الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

ضربٌ تحت الحزام.. يخوت الأوليغارش تُبحر في «منطقة رمادية»

ضربٌ تحت الحزام.. يخوت الأوليغارش تُبحر في «منطقة رمادية»

إبحارٌ خارج نطاق الرادر. (رويترز)

«فاليري».. «ليدي إم».. «إيه».. «سولاريس».. «لينا».. «أموري فيرو».. «جريسفول».. بعضٌ من أكثر يخوت العالم فخامة ورفاهية؛ باتت تُبحر اليوم في منطقة رمادية خارج الرادار، مواجِهةً أمواجاً سياسية متلاطمة. منذ تصدرت واجهة الصراع، صُودرت غالبيتها، والقليل فقط نجا تسللاً إلى مياه إقليمية «أكثر تسامحاً»، كجزر المالديف.

شرع الغرب المكبل عسكرياً في سياسة «الضرب تحت الحزام»، وهو أسلوب ملتوٍ معروف لمواجهة الخصم بشكل غير مباشر، عن طريق شل حركته عبر أكثر المناطق حساسية.. الاقتصاد.

شنت حكومات الدول الأوروبية حملة لوضع اليد على يخوت الأثرياء الروس، في منتجعات المتوسط، من إيطاليا إلى فرنسا إلى إسبانيا، الواحد تلو الآخر، في حرب مصادرةٍ موازية للصراع الأوكراني، ضمن ترسانة الإجراءات العقابية التي تطال مليارديرات «الأوليغارش» المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين، بهدف عزلهم عن النظام المالي الدولي، وتضييق الخناق على دائرة صنع القرار في الكرملين.

الأوليغارش

الأوليغارش كلمة من أصل يوناني، وتعني مجموعة من الأفراد المنتمين لطبقة نافذة من الأقلية تتمتع بالسلطة العسكرية أو المال أو النسب. استُخدمت الكلمة لأول مرة في كتاب «الجمهورية» لأفلاطون، حيث قسم أنظمة الحكم إلى:

  • الدولة المثالية (الأفلاطونية)
  • الدولة الديمقراطية
  • الدولة الأوليغارشية

المصادرة مقابل التأميم

فرضت المقارنة نفسها بين مفهومي المصادرة والتأميم، عندما تردد الأخير على لسان برلماني روسي، الأسبوع الماضي، دعا إلى «تأميم» أصول الشركات الغربية التي قررت وقف نشاطها في روسيا، كإجراء عقابي على الصراع في أوكرانيا.

فبينما كان أندريه تورتشاك العضو البارز في حزب «روسيا موحدة» يدعو إلى تأميم المصانع المملوكة لأجانب أوقفوا عملياتهم في البلاد، كانت الدول الغربية تشرع في مصادرة اليخوت الروسية وتجميد الحسابات البنكية لكبار رجال الأعمال الروس المقربين من بوتين.

التأميم في تعريفه - النظري - هو نزع، ثم نقل الملكية لوسائل الإنتاج، من أفراد إلى الدولة، بهدف تحويلها إلى القطاع العام، حيث تصب قيمتها أو أرباحها بالنهاية للمصلحة العامة للشعب.

هو إجراء مختلفٌ عليه بين المُنظرين السياسيين كـ«حق» سيادي، من عدمه. يقول المدافعون عنه أنه ضروري لتحقيق العدالة الاجتماعية، فيما يراه المنتقدون «سرقة» للممتلكات الخاصة، تحت غطاء محاربة الفساد والإقطاعية.

أما المصادرة، قانوناً، فهي إجراء عقابي يصدر بحكم قضائي على أشياء اُستخدمت في ارتكاب جريمة. فلأي مدى ينطبق هذا التعريف على عمليات المصادرة الجارية ليخوت الأثرياء الروس في أوروبا ؟

منطقة رمادية

أجابت صحيفة «إندبيندنت» البريطانية قائلة إنه بموجب القانون في غالبية دول أوروبا، فإنه يتحتم على الدولة إثبات أن الأصل الذي تُجرى مصادرته «قد تم استخدامه إما كجزء من جريمة، أو تم شراؤه من عائدات نشاط غير قانوني»، ذلك كي يتسنى لها الاستحواذ عليه.

ولفتت، على لسان خبراء، إلى أن محاولة إلصاق هذه اليخوت الفاخرة بأي دليل على ما يجري من صراع روسي في أوكراني «ستبدو شبه مستحيلة». يعني ذلك أن هذه اليخوت العملاقة ستظل في «منطقة رمادية قانونية»، فهي ليست مملوكة للدولة التي تصادرها، وفي نفس الوقت لا يتمتع أصحابها بالقدرة على الوصول إليها أو الإبحار بها أو بيعها.

«العقدة الجوردية»

وأضافت الصحيفة أن موجة المصادرات تلك كانت «الجزء السهل» بالنسبة للسلطات، وأن ما سيحدث بعد ذلك «سيكون الجزء الصعب والمُكلف». فمن غير الواضح حتى الآن من الذي سيدفع كلفة إبقاء اليخوت في المرافئ، وهي لمن لا يعلم باهظة الثمن، فضلا عن صيانتها الدورية.

ورغم أنه من الناحية الفنية، على ملاك اليخوت دفع التكاليف، إلا أن العقوبات المفروضة على حساباتهم تزيد مساحة المنطقة الرمادية التي ستبقى فيها اليخوت فيما يبدو لأمد، لتتحول إلى ما تعرف بـ«العقدة الجوردية»، التي تصف مشكلة مستعصية غير قابلة للحل، وفقاً للأسطورة اليونانية القديمة.



وبحسب صحيفة «يو إس توداي» الأمريكية، فإن «دولاً أوروبية عدة أثبتت عدم استعدادها لتوفير موانئ آمنة لليخوت للرسو خلال تلك العاصفة المالية». ونقلت عن محامي قطب الطاقة والأسمدة الروسي أندريه إيغوريفيتش ميلينشينكو، مالك أحد اليخوت المُصادرة في إيطاليا، دفاعه عنه قائلا: «لا علاقة له بالحرب، وبالتالي لا ينبغي أن يكون على قائمة العقوبات».

أما موقع «فوكس» الإخباري، فأقر بأن العقوبات الأمريكية التي استهدفت العديد من البنوك الروسية طالت يخوت طبقة الأوليغارش الروسية «رغم التأثير الفعلي المحدود لهم على حرب بوتين». وقال إن العقوبات المنتشرة على نطاق واسع، حتى من قبل دول محايدة مثل سويسرا، فُرضت «على الرغم من وجود ثغرات». ورأت «فوكس» أن مجمل هذه العقوبات لن تلحق أضراراً جسيمة بالاقتصاد الروسي فحسب، بل بالوضع المعيشي للمواطنين الروس العاديين.