السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

«خلافات عالقة» تعصف بالعلاقات الأسترالية - الصينية

«خلافات عالقة» تعصف بالعلاقات الأسترالية - الصينية

غواصة نووية بريطانية تزور الموانئ الأسترالية لتعزيز العلاقات بعد اتفاقية أوكوس. (epa)

رغم أن العلاقات الأسترالية مع أغلب دول العالم تتسم بالإيجابية والاستقرار، فإن علاقتها مع الصين تشوبها موجة من الخلافات، حيث تعصف مجموعة من القضايا الخلافية، بالعلاقات بين البلدين، حسبما أكد تقرير نشرته إذاعة صوت أمريكا.

تراجع العلاقات

وأوضح التقرير أن خبراء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قالوا «إن علاقات أستراليا سيئة بالفعل مع الصين، والتي كانت توصف بأنها علاقات «معتدلة»، حيث شهدت تراجعاً خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب مجموعة من المشكلات».

فقد أعلنت أستراليا نهاية الأسبوع الماضي، أنها ستضيف العديد من أفرادها العسكريين للعمل بشكل أوثق مع الحلفاء، ضمن شراكة أوكوس الأمنية مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وذلك رغم اعتراضات الصين.

ويأتي ذلك بعد أيام من حادثة كادت تشعل الأوضاع بين البلدين، ففي شهر فبراير المنصرم، وجهت سفينة صينية شعاعاً من الليزر إلى طائرة عسكرية أسترالية، وفي الشهر نفسه، أعلنت حكومة أستراليا زيادة ميزانيتها المخصصة لاستكشاف القطب الجنوبي، وهي منطقة تنافس بين البلدين.

ونقل التقرير عن كبير محللي الشؤون الدفاعية، في منظمة راند للأبحاث "Rand Corporation«، ديريك غروسمان: «العلاقات الصينية الأسترالية ربما تكون أسوأ من العلاقات الأمريكية الصينية.. يبدو أن الأجواء بين الصين وأستراليا وصلت إلى مستوى متدهور».

زيادة الجيش الأسترالي

قال وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتون في بيان الخميس: «إن بلاده ستزيد عدد أفراد الجيش بنحو 30%، ليصل إلى حوالي 80 ألف فرد، وذلك حتى عام 2040، ومن المتوقع أن تبلغ كلفة الزيادة 27.9 مليار دولار».

وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون: «إن خطوة زيادة عدد قوات الجيش، ستساعد في الحفاظ على أستراليا آمنة، وسيكون هناك تركيز خاص على شراكة أوكوس، مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، في المجال الأمني، بالإضافة إلى القدرات البحرية والجوية».

وكانت أستراليا أبرمت العام الماضي، الدخول في شراكة أوكوس الأمنية، مع أمريكا وبريطانيا، لمشاركة التكنولوجيا العسكرية، والحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية، بدلاً من صفقة غواصات تقليدية من فرنسا، وانتقدت الصين الاتفاق باعتباره مصدراً محتملاً لانتشار الأسلحة النووية.

حادثة شعاع الليزر

وكانت وزارة الدفاع الأسترالية ذكرت أن طائرة عسكرية أسترالية، من طراز (P-8A Poseidon)، تم تسليط شعاع ليزر عليها، يوم 17 فبراير، من سفينة تابعة للبحرية الصينية، ووصفت الوزارة ذلك بأنه «حادث أمان خطير، ويحتمل أن يعرض الأرواح للخطر».

وبدورها ردت وزارة الدفاع الصينية قائلة «إن سفينة البحرية التابعة لها حافظت على عملياتها الآمنة والمهنية طوال العملية، عندما واجهت الطائرات الأسترالية».

ونقل التقرير عن كبير محللي الاستراتيجيات الدفاعية في معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي في كانبيرا، مالكولم ديفيس قوله «خلق الحادث الذي وقع مع السفينة الحربية الصينية توترات شديدة، وأعتقد أن هذا جعلنا ندرك أننا نمر بأوقات عصيبة فيما يتعلق بالعلاقات الصينية الغربية، حتى أكثر مما كنا عليه في السنوات القليلة الماضية».

التنافس في القارة القطبية الجنوبية

الخلافات بين أستراليا والصين، لا تتوقف فقط على انضمام كانبيرا إلى اتفاقية أوكوس، بل إن هناك تنافساً بين الجانبين في القارة القطبية الجنوبية، وخلال شهر فبراير الماضي، أعلنت الحكومة الأسترالية عزمها إنفاق 583 مليون دولار، في القارة القطبية الجنوبية، خلال العقد المقبل.

وقال موقع رئيس الوزراء الأسترالي «هذه الميزانية ستغطي الطائرات بدون طيار، وغيرها من المركبات لرسم خرائط للأجزاء التي يتعذر الوصول إليها في شرق القارة القطبية الجنوبية».

ووصفت وسائل الإعلام الأسترالية، خطة الإنفاق في القطب الجنوبي، باعتبار أنها تأتي بشكل موازٍ للاستكشاف الصيني في القارة، وتطالب أستراليا بأكثر من 42% من القارة القطبية، وأن تدير ثلاث قواعد هناك.

نقاط خلاف عديدة

وتتضمن الخلافات بين البلدين مجموعة من القضايا، والملاحظ أن العلاقات بينهما تراجعت بشكل واضح منذ عام 2013، وقبل عامين، وفي أبريل 2020، أثارت أستراليا غضب الصين، عندما دعت أستراليا إلى تحقيق في التعامل مع ظهور جائحة كورونا، وبعدها بعدة أشهر، وبالتحديد في نوفمبر من العام نفسه، تعرضت 50 سفينة فحم أسترالية لمأزق كبير، وهي بالقرب من الموانئ الصينية، بعدما فرضت بكين تعريفات جمركية على سلسلة من الواردات الزراعية.

وفي الوقت نفسه، نشرت الصين مجموعة من الصور لجنود أستراليين يقتلون الأطفال في أفغانستان، ضمن مشاركتهم ضمن القوات الأجنبية المتحالفة مع الولايات المتحدة.

العلاقات الأسترالية - الأمريكية

ويقول المحللون «إن أكثر ما يثير قلق بكين، هو تنامي العلاقات بين أستراليا والولايات المتحدة».

ومن الملاحظ أن أمريكا وأستراليا تجتمعان بانتظام، مع اليابان والهند، لإجراء مناقشات حول السيطرة على بحر الصين الجنوبي، الذي تقول الصين إنه يعد ملكاً لها، بينما ترفض تلك الادعاءات بعض الدول الآسيوية المطلة عليه.

وتحظى أستراليا بتأييد الدول الأوروبية الموالية للولايات المتحدة، وخلال الأسبوع الماضي، قال البيت الأبيض إن المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين لديهم تصميم على توسيع وتعميق التوافق والتعاون بينهم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ويعتقد المحللون أن العلاقات بين الصين وأستراليا دخلت في دوامة الفعل ورد الفعل، حيث تثير تصرفات أحد الجانبين، رد الفعل من الجانب الآخر.

ونقل التقرير عن زميل أبحاث الأمن البحري في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، كولين كوه «مع إعلان رئيس الوزراء الأسترالي زيادة قوات بلاده، فإن الصين ستولي ذلك اهتماماً بكل تأكيد».

وأضاف «الانتخابات الفيدرالية الأسترالية والتي من المقرر أن تقام في مايو المقبل، قد تحدد مسار المنافسة الاستراتيجية طويلة الأمد مع الصين، وتثبت دور أستراليا في استراتيجية الردع الأمريكية، والصين تراقب بشكل خاص أي تطورات متعلقة بالجيش في أستراليا».

محاولة للتهدئة

لكن أن الملاحظ أن هناك بعض المحاولات للتهدئة بين الجانبين، حيث يحاول السفير الصيني لدى أستراليا، شياو تشيان، تهدئة العلاقات، والتقى يوم الأربعاء الماضي، بوزيرة الخارجية الأسترالية ماريز باين في سيدني للاحتفال بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.

وقال تشيان «نأمل أن يعمل الجانبان معاً لمراجعة الماضي والنظر إلى المستقبل، والالتزام بمبدأ الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة، وبذل جهود مشتركة لدفع العلاقات الصينية الأسترالية إلى الأمام على المسار الصحيح».