السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

جرائم السلاح تضغط على بايدن قبل التجديد النصفي للكونغرس

جرائم السلاح تضغط على بايدن قبل التجديد النصفي للكونغرس

دخل نحو 20% من الأمريكيين دائرة حائزي السلاح لأول. (رويترز)



ارتفاع التضخم لأعلى مستوى في 40 عاماً يتصدر أسباب تفشي العنف

5 من كل 10 أمريكيين يمتلكون السلاح و72% منهم استخدموه لمرة واحدة

الولايات المتحدة تنتج 6 ملايين قطعة سلاح يستهلك السوق المحلي 95% منها


قبل 6 شهور من انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، تواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحدياً جديداً، يضاف إلى تحديات الصراع الروسي – الأوكراني، وملفات التضخم وجائحة كورونا وملايين المهاجرين على الحدود الأمريكية المكسيكية، تجلى هذا التحدي بوضوح عندما كشفت شبكة «نيوز نيشن» الأمريكية، أن عام 2021، العام الأول للديمقراطيين في البيت الأبيض، شهد أعلى مستوى من العنف الداخلي الأمريكي في السنوات الأخيرة حيث قتل نحو 19384 شخصاً، وهو معدل قياسي يزيد على عدد القتلى نتيجة للعنف المحلي المسجل في عامي 2019 و2020، وكما قالت صحيفتا «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست»، فإن عدد جرائم إشهار السلاح في عام 2021 زادت في الولايات المتحدة فوق 1.3 مليون حادث، وهو الرقم المسجل عام 2020.

أسباب تفشي العنف

وتتعدد الأسباب التي نشرتها «نيوز نيشن» وغيرها من الدراسات وراء تفشي العنف في الولايات المتحدة الأمريكية، ففي الوقت الذي يرجع فيه البعض مثل شاوندرا كيلان لويس، أستاذة القانون في جامعة تكساس الجنوبية، ارتفاع أعمل العنف إلى العزل المنزلي، وجائحة كورونا، والضغوط المالية، وارتفاع التضخم لأول مرة منذ 40 عاماً في الولايات المتحدة إلى 7%، إلا أن هناك البعض الذي يرى أن المجتمع الأمريكي يعاني من مشاكل جديدة، لا يمكن إنكارها؛ مثل الانقسام السياسي الحاد، وعدم اتفاق الجمهوريين والديمقراطيين على التعديلات التشريعية التي تحد من ظاهرة شراء السلاح، ودور لوبيات ونقابات بائعي السلاح، لكن الأخطر هو القتل على أساس عنصري مثل استهداف الآسيويين، وعدم شعور الأمريكيين بالأمان، وهو ما أدى لدخول شرائح واسعة من المجتمع الأمريكي لدائرة شراء الأسلحة الشخصية.

فما هي أبعاد الارتفاع القياسي في جرائم القتل في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل من حلول لدى البيت الأبيض قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس؟ وماذا عن دور التعديل الثاني للدستور الأمريكي في هذه القضية الحساسة لدى الأمريكيين؟ وماذا عن الأسلحة غير المسلسلة والهجومية التي يعمل بايدن على حظرها؟

أرقام قياسية

تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر دول العالم التي يمتلك مواطنوها المدنيون أسلحة، وهو ما جعلها تتصدر أيضاً قائمة الدول التي ترتكب فيها جرائم بالأسلحة الشخصية، ووفق مركز الدراسات الاستقصائية للأسلحة الصغيرة ومقره سويسرا، فإن مواطني الولايات المتحدة كان لديهم نحو 393 مليون قطعة سلاح عام 2019، وبهذا يمتلك الأمريكيون 42% من إجمالي الأسلحة الشخصية في العالم، رغم أنهم لا يشكلون إلا 4.4% فقط من سكان الأرض، الذين لديهم نحو 857 مليون سلاح. وبحسب مسح أجراه مركز «بيو»، فإن نحو 5 من كل 10 أمريكيين يمتلكون السلاح، وقال 72% من الأمريكيين إنهم استخدموا السلاح لمرة واحدة على الأقل، وتنتج الولايات المتحدة نحو 6 ملايين قطعة سلاح فردي، يشتري السوق المحلي منها نحو 95%، ولهذا ساهم انتشار السلاح وسهولة شرائه في انتشار جرائم القتل في الولايات المتحدة.

خلال الفترة من 1966 حتى عام 2012، وقعت على الأراضي الأمريكية 31% من مجموع حوادث إطلاق النار الجماعي في العالم، كما أن وجود السلاح في المنزل أو قريب من المجرم ساهم في ارتكاب الجريمة بالسلاح الناري، ووفق جامعتي ألاباما وأنديانا بوليس، فإن كل زيادة 10% في انتشار السلاح زادت من ارتكاب جرائم القتل بنسبة 13%، ودفع الشعور بعدم الأمان شرائح جديدة من المجتمع الأمريكي لشراء السلاح، وخاصة من ذوي البشرة السمراء والنساء، حيث دخل نحو 20% من الأمريكيين دائرة حائزي السلاح لأول مرة في حياتهم، ونصف الحائزين الجدد على السلاح كانوا من النساء، بينما شكل ذوو البشرة السمراء واللاتينيون 20% من الذين حصلوا على السلاح لأول مرة.

استهداف الآسيويين

مراجعة الأرقام خلال السنوات الثلاث الماضية، تقول إن جرائم القتل في الولايات المتحدة ترتفع يوماً بعد الآخر، لكن الغريب أن مدناً وولايات عرفت بالأمان، باتت تعاني من جرائم القتل بشكل غير مسبوق، إذ كانت نيو أورلينز الأعلى في العنف عام 2021، جاء بعدها سينسيناتي وأتلانتا وبالتيمور وممفيس وميلووكي ولويزفيل ونورفولك وديترويت ودالاس. ويعد العام السابق الأسوأ للأمريكيين من أصول آسيوية، فوفق تقرير حقوق الإنسان الصادر عن الخارجية الصينية في 22 فبراير الماضي، والتي قالت فيه إن «فيروس العنصرية المتجذر في الولايات المتحدة، انتشر جنباً إلى جنب مع فيروس كورونا». كما توسعت الفجوة الاقتصادية بين الأعراق بشكل ملحوظ، وتدهورت المساواة العرقية بشكل متزايد، وسجلت منظمة أوقفوا الكراهية ضد الأمريكيين الآسيويين والمحيط الهادئ في الفترة من 19 مارس 2020 وحتى 30 سبتمبر 2021 نحو 10370 شكوى عن هجوم عنصري ضد الأمريكيين من أصول آسيوية. هذه الحقائق تتفق مع السياق العام لارتفاع جرائم الكراهية في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية.

المناكفات السياسية

وجاء التعديل الثاني للدستور الأمريكي ليمنح بصراحة ووضوح كاملين الأمريكيين حق شراء السلاح، ليشكل العقبة الأولى أمام سيطرة الدولة على مبيعات السلاح، فغالبية بائعي ومنتجي السلاح يميلون للحزب الجمهوري، ولهذا يرفض غالبية ممثلي الجمهوريين سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو حتى حكام وبرلمانات الولايات الجمهورية أي توجه لتقليص أو تضييق هذا الحق.

إقرأ أيضاً..أقمار تجسس تخترق مختبر سلاح الجو الأمريكي السري

خطة خماسية

ويدرك البيت الأبيض أن استخدام السلاح الشخصي في ارتكاب الجرائم ومقتل نحو 106 مواطنين أمريكيين يومياً، بحسب الرئيس بايدن، قد يضعف موقف الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي القادمة، لذلك طرح البيت الأبيض خطة من 5 محاور للتعامل مع هذه الظاهرة:

1. منع إنتاج الأسلحة التي لا تحمل رقماً تسلسلياً، وهي الأسلحة التي ليس لها أرقام عند شرطة الولاية أو الشرطة الفيدرالية.

2. تقديم خدمات وأنشطة للطلاب في شهور الصيف ليكونوا بعيداً عن العنف، ودمج السجناء السابقين في جرائم عنف في المجتمع.

3. الحد من بيع البنادق والأسلحة الهجومية والسريعة، ومنع تهريب السلاح بين الولايات.

4. دعم الشرطة الأمريكية وهي خطة تحدث عنها بايدن أثناء الحملة الانتخابية.

5. إصدار تشريعات صارمة ضد مبيعات السلاح وهو محور يجد صعوبة كبيرة من حكام الولايات وأعضاء الكونغرس الجمهوريين.

تحدٍ مزدوج

يواجه الرئيس بايدن انتقادات مزدوجة من الحزبين، بشأن قضية انتشار السلاح والجريمة في الولايات المتحدة، فمن ناحية ينتقده الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي لأنه لم يتخذ ما يلزم لوقف العنف، ومن ناحية أخرى ينتقده الجمهوريون بأنه يريد خرق التعديل الثاني من الدستور. ووسط هؤلاء وهؤلاء، لا بد لبايدن أن يجد طريقاً ثالثاً قبل انتخابات التجديد النصفي في شهر نوفمبر القادم، والتي تقول كل المؤشرات إن قضية السلاح والجريمة في المجتمع الأمريكي ستكون في صدارة ملفاتها، بحسب «فاينانشيال تايمز» البريطانية.