الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

صدمة النفط.. «الركود التضخمي» يطارد منطقة اليورو

صدمة النفط.. «الركود التضخمي» يطارد منطقة اليورو

الوضع الاقتصادي الأوروبي الحالي شبيه بأوائل السبعينيات عندما حدثت أزمة النفط.

وسط مخاوف من تكرار سيناريو «صدمة النفط» لعام 1973، وبسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، وارتفاع أسعار المواد الطاقية، والتضخم غير المسبوق منذ 25 عاما، والنمو الذي يكاد يكون صفرا، تعيش منطقة اليورو بدايات ظاهرة «الركود التضخمي» الخطيرة، ووضعا اقتصاديا شبيها بأوائل السبعينيات عندما حدثت «أزمة النفط»، في ظل عدم زيادة الأجور، ما سيؤدي، بحسب تقرير نشره الموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، إلى «إفقار ما بين 15 و20 % من الأسر المتواضعة، وخلق أزمة اجتماعية»، مع إمكانية رفع البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة بعدما فعل ذلك نظيره الأمريكي.

ويعتبر «الركود التضخمي» مزيجا خطيرا بين «التضخم» و«ركود النمو»، يمكن أن يهدد الاقتصاد الأوروبي، بحسب تقرير «لوفيجارو»، الذي أوضح أن الحرب في أوكرانيا تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة، مما أدى إلى تضخم بنسبة 7.5 % في منطقة اليورو، التي لم تسجل هذا الرقم منذ 25 عاما مضت، إلى جانب نمو يقترب من الصفر (0.2 % في الربع الأول).

وضع شبيه بـ «أزمة النفط» لعام 1973

وتحدث هذه الظاهرة، وفق تقرير «لوفيجارو»، بشكل عام بعد صدمة تؤثر على إنتاج الشركات، والأسعار، والوظائف، وهو الوضع الذي كان بشكل خاص في أوائل السبعينيات عندما حدثت «أزمة النفط»، ويقارن بالوضع الاقتصادي الحالي، إذ نشر المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا مؤشرات تثير بالفعل، بحسب تقرير «لوفيجارو»، المخاوف من بداية «الركود التضخمي»، إذ قدر النمو الفرنسي في الربع الأول بحوالي ناقص 0.05 % ، وبلغت نسبة التضخم 4,8 % خلال عام واحد، وهو رقم قياسي لم يسجل منذ 40 عاما تقريبا.

وقام أعضاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول في عام 1973 بحظر نفطي، لإجبار الدول الغربية على دفع إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967.

وقدر وزير الاقتصاد والمالية في فرنسا، برونو لومير، في بداية مارس الماضي، أن أزمة الطاقة الحالية، التي تميزت بارتفاع الأسعار، «يمكن مقارنتها من حيث الحدة والقسوة بصدمة النفط عام 1973»، وهو رأي لا تتقاسمه رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إذ قالت في مقابلة مع صحيفة «ديلو» السلوفينية اليومية، إنه على الرغم من أن الدرجة غير المعتادة من عدم اليقين قد تعني تباطؤا مشتركا في النمو وتضخما مرتفعا، إلا أن الوضع الحالي لا يمكن مقارنته بذلك الخاص بالسبعينيات"، لأن التضخم كان أعلى قبل 50 عاما، إذ بلغ 8.5 % في فرنسا، وتسبب الارتفاع العام في الأسعار في زيادة الأجور، وهو ما لا نراه اليوم، بحسب لاغارد.

أزمة اجتماعية

وأبرز تقرير «لوفيجارو» أن ذلك يعني أن الأجور لا تزيد بسرعة التضخم، وهو خبر سيء بالنسبة للأسر، التي ترى أن قوتها الشرائية تتراجع، لكنه أمر إيجابي بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي. ويقول مدير أبحاث الاقتصاد الكلي لمجموعة «ساكسو بنك»، كريستوفر ديمبيك، إن «البنك المركزي الأوروبي يأمل أن تؤدي هذه الخسارة في القوة الشرائية إلى انخفاض الطلب، وبالتالي انخفاض التضخم»، مبرزا أنها «استراتيجية محفوفة بالمخاطر، لأنها قد تؤدي إلى إفقار ما بين 15 و20 % من الأسر المتواضعة، وتؤدي إلى أزمة اجتماعية»، بحسب ما نقله موقع «لوفيجارو» عن ديمبيك.

اقرأ أيضاً.. التغيرات المناخية تفاقم أزمة النزوح في الشرق الأوسط

وبين تقرير «لوفيجارو» أنه إذا كانت الزيادة في الأجور لا تواكب هذه الضغوط التضخمية، فإن استهلاك الأسر مهدد بالتراجع، وهو ما حدث بالفعل وفقا لأحدث أرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا، التي تم نشرها في فبراير الماضي (ستنشر الأرقام التالية في نهاية مايو)، وقد يتفاقم الوضع أكثر من ذلك في المستقبل. كما انهار مؤشر ثقة الفرنسيين، الخاص بالاستهلاك، في أبريل إلى أدنى مستوى لم يتم الوصول إليه منذ نهاية عام 2018، خلال الحركة الشهيرة لـ «السترات الصفراء».

الحلول المطروحة

ولمحاربة «الركود التضخمي»، هناك حلان، بحسب تقرير «لوفيجارو»، يتمثلان في إنعاش النمو، أو تقليل التضخم.

وأوضح الخبير الاقتصادي، نيكولا بوزو، أنه لإنعاش النمو، يجب الابتكار والعمل أكثر ما يقلل من البطالة، أي يجب، بمعنى آخر، بحسب لوفيجارو، تأجيل سن التقاعد، في حين يكمن الخيار الآخر في تقليل التضخم، وهو ما يظل بيد البنك المركزي الأوروبي، عن طريق رفع أسعار الفائدة، وهو ما فعله نظيره الأمريكي بالفعل. وفتحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع إمكانية رفع سعر الفائدة لأول مرة هذا الصيف، إذا استمر التضخم عند مستوى مرتفع. وبالنسبة لمعظم الاقتصاديين، يمكن أن يصل ارتفاع الأسعار، أو حتى يتجاوز، 7 أو 8 % بحلول نهاية العام.

اقرأ أيضاً.. أمر أميري بقبول استقالة رئيس الوزراء الكويتي والوزراء

ويمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى توقف النشاط الاقتصادي، لأن تكلفة النقود ستكون أعلى. كما يمكن أن يؤثر ذلك على استهلاك الأسر، واستثمار الشركات، إضافة إلى أن الحصول على قرض عقاري لشراء سكن سيصبح أكثر تعقيدا، وبالتالي سيكون هذا الحل، بحسب «لوفيجارو»، أكثر ضررا، لأن النمو يتأثر بالفعل بعواقب الحرب في أوكرانيا، ولذلك أصبح من الملح ألا تقوم البنوك المركزية بتشديد سياستها النقدية بسرعة كبيرة وبشكل مفرط.

وفي ما يخص الدول، فسيكون من الجيد بالنسبة إليها، بحسب المصدر نفسه، الانخراط في سياسات مالية حقيقية لدعم الطلب والانتقال الطاقي، وأن يكون ذلك مصحوبا بسياسة صناعية طويلة الأجل، وفقا لتحليل دكتور الاقتصاد، والباحث في مختبر «BETA» لجامعة لورين، رافاييل ديديي.