السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

خاص | قمة الناتو.. مواجهة روسيا في أوكرانيا بـ«أسلحة سريَّة»

خاص | قمة الناتو.. مواجهة روسيا في أوكرانيا بـ«أسلحة سريَّة»

نظام الإطلاق الصاروخي M270 الذي تديره القوات الفنلندية خلال تدريبات عسكرية دولية. أ ف ب

واشنطن تعيد إطلاق أسلحة بوتين على روسيا من ساحة أوكرانيا

بيلاروسيا أمدت البنتاغون بأسلحة روسية في إطار برنامج سرِّي

لا تتجاوز كلمات الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة الناتو بالعاصمة البلجيكية بروكسل استعراض مؤازرة الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الحلف لأوكرانيا؛ فضلاً عن عبارات تتوعَّد روسيا بعقوبات جديدة من جانب المعسكر الغربي؛ لكن بايدن ورجال إدارته في واشنطن يحرصون في المقابل على تفادي ردود فعل غاضبة في الكونغرس، تأبى استنزاف موارد البلاد العسكرية في ظل ظروف اقتصادية عصيبة، وإتيان حرب أمام خصم عنيد، اتخذ قراراً بتجنيد صبية لا تزيد أعمارهنّ عن 17 عاماً في صفوف جيش بلاده؛ وزفَّ إلى شعبه قبل العالم طول أمد الحربlong war، لقطع الطريق أمام محاولات إثنائه عن تأمين حدود بلاده ضد تغوُّل الولايات المتحدة وحلفائها في الـ«ناتو» على حساب المصالح الروسية.

وبين ضغوطات الداخل الأمريكي، والحرَج أمام حلفاء الـ«الناتو»، اضطر رئيس الإدارة الأمريكية جو بايدن إلى الالتفاف على الجميع بورقة «الأسلحة السريَّة»، التي تنطوي على أكثر من تعريف، ربما يصل أحدها إلى أسلحة تبعد تماماً على رادارات العالم، لا سيما روسيا والصين، حسب وصف الرئيس السابق دونالد ترامب خلال لقاء مع الصحفي بوب وورد، تزامناً مع صدور كتابه «الخوف»، وإذا كان هذا التعريف يلمِّح ربما لأسلحة غير تقليدية، سقط ترامب في ذلَّة الحديث عنها؛ فالرئيس بايدن يرجئ في استراتيجيته هذا الخيار لمرحلة لاحقة، تسبقها مراحل أخرى في إمداد أوكرانيا بالسلاح.

إقرأ أيضاً..تحليل إخباري | قمة الناتو.. سيناريوهات الحرب «طويلة المدى» على الطاولة

أنياب الكونغرس

المرحلة الأولى سبقت انعقاد قمة الـ«ناتو» الاستثنائية بأكثر من أسبوعين، حين مرَّر قراراً «من بين أنياب الكونغرس»، حسب تعبير «وول ستريت جورنال»، يفضي إلى إمداد أوكرانيا بـ900 مسيَّرة انتحارية من طراز «سويتش بليد» Switchblade، وحصل الجيش الأوكراني بالفعل على نوعين من هذا الطراز، الأول: «سويتش بليد 300»، والثاني: «سويتش بليد 600»؛ وفي حين يستهدف النوع الأول الجنود، يستهدف الثاني الدبابات وآليات النقل المدرعة، بالإضافة إلى إمداد أوكرانيا أيضاً بـ800 صاروخ مضاد للطائرات، و9000 صاروخ مضاد للدبابات. وترى تقديرات أمريكية مناوئة لسياسة بايدن أنه إذا كانت روسيا قد انسحبت من أفغانستان قبل 34 عاماً، وتحديداً في 1988 أمام منظومات عسكرية أمريكية، زوَّدت بها واشنطن دوائر راديكالية، كوَّنت فيما بعد تنظيم «القاعدة»؛ فروسيا اليوم ليست روسيا الأمس، ولن يكرر التاريخ نفسه لينسحب الجيش الروسي في أوكرانيا أمام الإمداد العسكرية الأمريكية لأوكرانيا.

رغم تلك التحذيرات، انكشف الرئيس بايدن وإدارته على منحدر يستحيل العودة منه، وأمام ضغوطات أعضاء الـ«ناتو» للخلاص من الأزمة الأوكرانية، انتقل البيت الأبيض إلى المرحلة الثانية من مسلسل تسليح الجيش الأوكراني، وفي هذا الخصوص، تكشف صحيفة «وول ستريت جورنال» عن أن الولايات المتحدة فتحت مستودعات دفاعاتها الجوية القديمة لتسليح الجيش الأوكراني، الذي يواجه صعوبة في صد الهجمات الروسية الجوية والصاروخية؛ لكن تقرير الصحيفة فجَّر على لسان دوائر عسكرية في واشنطن معلومات مثيرة، يشير مفادها إلى أن منظومات الدفاعات الجوية الأمريكية القديمة هي بالأساس منظومات سوفييتية، كانت الولايات المتحدة قد حصلت عليها سراً منذ عشرات السنين.

إقرأ أيضاً..«خوفاً من مصير أوكرانيا».. دول البلطيق تطالب بتواجد الناتو على أراضيها

هوية التكنولوجيا

وحسب ما نقلته «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أمريكي سابق، كان له ضلوع في تلك العملية؛ حصلت الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة على منظومات الدفاعات الجوية السوفييتية، وكان الهدف آنذاك هو الوقوف على هوية التكنولوجيا التي يستخدمها الجيش الروسي، ومن بين هذه المنظومات دفاعات جوية من طراز SA-8، التي يجيدها الجيش الأوكراني جيداً، لا سيما وأنه ورث بعضها عن الاتحاد السوفييتي قبل تفكيكه. وفي حين رفضت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» تعقيباً على تلك المعلومات، أعربت إدارة بايدن عن التزامها بتحسين أداءات الدفاعات الجوية الأوكرانية أمام الهجمات الروسية، ووفقاً لتقرير الصحيفة الأمريكية، اشترت الولايات المتحدة خلال العقود الماضية عدداً محدوداً من الدفاعات الجوية السوفييتية، ووصلت الصفقة إلى عناصر قيادية في الاستخبارات الأمريكية لاستخدامها في عمليات تدريب القوات الأمريكية، لكن الرأي العام الأمريكي لم ينكشف على عمليات واشنطن السريَّة إلا في 1994، حين شوهدت طائرة نقل سوفييتية ضخمة في ميناء جوي أمريكي؛ كانت تقل على متنها منظومات دفاعات جوية سوفييتية من طراز S-300، كانت الإدارة الأمريكية حينها قد ابتاعتها من بيلا روسيا عبر مشروع سرِّي بين البلدين.

وتمتلك أوكرانيا فعلياً عديداً من منظومات الدفاعات الجوية الروسية بما في ذلك S-300، إلا أنها مع ذلك، تفتقر إلى منظومات أخرى من هذا النوع، خاصة أن الصواريخ المحمولة من طراز «ستينغر» التي تزود بها الولايات المتحدة ودول الـ«ناتو» أوكرانيا، تستخدم فقط في اصطياد المروحيات وآليات جوية تحلق بارتفاع منخفض من سطح الأرض.

منطقة آمنة

وقبل توجهه للمشاركة في قمة الـ«ناتو» الاستثنائية، أبدى الرئيس الأمريكي وسط دوائر مقربة أملاً في أن يفضي إمداد أوكرانيا بالدفاعات الجوية «روسية الصنع» إلى خلق منطقة آمنة أمام تحركات المقاتلات الأوكرانية، والحيلولة دون تعرُّض القوات الأمريكية أو قوات الـ«ناتو» لخطر الهجمات الروسية، وجاء ذلك تزامناً مع زيارة نائب الرئيس كاميلا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن دول الكتلة الشرقية لمناقشة سبل تعزيز الجيش الأوكراني، وقال مسؤول أمريكي لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «نواصل العمل مع حلفائنا وشركائنا لحشد المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بما في ذلك منظومات الدفاعات الجوية السوفيتية أو الروسية وجميع الذخيرة اللازمة». وتتقاطع معلومات الصحيفة الأمريكية مع تقرير لشبكة CNN، أكد أن الذخائر التي يستخدمها الجيش الأوكراني حالياً في الهجوم على القوات الغازية هي بالأساس ذخيرة روسية، ويعترف الجنرال يوري غولودوف، وهو قائد متقاعد في الجيش الأوكراني، وسبق له الخدمة في أسطول بلاده: «عثرنا على كميات هائلة من الذخيرة الروسية في أراضينا، ونقلناها إلى القوات الأوكرانية»، ووفقاً لتقرير الشبكة الأمريكية، لعب الجنرال الأوكراني المتقاعد دوراً كبيراً في تحديث المعدات العسكرية الروسية، التي تركها الاتحاد السوفييتي في أوكرانيا بعد تفكيكه؛ ويقود غولودوف فريقاً يعمل في ساحة خردة عسكرية في مكان سري بمنطقة كييف؛ ويقوم الفريق بإصلاح وإعادة استخدام المعدات العسكرية الروسية التي تعثر عليها القوات الأوكرانية.

إقرأ أيضاً..أمام مجلس الأمن.. أبو الغيط: النظام العالمي يمر بـ«منعطف تاريخي»

قنبلة النينجا

إلى جانب الأسلحة الروسية التي حصلت عليها الولايات المتحدة سراً من بيلا روسيا، لا تغيب عن أجندة الرئيس الأمريكي قبل وبعد قمة حلف الـ«ناتو» إمداد القوات الأوكرانية بأسلحة سريّة أمريكية أخرى، يأتي في طليعتها قنبلة الـ«نينجا»، التي طورتها الاستخبارات المركزية الـCIA خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما؛ وتستهدف الجنود فقط، إذ إنها مزودة بـ6 سكاكين حادة، وتم تطويرها بالأساس لاستهداف العناصر الإرهابية، وحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، يتم تثبيت السلاح السري المعروف بـR9X، أو Flying Ginzo بطائرة بدون طيار، والتحكم في إطلاقه عن بعد، واستخدمت الاستخبارات المركزية و«البنتاغون» هذا النوع من القنابل في أفغانستان والعراق دون الإعلان عن هويته.

أما آخر مراحل الأسلحة الأمريكية السريَّة التي قد تُستخدم في الحرب الدائرة في أوكرانيا، فلا تبعد عن ذلَّة لسان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؛ وهي في الغالب بحسب مصادر استنطقتها «وول ستريت جورنال»، لا تبعد عن إطار الأسلحة النووية أو الجرثومية؛ لكن ما قصده ترامب في حينه أثار خلافاً بين عديد من الخبراء ومن بينهم هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، إذ قال إن ترامب ربما كان يقصد القنبلة النووية الضعيفة التي طورتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، رغم أن تطوير هذه المنظومة لم تُفرض عليه سريَّة، ويُختزل في وضع رأس حربية نووية في إحدى الغواصات، بينما أشارت العالمة النووية الأمريكية شيريل روبر، إلى أن ترامب ربما كان يقصد تقنية نووية جديدة تطورها الولايات المتحدة، تحمل الاسم الكودي W93، وهو ما كشف «البنتاغون» عن تطويرها بعد تصريحات ترامب.