الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

الغرافيت.. قلق من سيطرة الصين على «مادة المستقبل»

الغرافيت.. قلق من سيطرة الصين على «مادة المستقبل»

شركة تسلا بدأت جهود تأمين إمدادات الغرافيت بعيداً عن الصين.

في الوقت الذي يعتبر فيه «الغرافيت» مادة استراتيجية يتوقف عليها المستقبل، نظراً لاستخداماتها المتعددة؛ ومن بينها أنه لا غنى عنها في صناعة السيارات الإلكترونية، تسيطر الصين على إنتاج «الغرافيت»، سواء الطبيعي أو الاصطناعي، بنسب تفوق الـ50% على المستوى العالمي، وهو ما يبعث، بحسب تقرير للموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، على القلق في فترة تزيد فيها التوترات الجيوسياسية، في حين ترتفع أصوات من الولايات المتحدة الأمريكية تنادي بضرورة تأمين إمدادات «الغرافيت»، من بينها إيلون ماسك، صاحب شركة «تسلا» الرائدة في صناعة السيارات الإلكترونية، الذي بدأ في التحرك لتأمين إمدادات شركته من هذه المادة الاستراتيجية بعيداً عن الصين. ويستخدم هذا المعدن الأسود الهش في العديد من الأغراض؛ من مكابح الفرامل، إلى البطاريات القلوية، وصناعة المعادن، ومواد التشحيم، وطلاء علب الصفيح، لكنه أصبح قبل كل شيء عنصراً أساسياً في البطاريات الكهربائية. ويوضح ماثيو ليجيرينيل، الجيولوجي في مكتب البحوث الجيولوجية والمعدنية في فرنسا، الخدمة الجيولوجية الوطنية: «على عكس الكوبالت مثلاً، الذي يمكن استبداله، فإن الغرافيت ضروري في هذا المجال».

عصر التحول المناخي

وكما هو الحال مع العديد من المعادن والمواد الخام الأساسية في عصر التحول المناخي، تتحكم بكين، بحسب تقرير للموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، في سوق «الغرافيت» من بعيد، سواء أكان طبيعياً أم صناعياً. وتنتج الصين أكثر من 60% من «الغرافيت» الطبيعي المستخرج من نحو مائة منجم، متقدمة بفارق كبير على موزمبيق، والبرازيل، ومدغشقر، والهند، وبكميات صغيرة عن روسيا، وتركيا، وأوكرانيا. وتنتج بكين أيضا 50% من «الغرافيت» الاصطناعي، وهو أكثر استخداماً في العالم اليوم من ذلك المستخرج من الأرض، وينتج خارج الصين في البلدان التي بها مصافي النفط، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وفرنسا. ويتطلب تصنيع الغرافيت الاصطناعي، الذي يتم الحصول عليه عن طريق المعالجة الحرارية عالية الحرارة لمزيج من المواد المشتقة من النفط والفحم، وقتاً طويلاً، كما يعد مكلفاً، وسعره أعلى من سعر الغرافيت الطبيعي، بحسب جون بلاسارد، المتخصص في الاستثمار في المجموعة البنكية والمالية الدولية ميرابود ، موضحاً أن الغرافيت الصناعي يكلف من ضعفَين إلى ثلاثة أضعاف الغرافيت الطبيعي.

ويتيح «الغرافيت» الاصطناعي على مستوى صناعة السيارات زيادة كثافة الطاقة، وتقليل وقت شحن بطاريات أيونات الليثيوم المستخدمة لتشغيل الجيل الجديد من السيارات الكهربائية. وفي المركبات الهجينة، تعمل الإضافات المشتركة بين «الغرافيت»، وأسود الكربون، بشكل ملحوظ على تحسين التوصيل الكهربائي، وعمر وتشغيل البطاريات عالية الأداء، التي تحتوي على حمض الرصاص، وفق ما أوضحه جون بلاسارد. وتسيطر بكين على 90% من سوق «الغرافيت» الكروي، وهي خطوة معقدة وأساسية لتكييف المنتج مع البطاريات الكهربائية، وهي تبعية تبعث، بحسب «لوفيغارو»، على القلق في فترة من القيود المتكررة، التي تلقي بثقلها على النشاط الصيني، وتزايد التوترات الجيوسياسية، خاصة أنه مع التطور المتوقع لهذه المركبات الأقل تلويثاً، سينفجر الطلب على «الغرافيت» من أجل صناعة البطاريات. وقدرت السوق العالمية، بحسب «لوفيغارو»، بنحو 15 مليار دولار في عام 2019، وتقدر وكالة المعلومات المتخصصة Benchmark Mineral Intelligence أن الاحتياجات ستزداد بمعدل 18% في المتوسط سنوياً حتى عام 2030.

اقرأ أيضاً..«التهديد النووي».. أمريكا تعترف بفاتورة باهظة الثمن

ماسك يؤمّن إمداداته

وأعيد تشغيل منجم بالاما الكبير الشاسع في موزمبيق منذ بضع سنوات، ما ساعد على خفض الأسعار. ومع ذلك، في نهاية شهر مارس، بلغت قيمة الطن من «الغرافيت» متوسط ​​الرقائق 1350 دولاراً، مقارنة بـ650 دولاراً في بداية عام 2020، لكن هذا الإنتاج الجديد تشتريه الصين، التي لا تستطيع تلبية استهلاكها بإنتاجها المحلي، وتقوم بتحويلها إلى «غرافيت» كروي. وتعد القدرات المعدنية مهمة في أفريقيا، ولا سيما في تنزانيا، وناميبيا، ومدغشقر، وكذلك في أوروبا، لكن تشغيل منجم يتطلب ما لا يقل عن 10 سنوات، كما تعد القدرات الخاصة بالزيادة في الإنتاج الاصطناعي من «الغرافيت»، إذ يحتاج الأمر إلى الدراية، التي تراجعت في الاتحاد الأوروبي، وتمويل كبير، ووقت طويل، بحسب ماثيو ليغيرينيل. وبحثاً عن حلول، أبرمت شركة «تسلا» اتفاقية إنتاج في لويزيانا مع مجموعة Syrah Resources الأسترالية. ونظراً لعدم وجود بديل عن هذا المكون الرئيسي لمعظم البطاريات، من المرجح، بحسب ماتيو ليغيرينيل، أن ينفد هذا المعدن في المدى المتوسط، ويجب الشعور بالقلق بشأن إمداداته كما هو الحال مع النيكل أو الليثيوم.