الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

« النار تحت الرماد».. خريطة الصراعات المجمدة حول العالم

« النار تحت الرماد».. خريطة الصراعات المجمدة حول العالم
أيقظت الحرب الروسية - الأوكرانية المخاوف من اندلاع مواجهات عسكرية في مناطق عدة حول العالم من نومها العميق. إلقاء نظرة عابرة على خريطة العالم يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى عدد من المناطق المرشحة للانفجار، حيث تعرف في دوائر صناعة القرار بـ«مناطق الصراعات المجمدة». وحتى قبيل اندلاع المواجهة العسكرية في أوكرانيا، رجحت مراكز بحثية استمرار حالة الهدوء الحذر في تلك المناطق، غير أن اندلاع المواجهة الروسية - العسكرية جعل الأنظار تتجه صوب تلك المناطق خشية انفجارها. ويتوقع خبراء عودة قضية تايوان للظهور على الساحة الدولية من جديد عقب التحركات الأمريكية في المحيط الهادئ، وأكدوا في تصريحات لـ«الرؤية» أن الاعتراف الدولي بتايوان يتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي، لذا فإن جود الصين وروسيا داخل مجلس الأمن وما لديهم من حق الفيتو، يعرقل أي مساعٍ استقلالية لدى تايوان.



الصين وتايوان.. سياسات ضبابية


بعد الحرب الأهلية الصينية، بدأ العالم يحدد وجهته، وإلى أي الكفتين يميل، جمهورية الصين الشعبية أم جمهورية الصين بتايوان؟ غير أن هزيمة الأخيرة على يد الشيوعيين والضغط السياسي الذي مارسته جمهورية الصين الشعبية، جعل معظم الدول تتجه نحو الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، التي استطاعت انتزاع مكان تايوان داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن بموجب قرار رقم 2758 الصادر عن الأمم المتحدة عام 1971، ومن ثم الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، وريثاً شرعياً وقانونياً لحقوق جمهورية الصين الموحدة، ما مكّنها من الحصول على مقعد تايوان الدائم لدى مجلس الأمن ومقعدها داخل الأمم المتحدة.

ترفض جمهورية الصين الشعبية إقامة علاقات دبلوماسية مع أي دولة تعترف بـ«تايوان»، وتطالب كافة الدول بتوضيح موقفها في خطابات رسمية من مزاعم تايوان الاستقلالية، الأمر الذي يجعل دول العالم تحجم عن إقامة علاقات فعلية مع تايوان تخوفاً من خسارة العملاق الآسيوي، غير أن هذا لم يمنع تبادل 23 دولة علاقات دبلوماسية مع تايوان بصورة رسمية، فيما تتبادل دول أخرى العلاقات معها بصورة غير رسمية في محاولة مسك العصا من المنتصف، الأمر الذي لم تمانعه تايوان بل تسعى لدعمه وتقييم علاقات دبلوماسية من وراء الستار مع كل دول العالم عبر «مكاتب التمثيل الاقتصادي والثقافي لتايبيه» باعتبارها بعثات تجارية غير رسمية تباشر عملها الدبلوماسي داخل الدول الواقعة بها.

وتظل قضية تايوان معلقة في ظل رئاسة تساي إنغ ون، المنتمية إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، التي تعد من أكثر الكارهين لمفهوم الصين الموحدة، وتدعو إلى استقلال تايوان، غير أن السياسات الضبابية التي تسيطر على المشهد، تبقي الجميع في خانة الحذر ذاته، إذ تتحسب الصين حال ضم تايوان من مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية بصورة شاملة، بينما تتخوف تايوان في حال إعلان الاستقلال من عدم وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جوارها، في حين أبقت الولايات المتحدة على موقف رمادي، إذ إنها لم تتخلَّ عن تايوان، لكنها في الوقت ذاته لا تجعلها حليفة مثل كوريا الجنوبية واليابان.



كشمير.. نزاع طويل الأجل بين قوتين نوويتين


تظل العلاقات بين باكستان والهند الأعقد على مر التاريخ، ويرجع هذا التعقيد إلى أيام إنهاء الاحتلال البريطاني، وما خلفه من نزاع حول إقليم كشمير، إذ أعطت وثيقة الاستقلال الإقليم حق تقرير المصير، واختار وقتها حاكم الإقليم «هاري سينغ» الانضمام إلى الهند، الأمر الذي تسبب في نزاع طويل الأجل بين القوتين النوويتين، هذا النزاع دفع العملاقين الآسيويين إلى الدخول في مصاف دول الأسلحة النووية قبل بداية الألفية الجديدة.يعد معظم سكان إقليم كشمير من المسلمين، الأمر الذي يبرر ميلهم نحو الانضمام إلى باكستان، ورغم محاولات السلام بين الدولتين، للتوصل إلى حل نهائي للإقليم لم تسفر عن أي حلول، ولا سيما أن الجماعات المتشددة نفذت عمليات إرهابية خلال مباحثات السلام، خاصة خلال الحوار الشامل لإطلاق عملية السلام في 2004.يمثل إقليم كشمير أهمية استراتيجية لكلٍّ من الهند وباكستان، إذ تعول عليه الهند في لعبة توازن القوى مع الصين، في حين تنبع 3 أنهار من أصل 6 في باكستان منه، في وقت ينبع الـ3 الأُخر من الهند، بالإضافة إلى ترابط الإقليم اقتصادياً بباكستان عبر ميناء كراتشي، إلى جانب العرقية الدينية التي تميل إلى باكستان ذات الغالبية المسلمة.وتقيم باكستان حجتها في أحقيتها بضم الإقليم، بأن غالبية السكان من المسلمين، إلى جانب أن سيطرة الهند على الإقليم تعرض نُظم الري ومشروعات القوى الكهربائية في باكستان إلى الخطر، بالإضافة إلى أنه يُعرض مشروع طريق الحرير مع حليفتها الصين إلى الخطر، ما يهدد علاقات البلدين، الأمر الذي لا تحبذه باكستان، في حين تستند الهند إلى موافقة حكومة كشمير الشرعية بالانضمام إليها في 1947، ما دفعها للقيام بمشروعات تنموية ضخمة لتطوير اقتصاد الإقليم وربطها بطرق النقل في الهند، وذهبت إلى أن مطالب باكستان لاستغلال مياه الأنهار للري أو لتوليد القوى الكهربائية يمكن أن تنظمه اتفاقية دولية. المساعي الهندية لضم الإقليم توازيها تحركات اقتصادية على الأرض في محاولة لتوطيد الربط بين الإقليم والهند وكسب ولاء السكان، الأمر الذي لم تقابله باكستان باهتمام مماثل.



أرمينيا وأذربيجان.. صراع ينتظر انهيار مصالح القوى الداعمة

تتصارع كل من أرمينيا وأذربيجان في سبيل السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ، الذي يسكنه أغلبية أرمينية، في وقت يقع الإقليم جغرافياً ضمن نطاق الحدود الأذربيجانية، مع ارتباطه بأرمينيا عبر طريق سريع، واستغلت أرمينيا فرصة انهيار الاتحاد السوفييتي وضمت الإقليم بعد حرب دموية انتهت في 1994 وخلَّفت عشرات الآلاف من القتلي.تعتمد كل من الدولتين على دعم خارجي، وفي حين تحتفظ روسيا بعلاقات جيدة مع البلدين، إلا أنها تدعم أرمينيا بشكل واسع، ولا سيما في الجوانب الأمنية، بالإضافة إلى أن أرمينيا تعد عضواً في الاتحاد الاقتصادي الأورو - آسيوي، بالمقابل تدعم تركيا أذربيجان وفق رؤية معلنة، في وقت تنذر التصريحات المتبادلة بين الطرفين بإشعال فتيل الأزمة في أي وقت. تجد روسيا وتركيا نفسيهما على خط المواجهة مثلما حدث داخل سوريا وليبيا، غير أن المصالح المتبادلة تمنع من احتدام الصراع بينهما على الأقل خلال الوقت الراهن، ولا سيما أن روسيا- وإن دعمت أرمينيا- ما زالت تتمتع بعلاقات جيدة مع أذربيجان، ما دعاها إلى الدخول على خط الأزمة وإرسال قوات لحفظ السلام داخل إقليم ناغورني قره باغ.



الصحراء الغربية.. أطول النزاعات حول العالم

يُعد الصراع على الصحراء الغربية من أطول النزاعات في العالم، إذ بدأ في أعقاب جلاء القوات الإسبانية 1975 وتوقيع اتفاقية مدريد بين المغرب وموريتانيا، والتي اقتسمت بموجبها كل من البلدين الصحراء الغربية، ليبدأ النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو (سكان الصحراء المسلحين).

يَعُد المغرب الصحراء الغربية جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، إذ يسيطر بالفعل على 80% من مساحته، بالمقابل لا يمانع المغرب منح الإقليم حكماً ذاتياً تحت قيادته، فيما تصمم جبهة البوليساريو على إجراء استفتاء حق تقرير المصير.وواصلت جبهة البوليساريو رفضها لاتفاقية مدريد، وسعت إلى توسيع عملياتها الخاصة بالتحريض على المظاهرات للمطالبة بالاستقلال، في وقت توجه المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية لتقرير مصير الصحراء الغربية التي تصل مساحتها إلى 252 ألف كيلومتر بكثافة سكانية تصل إلى 567 ألف نسمة، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي. بعد اتفاقية مدريد توجه المغرب نحو الصحراء في مسيرة سُميت بـ«المسيرة الخضراء»، وبدأ في إحاطة ثروات المنطقة بجدار رملي، من فوسفات ومناطق صيد، ما جعلها في مأمن من النزاعات التي تندلع بين الحين والآخر، ولعل ثروات الصحراء الغربية السبب وراء تمسك أطراف النزاع بها، إذ تعد غنية باحتياطات الفوسفات، إلى جانب الثروات البترولية غير المكتشفة.