الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أقمار تجسس تخترق مختبر سلاح الجو الأمريكي السري

أقمار تجسس تخترق مختبر سلاح الجو الأمريكي السري

تتعدد التكهُّنات حول هوية المقاتلة الأمريكية التي لم يُكشف عنها النقاب بعد.

اكتشاف جيل جديد يفوق الـF-35 ويحمل مؤهلات سفينة فضاء بسرعة 7 ماخ

طول المقاتلات 20 متراً وعرضها 15 ومداها يناطح مشارف الغلاف الجوي

لآليات الجوية الغامضة ترابض في «هنجر» بحيرة غروم الجافة بولاية نيفادا

«كونكورد» أجرت التجارب في قاعدة سريَّة «سيئة السمعة» معروفة بالكود 51

تحت غطاء من السريَّة التامة، وفي منطقة محسوبة على سلاح الجو الأمريكي، رصدت أقمار تجسس هيكل مقاتلة جديدة، يجري العمل عليها في «خندق» سرِّي بين نتوءات جبال ولاية نيفادا، وأقرب الظن، وفقاً لتحليلات صور ومقاطع فيديو أقمار التجسس، تنتمي المقاتلة الغامضة إلى عائلة الطائرات النفاثة من طراز «كونكورد»، بينما تعتبرها كوادر «البنتاغون» بديلاً للمقاتلات المتطورة من طرازَي F-22، و-35 F، لكنها لا زالت قيد الاختبار. وفيما رأى خبراء في المجال تأهب الأمريكيين لإطلاق آلية جوية جديدة وغريبة لا يدرك العالم تفاصيل عنها، أفادت تحليلات أقمار التجسس بأن الآلية الجوية الغامضة تقبع رهن تجارب مكثفة في «هنجر» ضخم بمنطقة تُعرف برقمها الكودي «51»، أو «بحيرة غروم» الجافة.. لكن الأكثر إثارة هو مواصفات الطائرة، إذ يبلغ طولها 20 متراً وعرضها 15 متراً تقريباً، فضلاً عن تمنطُق جسدها الخارجي بدوائر ذكية، ربما تساهم بقدر كبير في مهام رصد وتحديد الأهداف، والابتعاد بحرفيَّة عن شاشات الرادارات الذكية؛ بالإضافة إلى رؤوس جناحيها المنحنيين، التي يبدو من خلالهما وضعية تأهب الطائرة للتحليق في أي وقت؛ كما يتمتع الجناحان بانسيابية شبه عضوية، حسب خبير موقع THE DRIVE Tyler Rogway المتخصص في العلوم الجويَّة والفضاء، تيلر روغفاي.

الطائرة المكشوفة

وحسب تقرير لموقع Defense News، يبدو أن الطواقم الأرضية العاملة في المنشأة الجويَّة، أخفقت في الحفاظ على السريَّة المرعيَّة حين غافلتها أقمار تجسس مجهولة بالتقاط صور ومقاطع فيديو للطائرة «المكشوفة».. وظهرت على موقع Planet Labs صور لآلية جوية أمريكية مغطاة جزئياً، ذات جناحين على شكل حرف «دلتا» اليوناني.. كما تبيَّن من خلال الصور إهمال طواقم العمل الأمريكية تغطية الآلية بشكل مُحكم يحول دون رصدها؛ وكشفت الصور تكوُّم غطاء الآلية بصورة عشوائية في نهاية «الهنجر» الضخم. تقرير Defense News نقل عن الفيزيائي، الباحث في استراتيجيات العلاقات الخارجية، وأحد المشرفين على إبرام صفقات بيع المقاتلات للجيش الأمريكي في الفترة ما بين 2018 حتى 2021، البروفيسور فيل روبر قوله: «بنينا الآلية الجوية الجديدة بالفعل، وأطلقنا نموذجاً جديداً من مقاتلات تتمتع بمواصفات متفردة وحقيقية، وحطمنا بها كافة المقاييس التقليدية والمتعارف عليها.. إننا على استعداد لمواصلة بناء مقاتلات الجيل القادم بصورة لم يعهدها العالم». وتتعدد التكهُّنات حول هوية المقاتلة الأمريكية التي لم يُكشف عنها النقاب بعد، ووضعها البعض ضمن قائمة ما يوصف بـ«جيل الهيمنة الجوية» المعروف بـ«NGAD»؛ وهو برنامج ينتمي إلى مقاتلات سلاح الجو الأمريكي من الجيل السادس، وجرى ابتكاره منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ووصل إلى مستوى يهدف إلى إنشاء «عائلة منظومات جوية قتالية»، يمكنها التربع على عرش الصناعات الجوية في الولايات المتحدة وخارجها، لتصبح بديلاً متطوراً لمقاتلات مؤسسة «لوكهيد مارتن»، لا سيما طرازي F-22، و.F-35. ويبدو أن البرنامج سيصبح جزءاً أصيلاً في الآلية الجوية الجديدة، ويُعرف لدى دوائر الجو والفضاء الأمريكية باختصار F-X، أو Penetrating Counter-Air.. ويتزايد الاعتقاد في هذه الهوية مع اعتماد سلاح البحرية الأمريكية هو الآخر على برنامج «NGAD»، نظراً لاعتباره مكوناً قتالياً بالغ الدقة.

اقرأ أيضاً.. مقاتلتان ألمانيتان تعترضان طائرة استطلاع روسية فوق بحر البلطيق

وتشير معطيات نشرتها دوريات بحثية متخصصة إلى أن الولايات المتحدة بدأت في تطوير البرنامج أوائل 2010، أملاً في الوصول إلى نظام تفوق للقوات الجوية الأمريكية حتى 2030.. وفي 2018، انتقل هدف البرنامج من مجرد إضافة قدرة واحدة إلى قدراته إلى انفتاح على عديد التقنيات الرئيسية في مجالات الدفع، والتخفي، والأسلحة المتقدمة، والتصميمات الرقمية، والإدارة الحرارية لتطوير سرعة المقاتلات الجوية.

الجيل الجديد

وحول ما كشفته أقمار التجسس، تشير تصنيفات أخرى إلى أن الآلية الجوية الأمريكية التي جرى رصدها، تجسد نسخة متطورة من مقاتلات التفوق الجوي المحسوبة على الجيل الجديد.. وفي هذا الخصوص لا يمكن استبعادها عن طائرة التجسس الأسطورية النفاثة، التي يسعى سلاح الجو الأمريكي إلى امتلاكها؛ وربما يؤكد ذلك الأبعاد الجانبية لجناحَي المقاتلة الغامضة، اللذان يبدوان على شكل حرف «دلتا» مقلوب، وفق الصور المنشورة. إذا كان ذلك كذلك، حسب تقديرات نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»؛ فالحديث يدور قطعاً حول مقاتلة نفاثة، تفوق في حركتها سرعة الصوت، شرعت أروقة الطيران والفضاء الأمريكية في الحديث عنها بداية ثمانينيات القرن الماضي، ويتميز هذا النوع من المقاتلات بخصائص ومؤهلات سفينة فضائية، أو بعبارة أوضح: قدرة على الانطلاق من قاعدتها بأسلوب تقليدي، يسمح لها بالوصول حتى مشارف الغلاف الجوي.. ويضاف إلى ذلك قدرة الآلية الجوية ذاتها على الوصول إلى سرعة 7 ماخ، فضلاً عن هيكل «الشبح»، الذي يحول نهائياً دون رصدها من جانب منظومات الرادارات الأكثر ذكاء وتعقيداً.. ورغم ذلك، تؤكد مصادر الصحيفة الأمريكية أن «أكثرية دول العالم لا تعلم شيئاً عن وجود مثل هذا الطراز من المقاتلات، حتى إن إشكالية خضوع المقاتلة للتجارب الأولية يساورها كثير الشك».

سيئة السمعة

أما باحث مقاتلات المنطقة 51، تشاك كلارك، فادعى الاطلاع على طراز المقاتلة النفاثة في 1994، وقال لموقع Defense News: «رأيت المقاتلة وهى تحلق تحت جنح الظلام.. ربما يكون ما رأيت هو نسخة مضاهية تماماً للنفاثة التي يدور الحديث عنها، إذ كان جناحاها على شكل حرف «دلتا» حاد الزاوية، وطولها يتجاوز قليلاً الـ20 متراً.. لقد غادرت المقاتلة التي رأتها عيناي حينئذ هنجراً مضيئاً في تمام الساعة الثانية والنصف قبل فجر اليوم ذاته؛ واستغلت قدراً كبيراً من مساحة المدرج خلال مرحلة الإقلاع، واعتلى ظهرها كاشف ضوء واحد بلون أحمر، لكن هذا الضوء اختفى تماماً فور انعزال عجلاتها عن المدرج، وكان ذلك هو آخر ما رأت عيناي من المقاتلة».

اقرأ أيضاً.. الدنمارك تستدعي السفير الروسي بعد انتهاك لمجالها الجوي

وإذا أثارت المقاتلة الأمريكية الغامضة فضول الدوائر المعنية داخل الولايات المتحدة وخارجها؛ فالمنطقة التي تقبع فيها المقاتلة تنطوي هي الأخرى على إثارة أكبر، رشحتها في كثير الأحيان ضمن «مناطق الأشباح والكائنات الفضائية» الخيالية.. ويعزو مراقبون في واشنطن ذلك إلى السريَّة الهائلة المفروضة على المنطقة وربما ضواحيها.. وحسب تقرير حاولت من خلاله صحيفة «نيويوركر» إزاحة الستار عن جانب من الغموض؛ تُعرف المنطقة باسمها الكودي 51، وتوضح محافل سياسية أمريكية أنها منطقة «سيئة السمعة»، تعتبر قاعدة عسكرية أمريكية مغلقة في الجزء الجنوبي من ولاية نيفادا.

خندق غامض

أما تسمية المنطقة بـ«غروم»، فيعود إلى بحيرة جافة تحمل هذا الاسم داخل المنطقة 51.. وتوصف البحيرة بأنها مسطَّحة ملحية، تحتوي على مدرج طائرات لميناء Nellis Bombing Range Test Site الجوي.. ويحتكر سلاح الجو الأمريكي جزءاً من منطقة 51 تبلغ مساحته 1344 متراً من جهة الشمال إلى الجنوب.. أما البحيرة فتقع في الجزء الذي يحمل الاسم نفسه، وتبعد عن جبال ولاية نيفادا بـ40 كم؛ ومن مسافة 26 ميلاً في شرق المنطقة، يُحظر على أي شخص مجرد الاقتراب.. ورغم أنه كانت هناك نقطتان أكثر قرباً للمنطقة، وهما «فريدوم ريدج»، و«وايت سايز»، فإنه تم إغلاقهما أمام الجمهور عام 1995، للحيلولة دون التقاط صور للمنشأة العسكرية السريَّة. وتُستغل القاعدة في تطوير وإجراء تجارب على آليات عسكرية جوية سريَّة؛ بينما يرتبط اسم المنطقة 51 أيضاً بنظريات مؤامرة أخرى، تدور في بعضها حول تعاملات أمريكية سريَّة مع دوائر أجنبية منذ عقود طوال، واكتشف أحد باحثي المنطقة خلال الآونة الأخيرة شواهد لوجود نفق هائل تحت أرض المنطقة، يتخلل نتوءات قواعد جبال ولاية نيفادا، وجرى اكتشاف بداية النفق الذي يدور الحديث عنه، حين استخدم الباحث الأمريكي كيري ستيفنسون موقع Google Maps، ورفع نتائجه المذهلة على موقع YouTube.. ورغم أن تلك الآلية لا توضح طول النفق أو سعته، فإن دوائر بحثية متخصصة أخرى، ادعت أن الصور تؤكد وجود «خندق غامض» تحت سطح الأرض، يحوي غرفاً وقاعات شاسعة المساحة.. ويبدي خبراء حسب «نيويوركر» تقديرات تؤكد أن الأنشطة الجارية في الخندق أو حتى النفق، لا تقتصر في مجملها على إجراء تجارب على آليات سلاح الجو الأمريكي السريَّة، وإنما تتجاوز ذلك إلى أنشطة فضائية سريَّة أخرى بالغة التعقيد.