- الأوكراني؟

التنافس بين الشرق والغرب على الساحة الأوكرانية، سوف يُعقد الأمور، واستمرار الخلاف سيُطيل أمد الحرب وتصل الأمور إلى حرب «استنزاف» للقوة العسكرية الروسية أو للدعم الغربي لأوكرانيا، والتاريخ والجغرافيا ترجح الكفة لصالح روسيا، وكان بإمكان أوكرانيا أن تكون على الحياد، وأن تكون حلقة وصل بين الشرق والغرب، لكنها أخطأت خطأ استراتيجياً بالانحياز للغرب.

هل تأثرت تركيا بالحرب على المستوى الاقتصادي؟

تركيا والعالم تأثروا اقتصادياً جراء اندلاع الحرب، وتأثرت أنقرة بارتفاع أسعار المحروقات والنفط العالمي، وما ترتب عليه من ارتفاع الأسعار الاستهلاكية، لذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ألقى باللوم على المجتمع الغربي بفرضه عقوبات على روسيا.

هل استمرار الأزمة الحالية سيزيد من انقسام العالم بين مؤيد ومعارض؟

روسيا تريد الحفاظ على أمنها القومي وإيقاف تمدد «الناتو» شرقاً، وهو ما يجعل العالم منقسماً وسيزداد حجم الانقسام، فالمعركة الدائرة هي «دولية امتداد للحرب الباردة» بين المعسكر الشرقي والغربي، ومن المفيد لدول المنطقة ولتركيا والخليج أن تكون هناك مجموعة من التحالفات الثنائية.

هل العالم مقبل على تحالفات جديدة إذن؟

نعم العالم مقبل على تحالفات جديدة وعلى غالبية الدول أن تدخل فيها، سواء من خلال تحالفات سياسية أو عسكرية، واقتصادية، وسيتغير النظام العالمي، ولكن مراحل وخطوات بطيئة وسيكون لدينا شرق أوسط جديد، مختلف عما كان عليه في الماضي.